رئيس البرازيل يدعو مجموعة البريكس لإصلاح النظام المالي الدولي لتحقيق عدالة اقتصادية

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا

في خطاب شديد اللهجة يعكس مخاوف الأسواق الناشئة والدول النامية، انتقد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بشدة النظام الاقتصادي والمالي الدولي خلال جلسة «السلام والأمن وإصلاح الحوكمة العالمية» ضمن فعاليات قمة بريكس المنعقدة في ريو دي جانيرو، مشيرًا إلى أن «العالم يزداد خطورة» بسبب تآكل النظام الدولي الحالي، الذي يفضل تمويل النزاعات على حساب الاستقرار والتنمية الاقتصادية المستدامة.

وأكد لولا أن المجتمع الدولي بات يوجه الموارد نحو سباق التسلح على حساب استثمارات التنمية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على قدرة الدول النامية على تحقيق أهدافها الاقتصادية، وتخفيف حدة الفقر، وتحقيق استقرار الأسواق وسط أزمات مالية متلاحقة يعاني منها العالم.

انتقادات حادة للنظام المالي الدولي

قال الرئيس البرازيلي إن النظام الدولي «ينهار أمام أعيننا»، مشيرًا إلى أن قمة بريكس تأتي هذا العام في ظل أكثر الأوضاع الدولية سوءًا على الإطلاق، حيث فشل المجتمع الدولي في توفير التمويل اللازم لدعم التنمية، وفضّل توجيه الإنفاق نحو المجالات العسكرية.

وأوضح لولا أن المؤسسات الدولية، بما فيها مجلس الأمن، فقدت مصداقيتها، وأصبح من الأسهل على الدول تخصيص 5% من الناتج المحلي للنفقات العسكرية، بينما تتجاهل الالتزام بنسبة 0.7% فقط للمساعدات الإنمائية، مؤكدًا أن الموارد متاحة عالميًا لتحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030، لكن غياب الإرادة السياسية يعرقل تحقيق التوازن الاقتصادي والتنمية المتوازنة بين الدول.

ازدواجية المعايير تضرب استقرار الاقتصاد العالمي

وانتقد الرئيس البرازيلي الازدواجية في التعامل مع الأزمات العالمية، معتبرًا أن القانون الدولي أصبح «حبراً على ورق»، بينما تزايدت النزاعات في العالم إلى مستويات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، ما ينعكس سلبًا على استقرار سلاسل الإمداد والأسواق، ويزيد من حالة الغموض وعدم اليقين في الاقتصاد العالمي.

وحذر لولا من أن القرارات الأخيرة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تؤدي إلى تأجيج سباق التسلح، مما يزيد من حدة الأزمات الاقتصادية، بينما يُعاد تدوير الخطابات القديمة لتبرير التدخلات غير القانونية التي تؤثر على استقرار الأسواق العالمية.

موقف متوازن بشأن الأزمات العالمية

وفيما يتعلق بالصراعات القائمة، أدان لولا هجمات حركة حماس، لكنه وصف ما تقوم به إسرائيل في غزة بأنه «مجزرة لا يمكن السكوت عنها»، مطالبًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، باعتبار ذلك خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وانعكاساته الاقتصادية.

كما أعاد التأكيد على موقف بلاده الداعم لوحدة الأراضي الإيرانية والأوكرانية، موضحًا أن إنهاء الحرب في أوكرانيا يحتاج إلى حوار مباشر ومبادرات ملموسة، مستشهدًا بمبادرة «مجموعة أصدقاء السلام» التي أطلقتها الصين والبرازيل بالتعاون مع دول من الجنوب العالمي، وهي خطوة مهمة للحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة والحبوب.

دعوة لإصلاح النظام الاقتصادي والمالي الدولي

وفي ختام كلمته، دعا لولا مجموعة بريكس إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية في الدفع نحو إصلاح شامل للنظام المالي والحوكمة العالمية، بما في ذلك إصلاح مجلس الأمن الدولي ليصبح أكثر عدالة وتمثيلًا وفعالية، من خلال ضم أعضاء دائمين من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، مؤكدًا أن ذلك ليس فقط مطلبًا للعدالة، بل ضرورة لضمان استقرار النظام الدولي والأسواق المالية.

وشدد على أن «كل يوم يمر ونحن نتمسك بهيكل دولي عفا عليه الزمن، هو يوم يضيع على العالم في مواجهة الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي تزداد تعقيدًا، وتؤثر على فرص تحقيق نمو اقتصادي عادل ومستدام».