في مشهد دموي يعكس تصاعد العنف والانتهاكات في الجنوب السوري، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 12 مدنياً من أبناء الطائفة الدرزية في عمليات إعدام ميدانية نُفذت داخل مضافة بمدينة السويداء، عقب اقتحامها من قبل قوات من وزارتي الدفاع والداخلية التابعتين للحكومة السورية.
العملية التي وثّقتها مقاطع مصورة متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أثارت موجة غضب عارمة بين أبناء المدينة، وسط تقارير عن إذلال المدنيين وتخريب الممتلكات، تزامناً مع موجة نزوح جماعي غير مسبوقة نحو القرى والمناطق الريفية المجاورة.

مذبحة في مضافة آل رضوان
وذكر المرصد أن القوات النظامية أعدمت ميدانياً 12 مدنياً بعد اقتحام مضافة آل رضوان، أحد الرموز الاجتماعية البارزة في مدينة السويداء.
ووثّقت لقطات مصورة تداولها ناشطون عبر الإنترنت مشاهد مروعة لجثث مدنيين مضرجة بالدماء، ملقاة على الأرض أو فوق الأرائك، إلى جانب صور مشايخ دروز ممزقة وأثاث منزلي محطّم.
وأكدت وسائل الإعلام نقلا عن المصادر أن عناصر الاقتحام كانوا يرتدون زيًا عسكريًا مختلطًا بملابس مدنية.
إذلال علني عبر قص الشوارب
كشفت المقاطع المتداولة أيضًا عن انتهاكات مهينة بحق الأهالي، حيث أُجبر عدد من الرجال على قص شواربهم عنوة، وهي ممارسة ترمز إلى الإذلال في الثقافة المحلية، ما أثار استياءً واسعًا بين أبناء الطائفة الدرزية الذين اعتبروا الأمر "تعديًا متعمدًا على الكرامة".

موجة نزوح غير مسبوقة في محافظة السويداء
في ظل هذه التطورات، رُصدت طوابير طويلة من السيارات المدنية المحمّلة بالأمتعة والأطفال وهي تغادر المدينة، باتجاه القرى والبلدات الريفية شرقي وغربي محافظة السويداء.
وتحدثت تقارير ميدانية عن أن بعض العائلات خرجت دون وجهة محددة، مدفوعة بالخوف من تجدد الاشتباكات أو حملات اعتقال تعسفية بعد الانتهاكات الأخيرة.
الصور المنتشرة على المنصات الرقمية أظهرت حالة من الذعر الجماعي، عكست عمق الأزمة الإنسانية المتفاقمة في المدينة ذات الأغلبية الدرزية.
خلفية دامية: 116 قتيلاً خلال 48 ساعة
يأتي هذا التصعيد بعد مواجهات دموية اندلعت إثر حادثة اعتداء على شاب درزي قرب حاجز المسمية من قبل مجموعة عشائرية مسلحة، وهو ما فجّر سلسلة من عمليات الاحتجاز المتبادل، أعقبها قتال شرس بين الفصائل المحلية والعشائر، أسفر عن مقتل 116 شخصاً خلال يومين فقط.
انسحاب ثقيل واتفاق هش
وفي محاولة لاحتواء الوضع، أعلنت وزارة الدفاع السورية، على لسان الوزير مرهف أبو قصرة، عن اتفاق على وقف إطلاق النار، تبعه انسحاب دبابات ومدرعات من شوارع السويداء.
تولت قوات الأمن العام مسؤولية الانتشار بدلاً من الجيش، في خطوة فُسّرت بأنها محاولة لتهدئة الغضب الشعبي واسع النطاق بعد استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين.
غضب شعبي وانتقادات متصاعدة
الانتهاكات التي شملت الإعدامات والإذلال وترويع المدنيين، وُوجهت بانتقادات محلية ودولية حادة، وسط مطالبات بتحقيق دولي في الأحداث.
وتزداد المخاوف من أن تكون هذه الحملة الأمنية مقدمة لمرحلة جديدة من القمع والتصعيد في الجنوب السوري، في ظل هشاشة التفاهمات القائمة وفقدان الثقة بين المجتمع المحلي والسلطات الأمنية.
مشهد مفتوح على الانفجار
السويداء اليوم تقف على شفا أزمة أكبر، حيث لا تزال تداعيات الاقتحام الدموي، والإعدامات الميدانية، والنزوح الجماعي، ترخي بظلالها الثقيلة على مدينة السويداء التي عُرفت تاريخيًا بهدوئها واستقلاليتها.
وفي ظل غياب ضمانات حقيقية من الحكومة الانتقالية، يخشى المراقبون أن يتحول الغضب الشعبي إلى تصعيد مسلح شامل يعمّق الانقسام ويزيد من معاناة السوريين في واحدة من أكثر مناطق البلاد هشاشة وتوتراً.