في مشهد مأساوي غير مسبوق، تواصل حرائق الغابات في محافظة اللاذقية السورية ابتلاع مساحات شاسعة من المناطق الجبلية الحرجية، وسط جهود محلية وإقليمية مكثفة للسيطرة على النيران.
ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية الانتقالية، فقد امتدت رقعة الحرائق لتغطي أكثر من 15 ألف هكتار، مع تحذيرات من تفاقم الكارثة بسبب الرياح القوية ووعورة التضاريس.
اتساع النيران فى غابات اللاذقية رغم التدخل المكثف
تشير بيانات رسمية إلى أن الحرائق تواصل الانتشار بشكل سريع في شمال محافظة اللاذقية، رغم مشاركة أكثر من 150 فرقة إطفاء، مدعومة بـوحدات الدفاع المدني وفرق تطوعية محلية.
وقد تم إرسال 300 سيارة إطفاء، إضافة إلى عشرات الآليات الهندسية الثقيلة التي تعمل على إنشاء خطوط نارية وحواجز اصطناعية لمنع امتداد النيران.
دعم إقليمي واسع
في ظل ضخامة الكارثة، استجابت دول مجاورة لنداءات الإغاثة، حيث تشارك فرق إطفاء من تركيا والأردن بالفعل في عمليات إخماد حرائق غابات اللاذقية، فيما ينتظر وصول فرق عراقية خلال الساعات المقبلة.
كما ساهمت 16 طائرة إطفاء جوية من تركيا والأردن ولبنان في إسقاط كميات كبيرة من المياه ومواد مثبطة للحرائق فوق المناطق المتضررة.
التحديات الميدانية: ألغام ورياح وأرض وعرة
أوضحت وزارة الطوارئ السورية أن جهود الإطفاء تواجه عقبات جسيمة، أبرزها الرياح القوية التي تسهم في زيادة سرعة انتشار الحرائق، ووجود ذخائر غير منفجرة وألغام تعود لفترات النزاع، ما يعوق تحرك الآليات ويفرض خطراً على طواقم الإنقاذ.
وأشار التقرير إلى أن فرق الطوارئ اضطرت في بعض المناطق إلى التراجع أو تغيير مسار عملياتها بسبب الانفجارات المفاجئة الناجمة عن الألغام المطمورة.
قلق بيئي وإنساني متصاعد
تمثل هذه الحرائق تهديداً بيئياً خطيراً، إذ تُعد غابات اللاذقية من أهم الأنظمة البيئية في سوريا، وتضم تنوعاً نباتياً وحيوانياً كبيراً.
كما أن استمرار الحرائق يهدد قرى جبلية مأهولة ويضع عشرات العائلات في مرمى الخطر.
وقد بدأت حالات نزوح محدودة من بعض القرى، مع مطالبة السكان بتأمين مراكز إيواء وإمدادات غذائية وصحية.
دعوات دولية للتدخل العاجل
في ظل تصاعد حجم الكارثة، أطلقت منظمات بيئية وإنسانية محلية ودولية نداءات عاجلة لتقديم المساعدة، بما في ذلك معدات إطفاء متطورة وطائرات إضافية، وسط مطالبات بإعلان المنطقة منطقة كوارث بيئية.
وحذّرت هذه الجهات من أن استمرار الحرائق قد يؤدي إلى خسائر لا تُعوض في الغطاء الحرجي السوري، ناهيك عن الانعكاسات الصحية والاقتصادية على المدى القريب والبعيد.
كارثة حرائق اللاذقية تسلط الضوء على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة تداعيات التغير المناخي وغياب الاستقرار الأمني.
وفي ظل استمرار تصاعد الدخان من الجبال، يبقى الأمل معلقاً على سرعة الاستجابة وتوسيع الدعم اللوجستي لإنقاذ ما تبقى من هذه الغابات.