بين مؤشرات إيجابية تُبشّر بقرب الإعلان عن هدنة إنسانية مؤقتة في قطاع غزة، وتصعيد ميداني غير مسبوق تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعيش غزة لحظة حرجة تختلط فيها الآمال بالخوف، والمفاوضات بالقصف، في ظل تدهور إنساني غير مسبوق يهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني داخل القطاع المحاصر.
تتوالى التطورات على أكثر من صعيد، في الوقت الذي تقترب فيه صفقة تبادل جزئية من التبلور بين حركة "حماس" وإسرائيل، عبر وساطة دولية تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة، تمهد لهدنة إنسانية تمتد لشهرين، قد تكون بداية نحو تسوية أوسع.
الهدنة على الأبواب بفضل الوساطة المصرية والضغط الشعبي
قال الكاتب السياسي وعضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين، ثائر أبو عطيوي، إن ما يجري خلف الكواليس يُشير إلى اقتراب الإعلان عن هدنة إنسانية مؤقتة، بعد جهود مكثفة بذلتها القاهرة خلال الأسابيع الماضية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وتجاوز النقاط الخلافية.
وأوضح أبو عطيوي في تصريحات لـ "الفجر"، أن التنسيق الثلاثي بين مصر وقطر والولايات المتحدة أسفر عن تعديلات هامة على بنود الصفقة، وهو ما ساهم في تقريب المسافات بين "حماس" وإسرائيل، وجعل الإعلان الرسمي عنها مسألة أيام فقط.

وأشار إلى أن هذه الهدنة باتت مطلبًا فلسطينيًا جماهيريًا في ظل المجاعة التي تضرب القطاع جراء إغلاق المعابر ومنع إدخال الغذاء والدواء منذ أكثر من أربعة أشهر، فضلًا عن أنها تحظى بضغط دولي متزايد، وحتى إسرائيلي داخلي، للمطالبة بالإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
قصف المدنيين آلية ضغط إسرائيلية للحصول على تنازلات في صفقة التبادل
من جانبه، قال الباحث في الشؤون العربية والدولية هشام البقلي، في تصريح خاص لـ "الفجر"، إن التصعيد العسكري الإسرائيلي يعكس استراتيجية الضغط القصوى التي ينتهجها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بهدف انتزاع أكبر قدر من المكاسب في مفاوضات التبادل، وفرض اشتراطات قاسية على الفصائل الفلسطينية.
وأضاف أن حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، بضغط من شخصيات متشددة مثل "سموتريتش" و"بن غفير"، تسعى إلى إفشال أي جهود نحو هدنة دائمة، وتسويق استمرار الحرب كضرورة أمنية داخلية، مشيرًا إلى أن سياسة "الخنق حتى الموت" التي تُمارس ضد غزة لن تثمر عن سلام أو استقرار.

وأكد البقلي أن قصف المدنيين، وخصوصًا أولئك الذين ينتظرون المساعدات الغذائية والطبية، هو جزء من آلية الضغط السياسي الإسرائيلية، لكنه وصفها بـ "السياسة اللا إنسانية" التي تزيد من تعقيد الأوضاع دون أن تفضي إلى أي نتائج بنّاءة أو انفراجة حقيقية في ملف الهدنة.
في النهاية الموقف في غزة أصبح عند مفترق طرق بين هدنة باتت وشيكة وفق المؤشرات، وبين تصعيد دموي ميداني قد ينسف كل ما تحقق على طاولة التفاوض. وبين هذا وذاك، يبقى الشعب الفلسطيني الضحية الأبرز، في انتظار انفراجة تعيد الأمل وتوقف نزيف الدم المستمر.