بينما يقضي البابا ليون الرابع عشر بابا الفاتيكان عطلة صيفيّة قصيرة في الفيلات البابويّة في كاستل غاندولفو من 6 حتى 20 يوليو ، فسنستعرض خلال السطور التالية رؤية البابوات السابقين لمعنى العطلة، وأهميتها في حياة الإنسان، خصوصًا من الناحية الروحيّة والإنسانيّة.
في زمن يزداد فيه الإيقاع اليومي تسارعًا، تُعدّ العطلات، بحسب عدد من الحبر الأعظم، أكثر من مجرد استراحة جسديّة؛ إنها وقت للتأمل، والصداقة، والتجدّد الروحي، ولقاء الطبيعة والخالق.
الراحة والتأمل… لا الكسل
شدّد البابوات مرارًا على أن العطلة ليست دعوة إلى الكسل، بل فرصة لاستعادة التوازن الداخلي والانفتاح على الجمال الذي يحيط بنا. البابا بولس السادس وصف الطبيعة بأنها “كتاب الله”، مفتوح دومًا ومليء بالدهشة، ودعا إلى تأمل البحر والجبال والسماء والنجوم، ورؤية الخلق كمصدر للتجدد الروحي والمعنوي.
بولس السادس: القراءة والتعرّف على الآخرين
في عظته الشهيرة عام 1973، دعا البابا بولس السادس إلى عدم إهدار العطلة في الترف أو الأنانيّة، بل إلى استثمارها في “القراءات الجادة”، وزيارة الأماكن الغنيّة بالتاريخ والفن، وتكوين صداقات جديدة. بالنسبة له، العطلة ليست هروبًا من الحياة، بل وسيلة لاكتشافها من زوايا مختلفة.
يوحنا بولس الثاني: التوازن هو مفتاح العطلة
عُرف البابا يوحنا بولس الثاني بحبّه للجبال وقضاء الوقت في الطبيعة، وقد رأى في العطلة فرصة للانسجام مع الذات، ومع الآخرين، ومع البيئة. شدّد على أهمية “العطلة الصحيّة”، خاصة للشباب، محذرًا من الوقوع في فخ الاستهلاك واللهو المفرط. واعتبر اللقاء مع الآخرين ومشاركة اللحظات الهادئة جوهر التجربة الصيفيّة.
بندكتس السادس عشر: الطبيعة تفتح أبواب التأمل
أما البابا بندكتس السادس عشر، فقد رأى في الطبيعة ملاذًا للتجدد الجسدي والروحي، وخاصة لسكان المدن الذين يحاصرهم صخب الحياة. من جبال وادي أوستا، تحدث عن الطبيعة كـ”كتاب بديع” يساعد الإنسان على اكتشاف ذاته والتقرّب من الله في هدوء التأمل.
فرنسيس: الصيف فرصة روحيّة للجميع
من جهته، دعا البابا فرنسيس في عام 2017 إلى اعتبار العطلة الصيفيّة فرصة لتعميق العلاقة مع الله. حتى أثناء السفر أو الترفيه، يمكن للإنسان أن ينمّي التزامه الروحي. ولم ينسَ أن يرفع صلاته من أجل الذين لا يستطيعون أخذ عطلة، متمنيًا أن يكون صيفهم وقتًا للفرح بفضل الأصدقاء واللحظات الطيّبة.
عطلة البابا ليون الرابع عشر
يسير البابا لاون الرابع عشر على خُطا سابقيه، إذ يقضي أول عطلة له منذ انتخابه، في كاستل غاندولفو، وهي بلدة تبعد 25 كيلومترًا عن روما. فيلّات البابا هناك ليست مجرّد مكان للراحة، بل مساحة للسكينة والتأمل وسط الطبيعة، بعيدًا عن صخب المدينة.
عطلة بروح جديدة
ما بين القراءة، والطبيعة، والصداقات، والصلاة، يقدّم البابوات نموذجًا مغايرًا للعطلة الصيفيّة؛ نموذجًا يركّز على استعادة التوازن، والانفتاح على الجمال، والاقتراب من الله. ربما في كلماتهم دعوة لنا جميعًا: أن نعيد التفكير في طريقة قضائنا لأوقات الراحة، وأن نمنح الروح نصيبها من السكينة.