في تصعيد جديد يُنذر بتفاقم التوترات في البحر الأحمر، أعلن الحوثيون اليوم الأربعاء مسؤوليتهم عن الهجوم الذي استهدف سفينة الشحن "إترنيتي سي" قبالة السواحل اليمنية، والذي أسفر عن غرقها ومقتل ثلاثة من أفراد طاقمها، بينما لا يزال 19 آخرون في عداد المفقودين.
ويعد هذا الهجوم الثاني خلال أقل من 24 ساعة، بعد غرق سفينة "ماجيك سيز" الأحد الماضي، في سلسلة عمليات تهدد أمن الملاحة الدولية وحركة التجارة العالمية عبر أحد أهم الممرات البحرية.
الحوثيون يتبنون الهجوم ويوضحون التفاصيل
قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيون، يحيى سريع، في بيان نقلته وكالة "فرانس برس"، إن قواتهم استهدفت السفينة "إترنيتي سي"، مؤكداً أنهم قاموا بإنقاذ عدد من أفراد الطاقم وتقديم الرعاية الطبية لهم قبل نقلهم إلى "مكان آمن".
ويأتي هذا الإعلان بعد مرور يومين على الحادث، في وقت تتزايد فيه المخاوف من انزلاق المنطقة إلى فوضى بحرية شاملة، خاصة مع تكرار استهداف سفن مدنية في الممرات الدولية الحيوية.
ضحايا ومفقودون في أعقاب الغرق
بحسب مهمة "أسبيدس" الأوروبية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر، أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة من أفراد الطاقم، وهم كبير المهندسين، وأحد العاملين في غرفة المحركات، إضافة إلى متدرب شاب.
كما أصيب شخصان آخران، أحدهما كهربائي روسي فقد ساقه نتيجة الانفجار.
وفي بيان سابق اليوم، أعلنت "أسبيدس" إنقاذ ستة من طاقم السفينة، بينما لا يزال 19 شخصاً في عداد المفقودين، مؤكدة استمرار عمليات البحث والإنقاذ رغم صعوبة الظروف الميدانية.
الهجوم الثاني خلال 24 ساعة
الهجوم على "إترنيتي سي" لم يكن الوحيد، فقد تبنّى الحوثيون أيضاً هجوماً سابقاً استهدف سفينة الشحن "ماجيك سيز" يوم الأحد، والتي غرقت بدورها، لكن تم إنقاذ طاقمها بالكامل.
وتُظهر هذه الهجمات المتتالية تغيراً نوعياً في أسلوب استهداف السفن، مع تحوّل العمليات من تهديدات مباشرة إلى تنفيذ فعلي لهجمات قاتلة على السفن التجارية، ما يُفاقم من تهديد الملاحة العالمية في البحر الأحمر وخليج عدن.
تداعيات خطيرة على التجارة الدولية والأمن البحري
يأتي التصعيد الحوثي في وقت يشهد فيه البحر الأحمر اضطرابات أمنية متزايدة منذ اندلاع الحرب في غزة، حيث أعلنت الجماعة مراراً أنها تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل أو الداعمة للعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين.
لكن الهجمات الأخيرة، بحسب مراقبين، تستهدف أيضاً سفناً غير مرتبطة مباشرة بإسرائيل، ما يفتح الباب لتساؤلات حول الأهداف الحقيقية للجماعة، وتأثير ذلك على حركة التجارة الدولية وحرية الملاحة.
ويُعد البحر الأحمر ممراً أساسياً لحركة النفط والبضائع بين آسيا وأوروبا، وأي اضطراب فيه قد يُحدث تأثيراً عالمياً واسع النطاق.
تصعيد إقليمي أم انضباط دولي؟
بينما تواصل القوات الأوروبية عمليات الإنقاذ، وتراقب القوات الأميركية والبريطانية الوضع عن كثب، يبرز سؤال كبير: هل نحن أمام مرحلة جديدة من استهداف الممرات البحرية، أم أن المجتمع الدولي سيتدخل لفرض خطوط حمراء تضمن حماية الملاحة؟
الهجوم على "إترنيتي سي" يمثل نقطة تحوّل خطيرة في النزاع الدائر، ويضع الأمن البحري في مرمى النيران بشكل غير مسبوق.