أخبار عاجلة

"حابة شوفك شي مرة".. بيسان الزيات تكشف لـ "مصر ...

"حابة شوفك شي مرة".. بيسان الزيات تكشف لـ "مصر ...
"حابة شوفك شي مرة".. بيسان الزيات تكشف لـ "مصر ...

"رفيقي صبحي الجيز تركني على الأرض وراح.. رفيقي الجيز حط المكنسة وراح.. ما قالي شو بقدر أعمل لملايين المساكين.. رفيق يا رفيق.. وينك يا رفيق".

 

هي لم تكن تغنّي… كانت تتنفّس، طفلة في بيت لبناني يقطر دفئا، تنام على صوت فيروز، وتصحو على ألحان مسرحية "ميس الريم " التي لا تُشبه إلا بيتها،  وتلعب وتضحك وتصفق على نغمات أغنية تك تك يا أم سليمان، هادئة، ذكية، ومرهفة الإحساس.

 

كانت تعرف صوته، لا كفنان، بل كظلّ يمرّ في البيت كل مساء، كأنّه فرد من العائلة،  لا يُرى، لكنّه حاضر دائما في كل شيء، وعندما أتاحت لها الإذاعة بابا عبر أثيرها، دخلت و لم تتردّد، كانت تعرف تماما من على الطرف الآخر، ولم تطلب شيئا، سوى  مرة واحدة، قائلة له: "حابّة شوفك شي مرة"، لم يكن اللقاء حكاية تُروى،  بل رجفة في القلب، مرّت بين صوت وآخر، ثم بقيت إلى الأبد، ومرت سنوات، غاب الصوت الكبير عن الدنيا، لكنّه لم يغب عنها، بقي ساكنا في تفاصيلها، كما كان في طفولتها بلا صورة، بلا موعد، لكنّه الأقرب دوما.. والأحنّ.

 

من جنوب لبنان، حيث كبرت الطفلة التي غنّت لزياد، تحدثت بيسان الزيات إلى "مصر تايمز"، بعد سنوات من تلك المكالمة، لتحكي عن زياد الرحباني، وعن الصدى الذي لم يفارقها، وعن المكالمة التي لم تكن مجرد حكاية إذاعية.. بل أغنية حقيقية عاشتها بصوتها وقلبها.

 

كيف بدأتِ علاقتكِ بالغناء في سن صغيرة؟ ومن أول من لاحظ موهبتكِ؟


لا توجد بداية درامية أو لحظة اكتشاف مفاجئة.. كل شيء بدأ في البيت، أمي كانت تغني لنا، لي ولأخي زياد، خاصة عند النوم،  كنت أردد الأغاني التي تحفظها هي، ومع الأيام بدأت أحفظ الكلمات، وأتماهى مع أصوات فيروز والرحابنة التي كانت تملأ بيتنا.


لم أتعامل مع صوتي كـ"موهبة" بالمعنى التقليدي، ولم أسعِ لتطويره أو صقله. لكن العائلة كانت دائمًا تقول لي: "صوتك جميل"، وهذا وحده كان كافيًا في تلك المرحلة.

 كيف وصل صوتكِ إلى الإذاعة؟ وما حكاية المكالمة الشهيرة مع زياد الرحباني؟


كنت أتابع برنامجًا إذاعيا يُبث على إذاعة "صوت الشعب" بعنوان "سهرية"، تقدّمه الإعلامية الرقيقة فاتن عزّام، كانت تستقبل مكالمات المستمعين الذين يطلبون أغاني فيروز، وكنت أتصل لأغني لها مقاطع قصيرة بمرور الوقت، باتت تنتظر اتصالي.


أما المكالمة مع زياد، فكانت في يومٍ استثنائي، هو لم يكن ضيفا على "سهرية"، بل كان ضيفا على برامج أخرى طوال اليوم، تحديدا مع الإعلامية ضحى شمس.


اتصلتُ كما أفعل دائما، لكن هذه المرة، قال لي والدي: "بدِك تحكي مع زياد؟"، ولم أصدق.. بعدها بلحظات، وجدت نفسي على الهواء مباشرة، أكلّمه.

 هل تتذكرين تفاصيل ذلك اليوم؟ أين كنتِ؟ وما الذي قيل لكِ قبل أن تسمعي صوته؟


كنت في المنزل، وكنت صغيرة جدا لا أذكر الكثير من التفاصيل، لكني أذكر أن مهندس الصوت قال لي ببساطة: "أنتِ على الهواء، يلّا احكي مع زياد".
كنت مصدومة.. كانت المرة الأولى، والوحيدة، التي أسمع فيها صوته حيا.

 

 رغم أن اللقاء كان عبر الهاتف شعرنا بارتباط روحي بينكما بماذا شعرتِ في تلك اللحظة كطفلة؟
شعرت بأن الدنيا لا تسعني من الفرح، كانت لحظة كبيرة لطفلة صغيرة تُحب هذا الفنان وتعيش في عالمه، لم أفهم كل شيء، لكن شعوري كان واضحا.. "أنا سعيدة جدا".

 

 حين قلتِ له: "حابّة شوفك شي مرة"، وأجابك: "خايف شوفك مرة.. بخاف بدنا نشوف بعض يوميا"، كيف شعرتِ؟ ومن هما "عمّو عبّاس" و"خالتو زينب"؟
حين قال لي ذلك، شعرت بالخجل.. "استحييت"، كما نقول باللهجة اللبنانية، لم أعرف كيف أرد.
أما "خالتو زينب"، فهي فعلا خالتي، زينب زهرالدين، وكانت ضمن كورال السيدة فيروز لسنوات طويلة، و"عمو عبّاس" هو زوجها، عبّاس شاهين، الفنان والممثل والمغني الذي شارك زياد الرحباني في أعمال كثيرة من المسرحيات إلى الإذاعة إلى الأغاني، كنت أسمع اسمه كثيرا في بيتنا.

 

 هل كنتِ تتمنين لقاء زياد وجهًا لوجه؟ وهل ظلّت تلك الأمنية معكِ وأنت تكبرين؟
نعم، في طفولتي كنت أتمنى رؤيته لكن مع الوقت، لم يعد الأمر حلما في حد ذاته، صرت أبحث عن حضوره من خلال صوته، أفكاره، موسيقاه، ومسرحياته، كنت أستمع وأفهم، وكلما فهمت أكثر، شعرت بأنه أقرب.

 

 من هو زياد الرحباني بالنسبة إليكِ؟ فنان؟ قدوة؟ أم شيء أعمق؟
زياد كان أكثر من فنان، هو كنز فني، صوت الناس، ذاكرة وجدان، وأسطورة لن تتكرر بالنسبة لي، هو حالة إنسانية نادرة.

141.jpg
بيسان الزيات في الطفولة 

 غنيتِ له "رفيقي صُبحي الجيز" عام 1996، ثم أعدتِ غناءها بعد رحيله كيف اختلف الإحساس بين المرتين؟
في 1996، كنت أغنيها بفرح طفلة، أعرف أنه يسمعني، وينتظر شيئا مني، وسيقول لي شيئا بعدها.
لكن حين أعدتُ غناءها بعد رحيله، كنت أدرك المعنى، هذه المرة لم يكن هناك رد، لم يكن هناك زياد في الطرف الآخر.. كنت أغنّي له لا معه الأغنية صارت رسالة وداع، وليست مجرّد أداء.

 

 لو كنتِ التقيتِ به وجها لوجه ماذا كنتِ ستقولين له؟
بصوت الطفلة والمرأة معا: "يا ريتك مش رايح… يا ريت بتبقى، تبقى على طول!"

 

 كيف أثّرت فيكِ أغاني السيدة فيروز وأنتِ طفلة؟
كانت فيروز جزءا من الطفولة، من البيت، من النوم، من الأحلام.
كنت أحب أغنية "تك تك يا أم سليمان" وأصفق معها، وأسميت ابني "شادي" لأنني أحب أغنية "أنا وشادي".
أمي كانت تغني لنا "بكوخنا يا ابني" و"بيتك يا ستي الختيارة" قبل النوم، بصوتها المليء بالحب والتنهيدات، فيروز لم تكن فقط مغنية نسمعها.. كانت طقسا يوميا في بيتنا.

 

 اسمك "بيسان" ليس  اسما عاديا هو اسم مدينة فلسطينية متى أدركتِ معناه الحقيقي؟ وكيف أثّر عليكِ؟
وأنا طفلة، كان اسمي غريبا على أصدقاء المدرسة، كانوا يطلبون مني تكراره ليفهموه، لكنني كنت أعرف منذ صغري أنه اسم مدينة في فلسطين، وأحببته، ومع مرور الوقت، وزيادة وعيي بالقضية الفلسطينية، صار الاسم جزءا من هويتي أنا من جنوب لبنان، ومنطقة الجنوب، مثل فلسطين، هي قضية مقاومة وكرامة وتاريخ، و اليوم أغني لأولادي كما غنّت أمي لنا، وأحرص أن يعرفوا أغاني فيروز وزياد، وأغاني الوجع والناس، في زمن ضجّ بأصوات بلا روح، أريدهم أن يعرفوا ما معنى أن تكون الأغنية وطنا.

في الختام.. بعض الذكريات لا تأتي بصوتها، بل تأتي بنبرتها، وبعض الأصوات وإن غابت عن الحياة، تظل حاضرة في قلوبنا، لأنها لم تكن فقط أصواتا، بل ملامح عمر، تشبه لهجة البيت، وحنان الأم، وتنهيدتها وهي تغنّي لأطفالها الأغاني القديمة كي يناموا.

 

كان حضور زياد في حياة بيسان، كخيط دافئ يمرّ بين الأيام، يربط الطفلة التي انتظرته أمام المذياع، بالمرأة التي كبرت وصوته لا يزال يسكن في تفاصيلها، لم يكن وجها لوجه، ولا لقاءا مؤجلا، بل ظلا ناعما يسير معها، خفيفا كالنَفَس، ثقيلا  كالشوق،  لم يُشبه أحدا،  ترك فيها أثرا لا يُشبه إلا نفسه، فكان زياد الرحباني في حياتها، حالة منفردة ومختلفة، في ناس كتير.. لكن بيصير ما في غيره.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تعريفات ترامب الجمركية تثير انقسامًا داخل الحزب الجمهوري وتحذيرات من تداعيات اقتصادية واسعة
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة