رغم صدور أحكام قضائية مشددة ضدهم، يواصل عدد من أخطر قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي الإقامة العلنية على الأراضي التركية، حيث يتمتعون بحماية سياسية وإعلامية مكشوفة، ويواصلون تحريضهم ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، في وقت تبذل فيه القاهرة جهودًا واسعة النطاق لملاحقة العناصر المتورطة في التخطيط لأعمال العنف وتمويلها وتنفيذها.
من بين أبرز هذه القيادات:
يحيى موسى: العقل المدبر لحركة "حسم" المسلحة والمتهم الرئيسي في اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات. لا يزال ينشط عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي محرضًا على مؤسسات الدولة، مهاجمًا الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومتوعدًا الجيش المصري، مستخدمًا لغة مباشرة تحريضية.
علاء السماحي: المخطط الاستراتيجي لحركة "حسم"، والمسؤول عن تسليح وتمويل عدد من الخلايا التي نفذت عمليات إرهابية داخل مصر.
أحمد عبد الهادي ومحمود فتحي: ضمن شبكة إلكترونية وإعلامية تدير عمليات التحريض والتجنيد من داخل إسطنبول، وتشارك في حملات تستهدف المؤسسات الأمنية والعدلية المصرية.
ورغم المطالبات المتكررة التي قدمتها القاهرة عبر القنوات الدبلوماسية، لم تُبدِ أنقرة أي تعاون جاد في تسليم هذه العناصر، ما يدفع مجددًا إلى التساؤل:
متى تسلم تركيا الإرهابيين؟ ومتى تنتهي سياسة الحماية الممنهجة لعناصر مدانة بالإرهاب؟
الإخواني مروان عثمان.. القبض عليه في ماليزيا
وفي تطور ميداني لافت ضمن جهود الدولة المصرية لمحاصرة تنظيم الإخوان على الساحة الدولية، تم توقيف الإخواني مروان محمد مجدي عثمان في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بعد مشاركته في تظاهرة معادية لمصر أمام السفارة المصرية.
عثمان، الهارب من مصر منذ سنوات، يُعرف بنشاطه في منصات تحريض إلكترونية تابعة للتنظيم، ويُعتقد أنه شارك في تنسيق محتوى إعلامي يروج للعنف، ويستهدف مؤسسات الدولة من الخارج، كما يرتبط بعدد من الشخصيات الإخوانية الهاربة في تركيا.
يأتي توقيفه في إطار تنسيق أمني بين القاهرة وعدد من العواصم الآسيوية لتعقب العناصر المتورطة في نشاطات تحريضية أو إرهابية، خاصة من يعملون على دعم الأذرع المسلحة للجماعة داخل مصر تحت لافتات سياسية أو حقوقية.
بيان الداخلية: تفكيك خلية "حسم" ببولاق الدكرور
في 20 يوليو الماضي، أعلن قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية عن توجيه ضربة استباقية قوية للتنظيم المسلح، حيث نجحت قوات الأمن في تفكيك خلية إرهابية تابعة لحركة "حسم" بمنطقة بولاق الدكرور في محافظة الجيزة.
العملية الأمنية أسفرت عن مقتل أحد العناصر الإرهابية خلال تبادل كثيف لإطلاق النيران، وضبط عنصر آخر، وإصابة أحد ضباط الشرطة، ووفاة مواطن تصادف وجوده بالمكان.
وبحسب بيان الداخلية، كانت الخلية تُعد لتنفيذ سلسلة عمليات إرهابية تستهدف منشآت شرطية واقتصادية بالعاصمة، وعُثر بحوزتها على أسلحة آلية وعبوات ناسفة وأدوات مراقبة واتصالات مشفرة، مما يشير إلى مستوى عالٍ من الدعم الفني والتنظيمي.
وأكدت التحقيقات أن الخلية كانت على اتصال مباشر بقيادات الإخوان الهاربة في الخارج، وعلى رأسهم يحيى موسى وعلاء السماحي، ما يؤكد استمرار التخطيط الإرهابي عبر شبكات عابرة للحدود.
خبراء الأمن: الخلية نموذج لإدارة إرهاب من الخارج
أكد عدد من الخبراء الأمنيين أن خلية "حسم" التي تم تفكيكها في بولاق الدكرور، تُعد نموذجًا واضحًا لطبيعة الدعم الخارجي الذي تتلقاه الجماعة الإرهابية، سواء في التسليح أو الاتصال أو التمويل.
وأشاروا في تصريحات صحفية إلى أن وجود أجهزة اتصال حديثة وأسلحة متطورة بحوزة الخلية يؤكد أن هناك غرف عمليات خارجية، خصوصًا في تركيا، تدير المشهد وتُصدر التعليمات، لافتين إلى أن يحيى موسى وعلاء السماحي يقودان هذا الملف من الخارج.
وأوضح الخبراء أن استمرار بعض الدول، وعلى رأسها تركيا، في توفير ملاذ آمن لهذه القيادات، يشكل تهديدًا صريحًا للأمن القومي المصري وللاستقرار الإقليمي ككل، ودعوا إلى تحرك دبلوماسي دولي ضاغط لإدراج هذه الكيانات ضمن قوائم الإرهاب العابر للحدود.
من كوالالمبور إلى بولاق.. لا ملاذ آمن
التحركات الأمنية المتزامنة في الداخل والخارج تؤكد أن الدولة المصرية قررت تطويق التنظيمات الإرهابية في كل مكان، سواء عبر تفكيك خلايا الداخل كخلية بولاق الدكرور، أو التعاون مع دول صديقة لضبط العناصر الهاربة كما في حالة مروان عثمان.
وفي ظل هذه التحركات المتقدمة، تتجدد الأسئلة أمام المجتمع الدولي
إلى متى ستواصل بعض الدول حماية الإرهابيين؟
ومتى تُسلِّم تركيا من تلطخت أيديهم بدماء المصريين إلى العدالة؟
العدالة لا تسقط بالتقادم، ومصر مستمرة في معركتها ضد الإرهاب بكل الوسائل، وبكل الاتجاهات، دفاعًا عن شعبها ومقدراتها وسيادتها.