تقارير وتحقيقات
السبت 02/أغسطس/2025 - 09:02 م

أجّج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صراع النفوذ المستمر مع روسيا، بإعلانه علنًا عن نشر غواصتين نوويتين أمريكيتين في "مناطق مناسبة"، وهي خطوة تهدف إلى توجيه رسالة متعمدة إلى الكرملين بعد رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهلة الهدنة الأخيرة التي حددها ترامب لأوكرانيا.
وفي حين أن البحرية الأمريكية تُحرّك أسطولها من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية بشكل روتيني - ٧١ غواصة، منها حوالي ٢٤ غواصة في البحر عادةً، فإن الإعلان العلني الصريح عن مثل هذه المناورات أمر نادر.
ووفقًا للخبراء، يُمثّل هذا خروجًا عن البروتوكول الأمني المعتاد، ما يُبرز نهج ترامب المميز: الاستعراضي، والمواجهة، والعزم على إبراز القوة للجمهور المحلي والخصوم الأجانب على حد سواء.
وجاء إعلان ترامب في أعقاب تعليقات استفزازية على الإنترنت من الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، الذي سخر من دبلوماسية ترامب في أوكرانيا وشبّهه بـ"جو بايدن النعسان"، وبالنسبة لترامب، فإن طلب الغواصات المعلن عنه لا يتعلق بسخرية ميدفيديف بقدر ما هو لفتة مدروسة بعناية موجهة إلى الرئيس بوتين.
وعلى الرغم من إيمان ترامب الراسخ بعلاقته الشخصية مع بوتين، إلا أن الخطاب الأخير من البيت الأبيض قد ازداد حدة، فقد انتقد ترامب بوتين علنًا، واصفًا أفعاله بأنها "مقززة" واتهم الزعيم الروسي بـ"التفوه بالكلام الفارغ". ومع ذلك، يُقدّم نشر الغواصات كإشارة ردع، لا تصعيد، مما يعزز عزم أمريكا دون إثارة مرحلة جديدة من سياسة حافة الهاوية النووية.
ويظل أسطول الغواصات الأمريكي ركيزة أساسية في استراتيجيته العالمية للردع، ومن بين الغواصات النووية الـ ٧١، هناك ١٤ غواصة من فئة أوهايو مزودة بصواريخ باليستية، كل منها قادرة على حمل ما يصل إلى ٢٠ صاروخًا نوويًا من طراز ترايدنت ٢.
وعادةً، يكون من ٨ إلى ١٠ منها في دوريات حول العالم في أي وقت، سمحت إشارة ترامب الغامضة إلى "الغواصات النووية" له بإبقاء خياراته مفتوحة، مستغلًا الغموض لتحقيق أقصى تأثير دبلوماسي، مع التأكيد على استعداده للتصرف بحزم بصفته القائد الأعلى.
أوضح المسئولون الأمريكيون أن الهدف من هذه الخطوة ليس الاستفزاز، بل تذكير موسكو بأن مهمة الأسطول الأمريكي لا تزال دفاعية في جوهرها: الردع، وليس الضربة الأولى.
ويزداد موقف ترامب تجاه روسيا صرامة، ويتجاوز الإشارات العسكرية. فهو يهدد بفرض عقوبات ثانوية على الدول التي تشتري الطاقة الروسية، وقد فرض بالفعل تعريفة جمركية عامة بنسبة ٢٥٪ تشمل الهند، وهي مستورد رئيسي للنفط الروسي. أشار ترامب إلى أن الصين قد تواجه عقوبات مماثلة، وقد تجد الدول الأوروبية - التي حثّ الكثير منها على اتخاذ إجراءات أشدّ صرامة ضد موسكو - نفسها مستهدفة مع اقتراب محادثات التجارة من مراحلها النهائية.
ويضم الاتحاد الأوروبي، الذي لا يزال أكبر مستهلك للغاز الروسي، العديد من أكبر مستوردي العالم. وقد يؤدي نظام التعريفات الجمركية المتطور الذي يفرضه ترامب إلى معاقبة هذه الدول، حتى مع سعيها لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد روسيا.
ويُعدّ نشر الغواصات النووية الأمريكية بمثابة تحذير واضح للرئيس بوتين، يُشير إلى استعداد ترامب لاستخدام القوة العسكرية والضغط الاقتصادي في سبيل تحقيق المصالح الأمريكية. ومع استمرار تصاعد التوترات، تعكس "دبلوماسية الغواصات" التي ينتهجها ترامب استراتيجيته الأوسع: التصرف علنًا، وإظهار العزم، وإعادة تحديد حدود مشاركة الولايات المتحدة على الساحة العالمية.