بنك , في أواخر القرن التاسع عشر، كانت مصر تخطو خطوات جادة نحو بناء اقتصاد حديث ومتطور. وفي هذا السياق، جاء تأسيس الأهلي المصري في عام 1898 ليُحدث تحول تاريخي في مسار العمل المالي والمصرفي في البلاد، ويُعد أول مؤسسة مصرفية مصرية ذات طابع وطني، وأحد أبرز معالم النهضة الاقتصادية التي شهدتها مصر والمنطقة العربية آنذاك.

انطلاقة مصرفية رسمية بتوجيه من الخديوي
تعود بداية تأسيس المصرف إلى فرمان رسمي أصدره الخديوي عباس حلمي الثاني بتاريخ 25 يونيو في عام 1898، يمنح الترخيص بإنشاء كيان مصرفي جديد تحت اسم “البنك الأهلي المصري”، برأسمال مبدئي قدره مليون جنيه إسترليني، بمشاركة مستثمرين بريطانيين وبيوت مالية كبرى في القاهرة.
لم يكن هذا الكيان مجرد كيان تجاري عادي، بل لعب أدوارًا متعددة تجاوزت حدود المهام المصرفية التقليدية. فقد منحته الحكومة المصرية في ذلك الوقت امتيازات خاصة، مكّنته من إصدار أوراق النقد المصري باسم البنك، وهو ما استمر حتى تأسيس البنك المركزي المصري رسميًا عام 1961، حيث تولى حينها هذه المهام بشكل مباشر.

البنك مساهم رئيسي في تشكيل البنية الاقتصادية للدولة
منذ لحظة انطلاقه، لعب المصرفدورًا استراتيجيًا في الاقتصاد المصري، حيث لم يقتصر عمله على إيداع الأموال ومنح القروض، بل اتسع نطاقه ليشمل تمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى، وتقديم الدعم للمشروعات الزراعية والصناعية، بالإضافة إلى المساهمة في تنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية.
كما قدّم قروضًا للحكومة، وأسهم في تأسيس شركات وطنية، وأدى دورًا محوريًا في دعم التنمية الاقتصادية، لا سيما في الفترات التي شهدت فيها مصر تحديات اقتصادية أو انتقالات سياسية مهمة. وكان وجوده بمثابة صمام أمان للاستقرار المالي، خاصة في ظل غياب المركزي حتى أوائل الستينيات.

وثيقة تأسيس أول بنك : بداية عصر مالي جديد
الوثيقة الرسمية التي تم بموجبها تأسيسه ، والمحفوظة حاليًا في دار الوثائق القومية، تُعد مرجعًا هامًا في تاريخ مصر المالي، إذ نصت على عدة بنود مهمة منها:
إنشاء شركة مساهمة وطنية باسم ” الأهلي المصري”.
تحديد مقره الرئيسي في وسط القاهرة.
منحه صلاحيات موسعة لمزاولة الأعمال المصرفية.
السماح له بإصدار أوراق نقدية بالاتفاق مع الحكومة.
هذه البنود لم تكن مجرد تفاصيل إدارية، بل كانت نقطة انطلاق لعصر جديد من التنظيم المالي الحديث، الذي مهد الطريق أمام تطور القطاع المصرفي المصري.

مؤسسة رائدة في عصر التحول الرقمي والشمول المالي
اليوم، يُعد المصرف الأهلي المصري أكبر بنك حكومي من حيث الأصول وعدد العملاء وعدد الفروع، حيث يضم شبكة واسعة من نحو 683 فرعًا تغطي كافة محافظات الجمهورية، وتتنوع بين الفروع التقليدية والإلكترونية، بالإضافة إلى الوحدات المتنقلة التي تسهم في توصيل الخدمات إلى المناطق النائية.
يخدم أكثر من 21 مليون عميل، ما يجعله قوة مصرفية كبرى في السوق المصري، وأحد الأعمدة الأساسية في تنفيذ سياسات الدولة الرامية إلى تحقيق الشمول المالي، وتوسيع قاعدة التعاملات الرقمية، ودعم توجه الدولة نحو التحول الرقمي في جميع القطاعات.