سبب وفاة الأطفال الستة.. الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ السموم في كلية الطب جامعة المنيا، أوضح أنه كُلف بمتابعة حالة الطفلتين الأكبر سنًا بين الأطفال الستة الذين توفوا في قرية دلجا بمركز دير مواس، عقب وفاة أشقائهما الأربعة في ظروف غامضة. في تصريح خاص لـ “الشروق”، قال إسماعيل إن الحادثة كانت تحديًا كبيرًا للأطباء في مصر، حيث استقبلت مستشفى دير مواس التخصصي يوم الجمعة 13 يوليو ثلاث حالات لأطفال يعانون من أعراض تشمل القيء، ارتفاع الحرارة، وتدهور الوعي، مما أدى إلى وفاتهم بشكل سريع. هذه الأعراض، بحسب قوله، نادرة وغير مألوفة.

تحقيقات فى وفاة الأطفال الستة بالمنيا
وكشفت تحقيقات النيابة العامة في مركز دير مواس، التي تجري بإشراف المستشار المحامي العام الأول لنيابات جنوب المنيا، عن أن الأطفال الستة تعرضوا لتسمم ناتج عن مبيد حشري نادر الاستخدام يُدعى “كلورفينبير”، وهو مادة غير متوفر لها ترياق مضاد حتى الآن. وفقًا لما أكده مصدر قضائي، استمعت النيابة العامة لأقوال الأطباء المعالجين الذين بينوا أن المبيد يتسبب في شلل الخلايا وفشل شامل في أعضاء الجسم، وتظهر أعراضه الأولية في شكل سخونة، قيء، وهذيان.
وجاءت هذه التصريحات متوافقة مع ما نشرته “الشروق” في تقرير سابق يوم الأحد 20 يوليو، والذي أشار إلى نتيجة التحاليل التي أكدت احتمالية إصابة الأطفال بتسمم بسبب المادة المذكورة.

وفاة الأطفال الستة بالمنيا
وفي سياق متابعته للحالة الصحية للطفلتين الناجيتين، روى إسماعيل أنهما دخلتا مركز السموم يوم السبت بعد وفاة الطفل الرابع. أُجري لهما فحص شامل شمل تحليل المبيدات الحشرية، أشعة مقطعية على المخ والصدر، واختبارات خاصة بسيولة الدم، وجاءت النتائج ضمن الحدود الطبيعية. رغم طبيعة العلامات الحيوية المكتملة لكلتا الطفلتين، إلا أن إحداهما كانت تُعاني من صداع وحالة نفسية متردية بسبب فقدان أشقائها. وبناءً على الظروف المحيطة، تقرر حجزهما في المركز تحت الملاحظة لمدة يومين لضمان استقرار حالتهما الصحية.
رحمة أكدت للطبيب المعالج قبل الوفاة أن آخر وجبة تناولتها وأشقاؤها كانت تحتوي على الخضار، الأرز، واللحم، وبعد هذه الوجبة بدأت الأسرة تظهر عليها أعراض الإعياء. إسماعيل أوضح أن مساء يوم الأربعاء بدأت الأعراض تظهر على “فرحة”، حيث بدأت تشكو من صداع شديد وضعف عام. وبعد إجراء التحاليل، تبين وجود ارتفاع طفيف في إنزيمات الكلى دون دلائل واضحة. تم توصية بإجراء غسيل كلوي على جهاز غير متوفر في محافظة المنيا، مما دفعهم لنقل الحالة إلى مستشفى الإيمان العام بأسيوط، لكنها توفيت هناك.
طبيعة السم المسبب للأعراض
للأغراض التشخيصية، أشار إسماعيل إلى التواصل مع زملاء في مستشفيات جامعتي عين شمس والإسكندرية نظرًا لعدم وضوح طبيعة السم المسبب للأعراض. خلال هذا التواصل، كشفت الدكتورة نهاد حامد عن حالات مشابهة ظهرت سابقًا في محافظة البحيرة، حيث كان السبب تناول مبيد حشري بادعاء انتحاري. بعد مراجعة البيانات الإكلينيكية أظهرت النتائج تطابقًا مع حالة “فرحة”، وتم التعرف على المادة السامة باسمها العلمي “كلورفينبير”.

المادة من المبيدات الحشرية نادرة الاستخدام
وفقًا لأستاذ السموم بطب المنيا، تعتبر هذه المادة من المبيدات الحشرية نادرة الاستخدام، ولا يتوفر تحليل متخصص لكشفها أو ترياق فعّال ضدها عالميًا. الحوادث المسجلة الناتجة عنها قليلة للغاية. يُشار إلى أن 100 ملليلتر من هذه المادة يتم خلطها مع 600 ملليلتر من المياه لاستخدامها في مكافحة الآفات الزراعية. عادةً ما تُطبق قبل موسم الحصاد بفترة كافية لتسمح للنباتات بتكسير المادة بمرور الوقت خلال نموها. ومن اللافت الانتباه أن هذه المادة تحتفظ بسميتها حتى إذا تعرضت للغليان وأضيفت للطعام، مما يجعلها خطيرة للغاية.