تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم بذكرى رحيل القديس الطفل كيرياكوس ووالدته القديسة يوليطة، في القرن الثالث الميلادي، إبان واحدة من أشد موجات الاضطهاد التي واجهتها المسيحية في عصورها الأولى.
قصة استشهادهما بسيطة في أحداثها، عميقة في معناها. إذ يروي السنكسار أن الطفل كيرياكوس رأى والدته تُعذَّب وتصرخ قائلة: “أنا مسيحية”، فما كان منه إلا أن ردّد نفس العبارة، بثبات يفوق عمره الصغير، وكأنه كان يدرك أن هذه الكلمة ستكون بطاقة عبوره ليصبح من أصغر شهداء المسيح الذين سُطرت أسماؤهم في ذاكرة الكنيسة.
أيقونة تشهد.. وكنيسة تحفظ الذاكرة
لم تكتفِ الكنيسة بتوثيق سيرتهما في السنكسار، بل خلّدتهما أيضًا في أيقونة نادرة، لا تزال محفوظة حتى اليوم داخل كنيسة السيدة العذراء الدمشيرية بمصر القديمة رسم هذه الأيقونة الفنان أنسطاسي الرومي المقدسي في القرن التاسع عشر، وجسّد فيها لحظة الصمود العظيم التي جمعت أمًا بابنها أمام قسوة محاكم الإمبراطورية.
من يزور هذه الكنيسة، لا يُشاهد مجرد عمل فني فريد، بل يعيش لحظة من لحظات الإيمان النقي ذلك الإيمان الذي يخرج من قلب أم، أو من فم طفل، ليُثبت أن الشهادة ليست عمرًا، بل اختيارٌ واعٍ وطريقٌ مضيء لا يخفت نوره أبدًا.
