أخبار عاجلة
قيد الأجانب تحت السن يبدأ من مواليد ٢٠٠٥ -

السويداء تشتعل من جديد.. تصاعد خطر الانهيار الأمني وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والدروز

السويداء تشتعل من جديد.. تصاعد خطر الانهيار الأمني وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والدروز
السويداء تشتعل من جديد.. تصاعد خطر الانهيار الأمني وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والدروز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في جنوب سوريا، تعود مدينة السويداء لتتصدر المشهد الأمني، لا كرمز للتهدئة كما أرادتها القيادة، بل كنقطة غليان تقف على حافة الانفجار. ففي الساعات الأخيرة، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن استعداد قوات الأمن لإعادة الانتشار في المدينة ذات الغالبية الدرزية، بهدف فضّ الاشتباكات المتصاعدة بين فصائل درزية ومجموعات عشائرية بدوية، بعد إعلان النفير العام من قبل تجمعات بدو الجنوب دعماً لأبناء عمومتهم في المحافظة.
 

قبل أيام فقط، انسحبت القوات الحكومية من مواقعها في السويداء بموجب تفاهم ضمني مع القوى المحلية، على أمل إعطاء فرصة للمصالحة ووقف دائرة الانتقام. لكن هذا الانسحاب، الذي بدا للوهلة الأولى كبادرة حسن نية، تحوّل بسرعة إلى فراغ أمني استغلته النزاعات المحلية لملء الساحة بعنف جديد.
 

رواية الرئاسة السورية جاءت لتميط اللثام عن عمق الأزمة، إذ وصفت الفصائل الدرزية بـ"القوات الخارجة عن القانون"، متهمةً إياها بارتكاب انتهاكات مروعة تضرب عرض الحائط بكل الالتزامات السابقة، وتنسف جهود الوساطة التي كانت تعوّل عليها دمشق لتفادي انفجار كبير في الجنوب السوري.
وتزامناً مع هذا التصعيد، توجهت أصابع الاتهام من دمشق نحو إسرائيل، معتبرةً أنها "تتدخل بشكل سافر" في الشأن السوري، وتسعى لتأجيج التوترات الطائفية والعرقية، في مشهد يعيد إلى الأذهان تعقيدات الأزمة السورية في سنواتها الأولى، حين كانت النزاعات المحلية تتحول بسرعة إلى ساحة صراع إقليمي.
 

وسط هذه المعطيات، تبدو السويداء وكأنها تعيش قصة مدينة تقف على شفير الهاوية؛ مدينة أُخليت من جنودها لترتاح، فاستيقظت على أزيز الرصاص وطبول الانتقام. الفصائل الدرزية، التي لطالما لعبت دوراً وسطياً في مشهد الحرب السورية، تدخل اليوم مواجهة مكشوفة مع الدولة والعشائر معاً، في لحظة قد تُعيد رسم الخريطة الهشة للتحالفات جنوب البلاد.


خلفيات الأزمة وتفاصيلها 


السويداء، المدينة الواقعة جنوب سوريا ذات الأغلبية الدرزية، كانت لسنوات طويلة خارج معادلة الحرب التقليدية في البلاد، لكنها لم تكن بمنأى عن التوترات والاحتقانات العميقة. منذ عام 2011 تبنّى دروز السويداء موقفًا أقرب إلى الحياد، فلم ينخرطوا في المعركة العسكرية إلى جانب النظام، ولم ينضموا إلى فصائل المعارضة المسلحة، بل تمسكوا بشعار غير مكتوب: لا حرب في الجبل، ولا حرب من الجبل.
هذا الحياد الهش لم يحمِ المدينة من تصدعات داخلية. غابت الدولة عن كثير من مفاصل الحياة، وانتشرت العصابات المسلحة وشبكات التهريب، فظهر ما يُعرف بالفصائل المحلية، وهي مجموعات درزية مسلّحة نشأت بدافع حماية المجتمع المحلي، خاصة بعد صدمة الهجوم الذي شنه تنظيم داعش عام 2018 وخلّف مئات الضحايا. من بين هذه الفصائل برزت "قوة مكافحة الإرهاب" و"رجال الكرامة"، وهي كيانات حملت طابعًا مناطقيًا ورفضت إرسال شباب السويداء إلى جبهات الشمال، كما واجهت أحيانًا الأجهزة الأمنية نفسها.
 

في خلفية هذا المشهد المضطرب، ظل التوتر التاريخي قائمًا بين الدروز والعشائر البدوية في الجنوب. جذور هذا التوتر تمتد إلى عقود من التنافس على الأراضي والثأر والتباعد الاجتماعي، لكنه ظل مضبوطًا في إطار الأعراف والعلاقات الوسيطة. ومع انهيار المركزية الأمنية وغياب آليات الاحتواء، تحوّل هذا التوتر إلى قنبلة موقوتة انفجرت خلال الأيام الماضية حين أعلنت عشائر بدوية النفير العام، في استجابة لاحتكاكات دامية داخل السويداء.
 

محاولة للتهدئة

في محاولة للتهدئة، سحبت القيادة السورية وحداتها العسكرية من المدينة لإعطاء فرصة لحلول سلمية. غير أن هذه الخطوة فُسرت محليًا كإقرار بالعجز، وعمّقت فراغًا أمنيًا استغلته الفصائل لتوسيع نفوذها، في وقت رأى فيه البدو أن انسحاب الجيش يفتح الباب للانتقام. اندلعت المواجهات سريعًا، وتراشقت الأطراف الاتهامات. الحكومة اتهمت الفصائل الدرزية بخرق وقف إطلاق النار وارتكاب أعمال انتقام وحشية، واعتبرت أن ما يجري يهدد السلم الأهلي ويفتح الباب لانهيار شامل في الجنوب.
 

في خلفية الأحداث، تبرز أصابع إسرائيلية كما تشير الرواية الرسمية، حيث تتهم دمشق تل أبيب بمحاولة تغذية الصراع بين مكونات الجنوب السوري بهدف إنهاك الدولة السورية وفتح ثغرات إضافية في جبهتها الجنوبية.
السويداء اليوم ليست فقط ساحة نزاع أهلي، بل مرآة للأزمة السورية المركبة. ما يجري فيها ليس خلافًا بين طائفتين أو قبيلتين، بل انعكاس لانهيار الدولة المركزية وتآكل قدرتها على إدارة التوازنات الهشة. السؤال المطروح الآن ليس متى ينتهي الاشتباك، بل هل ما زال بالإمكان إعادة المدينة إلى حالة "الحياد"، أم أنها دخلت طورًا جديدًا من الحرب، هذه المرة داخل البيت الواحد.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ” قسم خاص وتخليد رقمهط.. ليفربول يواصل تخليد ذكرى ديوجو جوتا
التالى قيد الأجانب تحت السن يبدأ من مواليد ٢٠٠٥