تتجه المباني الخضراء في سلطنة عمان لتصبح ركيزة أساسية في مسار التنمية المستدامة، مع بروز ممارسات معمارية تعزّز كفاءة الطاقة وتحافظ على الموارد الطبيعية، ويأتي ذلك ضمن رؤية وطنية واضحة لدمج الاستدامة في سياسات التخطيط العمراني.
وبحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن اعتماد المباني الخضراء يُسهم في تقليل البصمة الكربونية، ويعزز من تنافسية العقارات العمانية عالميًا، خاصة مع تصاعد الاهتمام بالتمويل الأخضر الذي يدعم المشروعات منخفضة الانبعاثات.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن سلطنة عمان بدأت وضع اشتراطات ومعايير إلزامية للبناء المستدام، ما يضمن خفض استهلاك الكهرباء والمياه في المشروعات الجديدة، ومواءمة المخططات العمرانية مع أهداف "رؤية عمان 2040".
وتتجلى أهمية هذا التحول في إرساء بيئة حضرية صحية وأكثر كفاءة، كما يفتح ذلك آفاقًا استثمارية جديدة في مجالات الطاقة المتجددة، وإدارة المرافق، وإعادة التدوير، وهو ما يُسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
5 ممارسات أساسية في الأبنية الخضراء
توضح المهندسة المعمارية فاتن بنت كامل الشالوانية، من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، أن المباني الخضراء في سلطنة عمان تقوم على 5 ممارسات رئيسة تشمل:
- العزل الحراري.
- إعادة استعمال المياه.
- توظيف أنظمة تكييف وإضاءة عالية الكفاءة.
- استعمال الطاقة المتجددة.
- الاعتماد على مواد بناء صديقة للبيئة.
وأضافت الشالوانية أن هذه الممارسات تحقق وفورات ملموسة في استهلاك الكهرباء والمياه، وتحسّن جودة البيئة الداخلية عبر التهوية الطبيعية والإضاءة المستدامة، وهو ما يرفع مستوى الراحة والإنتاجية لدى رواد المبنى.
وأكدت أن وزارة الإسكان وضعت مؤخرًا معايير إلزامية لقياس كفاءة الطاقة في المباني الجديدة، وذلك لتوجيه السوق نحو حلول مبتكرة، ويدفع نحو تقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة قد تصل إلى 25% خلال العقد المقبل.

من جانبه، قال مدير مركز المعايير البيئية في هيئة البيئة الدكتور ربيع بن محمد الرحبي، إن المباني الخضراء في سلطنة عمان تمنح المؤسسات ميزة تنافسية، إذ تشير الدراسات إلى أن الطلب عليها ارتفع بنسبة 10% مقارنة بالمباني التقليدية.
وأوضح الرحبي أن اعتماد أنظمة الطاقة النظيفة في التدفئة والتبريد، واستعمال أنظمة ذكية لترشيد استهلاك المياه، يقلل من الأثر البيئي المباشر، ويؤهل المباني للحصول على قروض خضراء وحوافز تمويلية دولية.
وبيّن أن هذه الممارسات أسهمت في خفض تكاليف التشغيل والصيانة بنسبة تصل إلى 30%، ما يعزّز من القيمة السوقية للعقارات في سلطنة عمان، ويجعلها أكثر جذبًا للاستثمار الأجنبي المباشر، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار إلى أن العوائد لا تقتصر على الاقتصاد فقط، وإنما تمتد إلى تحسين الصحة العامة وجودة الهواء الداخلي، وهو ما يرفع إنتاجية الموظفين بنسبة 12% مقارنة ببيئة العمل في المباني التقليدية.
مشروعات رائدة وشهادات عالمية
أطلقت هيئة البيئة نظام المباني الخضراء الوطني "روزنة"، الذي يعتمد 7 معايير رئيسة لتقييم الاستدامة، تشمل الطاقة والمياه والمواد والهواء الداخلي والبيئة المحيطة، وهو ما يعزّز تطبيق المعايير عالميًا في المباني الخضراء في سلطنة عمان.
وحصلت مشروعات كبرى عدة على شهادات عالمية، من بينها المقر الرئيسي لشركة "عمانتل"، و"مول عمان"، و"سيتي سنتر مسقط" التي نالت شهادة البلاتينيوم، فيما حصل مركز عمان للمؤتمرات والمعارض وفندق "دبليو مسقط" على الشهادة الذهبية.
كما حصل فندق "أليلا الجبل الأخضر" على شهادة الفضة، في حين نال مشروع إسكان شركة تنمية نفط عمان شهادة المباني الخضراء، وهو ما يعكس توجهًا متناميًا لدى الشركات الكبرى لاعتماد المعايير البيئية العالمية.

وتواصل مدينة يتي المستدامة أعمالها الإنشائية، مستهدفة صفر انبعاثات وفق معايير الاستدامة الدولية، لتصبح نموذجًا حضريًا متكاملًا في مسار المباني الخضراء داخل سلطنة عمان، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأكدت هيئة البيئة أن هذه النجاحات تواكب أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة، وتسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة ملحوظة على المستوى الوطني.
وأوضح المسؤولون أن النظام الجديد يمنح المباني العمانية فرصة للانضمام إلى التصنيف العالمي، ما يعزز جاذبية السوق العقارية في السلطنة أمام المستثمرين الدوليين الذين يشترطون المعايير البيئية في استثماراتهم.
وأشاروا إلى أن الهيئة تعمل حاليًا على وضع آلية لتصنيف "المدن الخضراء المستدامة"، بما يشمل الأبنية السكنية والتجارية والحكومية، لضمان توسيع نطاق الفوائد الاقتصادية والبيئية لقطاع البناء.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..