وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب التأكيد على موقفه الرافض لأي ضم إسرائيلي للضفة الغربية، مؤكدًا أنه لن يسمح لأي خطوة من هذا النوع، فيما يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البيت الأبيض يوم الاثنين، في إطار جهود دبلوماسية مكثفة لإنهاء الحرب المتواصلة في غزة.
وجاءت تصريحات ترمب بعد أسبوع من الاجتماعات المكثفة مع قادة عرب وأجانب على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تناولت ملفات المنطقة الملتهبة، بما في ذلك قضية غزة والوضع في الضفة الغربية.
تفاهم أميركي-تركي حول غزة
أوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن محادثاته مع ترمب أحرزت "تقدمًا ملموسًا" حول كيفية تحقيق وقف إطلاق النار ووقف المجازر في غزة، مؤكدًا أن الطرفين اتفقا على أن حل الدولتين هو السبيل الأفضل لتحقيق سلام دائم في المنطقة.
وقال أردوغان للصحافيين: "اجتماعنا كان بالغ الأهمية لإظهار الإرادة السياسية لإنهاء المجازر في غزة. واتفقنا على خطوات عملية لتحقيق وقف نار شامل يضمن سلامًا دائمًا بعد ذلك". وأضاف أن مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في اجتماعات الأمم المتحدة تسهم في تعزيز الشرعية الدولية للحكومة السورية الجديدة، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بتسوية الأزمات الإقليمية على أساس دبلوماسي متعدد الأطراف.
إشادة دولية بجهود ترمب
وفي باكستان، أشاد رئيس الوزراء شهباز شريف بجهود ترمب لإنهاء الحرب فورًا، مؤكدًا أن التعاون مع الولايات المتحدة سيعزز الاستثمارات في قطاعات الزراعة، التكنولوجيا، التعدين والطاقة، بما يحقق فوائد مشتركة للطرفين. وأشار شريف إلى أن الشراكة الباكستانية-الأميركية ستزداد قوة تحت قيادة ترمب، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
من جهته، صرح الأمير السعودي فيصل بن فرحان آل سعود بأن القادة العرب أوضحوا للرئيس الأميركي مخاطر أي ضم إسرائيلي للضفة الغربية على السلام الإقليمي، معربًا عن ثقته بأن ترمب فهم عواقب هذه الخطوة على الاستقرار في الشرق الأوسط.
رفض ترمب ضم الضفة الغربية
في تصريح حاسم، أكد ترمب للصحافيين في المكتب البيضاوي: "لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية. لن يحدث ذلك". وأوضح أن هذا الموقف تم إبلاغه مسبقًا لنتنياهو خلال اجتماعهما، مضيفًا: "حان الوقت للتوقف الآن".
ويواجه نتنياهو ضغوطًا من حلفائه اليمينيين لدفع خطة الضم، ردًا على اعتراف عدة دول بدولة فلسطين، إلا أن الموقف الأميركي جاء ليحد من أي تحركات أحادية قد تقوض حل الدولتين.
مساعٍ للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة
أبدى ترمب تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق في شأن غزة، مشيرًا إلى محادثاته مع نتنياهو وقادة الشرق الأوسط، قائلًا: "نحن نقترب جدًا من اتفاق قد يؤدي إلى سلام". ويأتي هذا في وقت يعيش فيه نحو 700 ألف فلسطيني ظروفًا قاسية في غزة، وسط تقارير عن المجاعة والفقر الشديد بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ أكتوبر 2023.
كما كشفت مصادر صحفية أن ترمب يعتزم عرض مقترح على قادة عرب لإنهاء الحرب وتثبيت وقف إطلاق النار، بما يضمن الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس". وتوضح الأرقام أن الضفة الغربية والقدس الشرقية يعيش فيها 2.7 مليون فلسطيني مع وجود نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي، مما يزيد حساسية أي تحرك إسرائيلي أحادي في المنطقة.
مواقف نتنياهو واتهامات دولية
خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، رفض نتنياهو الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، مبررًا الإجراءات بأنها استجابة لتهديدات حركة "حماس" التي تستخدم المدنيين كدروع بشرية. وقال: "انظروا إلى الاتهامات الخاطئة بالإبادة الجماعية، بأن إسرائيل تستهدف المدنيين، لكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة".
وأكد نتنياهو أنه يرحب بجهود لبنان لنزع سلاح حزب الله، لكنه شدد على ضرورة اتخاذ إجراءات فعلية لضمان الأمن والاستقرار، مشددًا على أن السلام الدائم ممكن فقط من خلال خطوات ملموسة على الأرض، لا مجرد تصريحات سياسية.
دور توني بلير وخطط إعادة إعمار غزة
في سياق متصل، نقلت مصادر عن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير سعيه لتولي دور رئيسي في إدارة شؤون غزة بعد الحرب، ضمن خطة سلام ترعاها إدارة ترمب. وتشمل الخطة إعادة الإعمار والتنسيق الدولي لتوفير الأمن والخدمات الأساسية، بما يضمن استقرار المنطقة على المدى الطويل.
وأكد المعهد التابع لبلير أن أي من المشاورات لم تتضمن فكرة الترحيل القسري للسكان، وأن التركيز منصب على إعادة البناء وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي في القطاع.
تجسد جهود ترمب ونتنياهو هذا الأسبوع ديناميكية معقدة في الشرق الأوسط، حيث يوازن الرئيس الأميركي بين الضغط على إسرائيل لوقف الضم، ودفع الأطراف الفلسطينية نحو وقف إطلاق النار، بالتوازي مع تنسيق دولي واسع يضم تركيا وباكستان والدول العربية.
وفي الوقت الذي يواجه فيه نتنياهو ضغوطًا يمينية للتمسك بالضفة الغربية، يظل الموقف الأميركي الحاسم في منع أي ضم خطوة أساسية نحو استقرار المنطقة، وإحياء آمال حل الدولتين، مع التركيز على إعادة إعمار غزة وضمان وقف الحرب بشكل دائم.
تظل هذه التطورات مؤشرًا على الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه ترمب في الشرق الأوسط، وسط تفاعلات سياسية معقدة تشمل إسرائيل، فلسطين، لبنان والدول العربية، في سعي جماعي لتحقيق السلام المستدام ووقف نزيف الدماء في غزة.