
اليوم العالمى لنزع السلاح النووى الذى يحتفل به سنويا فى السادس والعشرين من سبتمبر يأتي ليذكر العالم بضرورة حشد الجهود من أجل الإزالة الكاملة للأسلحة النووية والتحذير من خطورة هذه الترسانات التي تمثل تهديدًا وجوديًا للبشرية،
كانت الأمم المتحدة قد أقرّت هذا اليوم لتجديد الالتزام الدولي بنزع السلاح النووي، بعد عقود من سباق التسلح الذي زاد من المخاطر البيئية والإنسانية.
وتؤكد هذه المبادرة أن السلام الدائم لن يتحقق ما دامت الأسلحة النووية قائمة، لذلك تتجدد الدعوات لإخلاء العالم من الترسانات المدمرة، غير أن إسرائيل تبقى خارج أي التزامات أو معاهدات ملزِمة، ما يجعلها استثناءً صارخًا يثير تساؤلات حول معايير العدالة الدولية. فبينما تمارس الأمم المتحدة ضغوطًا على دول أخرى مثل ايران، يظل البرنامج النووي الإسرائيلي محاطًا بالغموض ويحظى بحماية قوى كبرى، وهو ما يفاقم المخاوف من سباق تسلح إقليمي ويقوض جهود الاستقرار في الشرق الأوسط.
فى هذا السياق تجمع آرار المراقبين والخبراء والناشطين على أن إزالة الترسانات النووية هي الطريق الوحيد لضمان بقاء البشرية وحماية البيئة والاقتصاد.
وقالوا إن تكرار مصطلح الإزالة الكاملة للأسلحة النووية يرسخ الوعي بضرورة تحويل هذا اليوم من مجرد شعار إلى خطة عمل عالمية لنزع أخطر سلاح يهدد البشرية.
توازنات القوى تحمي إسرائيل
من جانبه قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد فؤاد : أن المشهد الدولي تحكمه حسابات نفوذ لا شعارات مثالية.
وأوضح فؤاد لـ"البوابة نيوز" أن "إسرائيل تُعد حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة وأوروبا، وهاتان القوتان تمتلكان حق النقض في مجلس الأمن، ما يمنع صدور أي قرار حقيقي يلزمها بنزع السلاح النووي".
وأكد أن إسرائيل تستفيد من سياسة "الغموض البنّاء"، فلا تعترف رسميًا بامتلاكها قنابل نووية، ولا تنفي ذلك، ما يصعّب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية فرض تفتيش شامل. وأوضح فؤاد أن بقاء إسرائيل نووية يعطيها ورقة ردع قوية ضد جيرانها العرب وإيران، ويجعل أي تهديد بإجبارها على التفكيك أقرب إلى المستحيل في ظل موازين القوى الحالية.
الردع الإقليمي وغياب البديل
من جانبه، اوضح الخبير الاستراتيجي والمستشار الأمني اللواء المتقاعد هشام الحلبى : أن الملف النووي الإسرائيلي مرتبط بمفهوم الردع الشامل. موضحا أن اسرائيل ترى في سلاحها النووي ضمانة بقاء، خاصة في منطقة مضطربة تعاني من حروب وصراعات مزمنة
وأضاف الحلبى لـ"البوابة نيوز" أن غياب معاهدة أمن إقليمي شاملة يجعل أي تنازل نووي مكلفًا سياسيًا وأمنيًا. وأشار إلى أن الدول الكبرى تغض الطرف عن ترسانة إسرائيل لأنها تحقق توازنًا غير معلن مع إيران وتركيا، ما يخدم استراتيجيات الغرب في الشرق الأوسط.
وأكد أن تغيير هذه المعادلة يحتاج إلى مبادرة إقليمية كبرى، تشمل سلامًا شاملًا وضمانات أمنية متبادلة، وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.
تهديدات وجودية تتطلب تحركًا عاجلًا
وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة الدكتور محمود عبدالغني: إن الأسلحة النووية تمثل قنبلة موقوتة، فأي خطأ تقني أو قرار متهور قد يؤدي إلى إبادة جماعية فيجب علينا العمل الجاد لنزع أخطر سلاح يهدد البشرية.
وأشارعبد الغنى فى تصريحات لـ"البوابة نيوز" إلى أن الإزالة الكاملة للأسلحة النووية هي الحل الوحيد لضمان أمن الأجيال القادمة،
واعتبر أن هذا اليوم الدولي يضغط على الدول النووية للالتزام باتفاقيات حظر الانتشار، مؤكدًا أن السلام الحقيقي يتطلب إزالة هذه الترسانات لا مجرد تقليلها.
معاهدات دولية وخطوات متعثرة
وفى سياق متصل قالت أستاذة القانون الدولي الدكتورة نهى الشافعي لـ"البوابة نيوز": أن معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017 كانت خطوة مهمة، لكن غياب توقيع الدول الكبرى يعطل تنفيذ الإزالة الكاملة للأسلحة النووية.
وأضافت: إن اليوم الدولي فرصة لإعادة المفاوضات ودفع الحكومات إلى التوقيع والالتزام، لافتةً إلى أن قوة القانون الدولي تكمن في ضغط الشعوب والمجتمع المدني لفرض نزع السلاح.
أعباء اقتصادية وإنسانية فادحة
وفى ذات السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد كمال: إن إنفاق مئات المليارات سنويًا على برامج نووية يبدد موارد يمكن توجيهها إلى الصحة والتعليم.
وشدد كمال لـ"البوابة نيوز" على أن الإزالة الكاملة للأسلحة النووية ستوفر أموالًا هائلة للتنمية المستدامة، مؤكدًا أن اليوم الدولي يفتح باب النقاش حول أولويات الدول، ويبرز كيف يعيق سباق التسلح مسار العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
دور المجتمع المدني في تحقيق الإزالة الكاملة
وقالت الناشطة البيئية دكتورة سلمى منصور: إن المجتمع المدني يلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي والمطالبة بقرارات سياسية جريئة.
وأشارت سلمى منصور لـ"البوابة نيوز" إلى أن التلوث الإشعاعي الناتج عن التجارب النووية يهدد البيئة لعقود، مما يجعل الإزالة الكاملة للأسلحة النووية هدفًا بيئيًا بقدر ما هو سياسي.
وأضافت أن اليوم الدولي فرصة لحشد الأصوات الشعبية للضغط على الحكومات لنزع أخطر سلاح يهدد البشرية.
أمل عالمي لمستقبل آمن
وأوضحت سلمى منصور أن اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية رسالته بأن الأمان لا يتحقق إلا بالتعاون الدولي والالتزام الصارم بمعاهدات نزع السلاح.