أخبار عاجلة
أسعار الأسماك فى أسيوط اليوم السبت 27\9\2025 -
اسعار الذهب اليوم السبت 27-9-2025 في بني سويف -

فقاعات دونالد ترامب

فقاعات دونالد ترامب
فقاعات دونالد ترامب

"دونالد ترامب" رجل لا يغلق فمه ، ويكذب فى الشهيق وفى الزفير ،  وقد فكرت أن أصفه بالكذاب المتسلسل قياسا إلى "القاتل المتسلسل" ، وهو مصطلح يشير فى عالم الجنايات إلى شخص معقد نفسيا أو جنسيا ، يرتكب جرائم قتل متعددة وبذات الطريقة وبفواصل  زمنية متفاوتة ، وقد لا تنكشف كل جرائمه حتى بعد إعدامه ، وسرعان ما وجدت أن الوصف مع القياس المذكور ، لا ينطبق بدقة على حالة الرئيس الأمريكى الصاخب دائما ، فهو لا يقتل الحقائق بالتقسيط ، ولا يترك لنفسه وقتا بين كل كذبة وتاليتها ، وإنما يعيش بالكامل فى فقاعة من صنع أوهامه ، وسجله الجنائى معروف ، وقد أدين وقت ترشحه الأخير بالتزوير فى 34 شيك رشوة دفعها لشراء صمت ممثلة إباحية ، ولم يكن له من دفاع إلا أن اتهم الجميع قضاة ومدعين ومحامين ومحلفين بالكذب والتزوير ، والزعم بأنه أنقى من قطرة الثلج ، ولم يعقه ذلك كله عن الفوز برئاسة البيت الأبيض للمرة الثانية ، وربما دفعه الفوز رغم التزوير والتدليس إلى اعتناق الكذب كعقيدة ووصفة نجاح مذهل ، وقد تحدث أخيرا على منبر الانعقاد السنوى للجمعية العامة للأمم المتحدة ، واستغرق خطابه المطول مدة 56 دقيقة  كذب فيها 56 مرة على الأقل ، ومع كل كذبة متبجحة ، كان يقول أنه ينطق بالحق وحده ، ويتصرف كالمريب الذى يكاد يقول "خذونى" ، وكاد يقول لقادة وممثلى دول العالم الحاضرين "أنا ربكم الأعلى" والمبعوث هداية للعالمين الضالين .

 

ولو كان مخترع "الديناميت" عالم الكيمياء السويدى الشهير "ألفرد نوبل" علم ما يخبئه الغيب ، لكان خصص بعضا من ثروته لإنشاء "جائزة الكذب" ، وجعلها حكرا على "ترامب" وأمثاله ، وهو ما لم يرد ببال ولا على خاطر "نوبل" ، الذى أوصى تكفيرا عن ذنوبه بتخصيص غالب ثروته لإنشاء "جائزة نوبل للسلام" ، التى لا يكف "ترامب" أبدا عن طلبها لنفسه ، ويكرر بغير ملل ولا كلل أنه صانع السلام ، وأنه أنهى سبع حروب فى سبعة شهور من توليه رئاسته الثانية لأمريكا ، بينها حروب لم تقم أبدا إلا فى خياله ، مثلما زعم عن إنهائه حربا بين مصر وأثيوبيا ، وهى حرب لم تنشب إلا فى هلاوس "ترامب" ، فلم تحدث أى مواجهة عسكرية بين القاهرة وأديس أبابا إلى اليوم ، اللهم إلا إذا كان يقصد أنه يريد أن تقوم هذه الحرب ليطفئ نارها (!) ، أضف ما قاله عن تدخله لوقف حرب إيران و"إسرائيل" ، مع أنه هو نفسه كان طرفا مباشرا فى الحرب ، ثم هو يحدثك عن حروب خمدت منذ سنين ، وينسب لنفسه الفضل فى وقفها ، رغم أنه لم يكن موجودا كرئيس لا وقت الاشتعال ولا وقت الزوال ، على طريقة جمعه لرئيس أذربيجان ورئيس وزراء أرمينيا فى حضرته "البهلوانية" ، والتقاط صور تذكارية فى المكتب البيضاوى ، وهو ذات مافعله مع قادة دولتى "روندا" و"الكونجو الديمقراطية" ، وادعاء أنه ـ أى "ترامب" ـ أوقف حربا أهلية قبلية عبر الحدود متصله من عشرات السنين ، رغم أن نزاع الدولتين هدأ قبلها باتفاق رعته دولة قطر ، ثم تصل مشاهد الكذب الكوميدى إلى ذروتها ، مع مازعمه "ترامب" عن دوره الحاسم فى وقف اشتباك حربى دام لأيام بين الهند وباكستان ، وكانت الهند هى التى بدأت بإطلاق النار ، وظهر فى الاشتباكات الجوية مدى التفوق الباكستانى المدهش بأسلحة صينية ، ثم تجاوب المتحاربان مع مساعى دبلوماسية متعددة الأطراف ، لكن "ترامب" يرى أنه وحده الذى أوقف الحرب القصيرة ، وتوالت اتصالاته مع صديقه القديم "ناريندرا  مودى" رئيس وزراء الهند ، وطلب من "مودى" ترشيحه لنيل "جائزة نوبل" ، وهو ما رفضه "مودى" علنا ، ونفى أن يكون للرئيس الأمريكى دور فى وقف الحرب ، ورد "ترامب" بفرض رسوم جمركية عالية بنسبة 50% على الواردات من الهند ، واتهم "مودى" بالخيانة والتحالف مع الصين وروسيا .

 

ولم ينس "ترامب" خصومته الداخلية مع سلفه "جو بايدن" ، وراح يصفه بأبشع النعوت من فوق منبر الأمم المتحدة ، ويكيل لنفسه المدائح ، وأنه أوقف سيل الهجرة غير المنظمة إلى أمريكا وجعلها "صفرا" ، وحمى من أسماهم بالمواطنين الأمريكيين الأصليين ، رغم أن أمريكا بالبداهة هى أصلا دولة مهاجرين ، وأن "ترامب" نفسه من سلالة مهاجرين ، وقبل أيام من وقفته على منبر الأمم المتحدة ، كان يزور بريطانيا تلبية لدعوة ملكية ، وتفاخر بأن والدته ولدت وعاشت فى "اسكتلندا" البريطانية (!) ، وهو ما كشف نزعته العنصرية الاستعلائية فى تصنيف المهاجرين ، فهو يرى كجماعته ، أن أمريكا ملك حصرى لجماعة "الواسب" ، أى البيض الأنجلوساكسون البروتستانت دون غيرهم ، فهم رعاة البقر الذين أبادوا سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر ، وهو يريد إغلاق باب الهجرة على من هم دونهم ، وبدت القصة ظاهرة فى فقاقيع كلماته فاجرة الكذب ، حين زعم أن الدين المسيحى هو الوحيد الذى يجرى اضطهاده فى العالم ، وأن الشريعة الإسلامية تحكم لندن بسبب عمدتها ذى الأصل الباكستانى "صديق خان" ، رغم أنه لا أحد عاقل يصدق أن شخصا بسلوك "ترامب" وسيرته ، يمكن أن يكون مثالا على صلاح دينى من أى نوع ، وبدت همجيته أكثر ظهورا مع دعوته لأوروبا أن تحذو حذوه ، وأن تطرد مهاجريها جميعا ، وبالذات من ذوى الأصول الملونة ومن المسلمين بالذات .

 

وفى أوكازيون و"بوفيه" الكذب المجانى ، راح "ترامب" يسخر من العلم والعلماء ، ويكذب كل أحاديث ودراسات التغير المناخى والاحترار العالمى ، ويمحو بجرة لسان كل مساعى الاقتصاد الأخضر والبيئة النظيفة ، ويدعو أوروبا إلى ترك مصادر الطاقة المتجددة ، ويظهر حماسا لمصادر الطاقة التقليدية الأحفورية ، ودون أن يكشف السبب الحقيقى "التجارى" لاستهزائه بطاقة الرياح وطاقة الشمس ، فهو يريد لأوروبا أن تشترى كل حاجاتها من البترول والغاز الطبيعى من أمريكا حصرا ، وأن تكمل انصياعها لرغباته ، وأن تدفع أكثر لواشنطن ، وقد فعلت أوروبا لسنوات طويلة فائتة ، ودمرت اقتصادها لشراء خاطر أمريكا ، ودفعت أسعارا لشحنات الغاز الطبيعى المسال الوارد عبر المحيط الأطلنطى ، وبما يفوق ستة أمثال ما كانت تدفعه لشراء الغاز الطبيعى المتدفق عبر الأنابيب من روسيا ، ولم يخف "ترامب" رغبته فى توقف أوروبا تماما عن استيراد البترول والغاز الروسى ، وعبر عن ضيقه المكتوم والظاهر من التفوق الصناعى والتجارى الصينى ، وادعى أن الصين هى التى تخوف أوروبا من تغيرات المناخ و"بصمات الكربون" ، وادعى أن أمريكا بقيادته "القوية" تخلصت تماما من هذه المخاوف ، واجتذبت فى تمانية شهور نحو 17 تريليون دولار استثمارات صناعية ، وهو رقم فلكى من تهيؤات "ترامب" ، وما من مصادر أمريكية يعتد بها تؤكد الرقم الخرافى ، فمعدلات التوظيف الشهرية آخذة فى التناقص ، والإحصاءات المعلنة لآخر الشهور تقول ، أن عدد الوظائف المستجدة نزل إلى 20 ألفا شهريا ، وقد أطاح "ترامب" بالمسئولة عن إعداد الإحصاء ، وكان ذنبها أنها قالت كلاما لم يعجب الطفل الشايب ، كذنب خبراء الاقتصاد الذين حذروا من أحوال الركود ، ومن قرارات "ترامب" المنحازة لقلة الأثرياء والمليارديرات ، وبينهم عائلته التى كسبت ثمانية مليارات دولار فى الثمانية شهور الأخيرة وحدها ، إضافة للسخرية المريرة من احتقار"ترامب" للعلم ، ومشهورة هى نصيحته الجهولة للمصابين بوباء "كوفيد ـ 19" بشرب "الكلور" من أجل التعافى بسرعة ، وقد كانت أمريكا مع نهاية عهده الأول أكبر ضحية للوباء العالمى ، وهو ما يعتبره "ترامب" ـ ضمنا ـ مصدر فخر عظيم (!) ، ربما لأن أغلب الضحايا كانوا من ذوى الأصول الأفريقية واللاتينية .

 

نعم ، "ترامب" يكذب ، ويعرف أنه يكذب ولا يبالى ، وكل ما يعنيه أن يواصل تقديم فقرات "البلياتشو" على أى مسرح يصادفه ، ويتصور أن أكاذيبه هى الحق المبين ، ولا نهاية للأمثلة على كذبه التلقائى أو المستعار ، خد عندك ـ مثلا ـ ما قاله عن عاصفة اعتراف دول غربية كبرى بالدولة الفلسطينية طبقا لإعلان "نيويورك" الشهير ، فلم يجد ما يقوله سوى استعادة أكاذيب "بنيامين نتنياهو" و"سموتريتش" و"بن غفير" ، وهاجم الاعترافات بدعوى أنها مكافأة لحركة "حماس" ، مع أن الإعلان المعترف بالدولة الفلسطينية طبقا لنصوصه ، يذهب إلى استبعاد "حماس" بالذات من كل شئ يتعلق بالدولة الفلسطينية المفترضة ، وإلى نزع سلاحها وسياستها تماما (!) ، ولأن ثقافة "ترامب" سماعية غالبا ، ولأن جرأته فى الكذب لا تبارى ، فقد اختار أن يكذب باسم الدولة العظمى التى يترأسها ، ولم يجد فى نفسه حاجة لتأليف سبب يخصه ، واكتفى بنقل كذبة "نتنياهو" حرفيا ، مع كلام "ببغاوى" عن السلام الذى تفرضه القوة ، فلا يقنع أحدا .

[email protected] 

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق محافظ الشرقية يفتتح مشروع صرف صحي قرية كفر أبو نجم بمركز أبو حماد
التالى ديربي أبناء العم.. عدى الدباغ يسجل ثاني أهداف الزمالك أمام الإسماعيلي