بدأت ملامح خطة إنقاذ تطبيق TikTok في الولايات المتحدة تتضح بشكل أكبر، مع اقتراب الاتفاق بين واشنطن وبكين من المراحل النهائية، وفق ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء.
الاتفاق المرتقب يأتي بعد أشهر من المفاوضات المكثفة والتجاذبات السياسية، ليضع التطبيق الشهير تحت هيكل ملكية جديد يضمن سيطرة أمريكية على أعماله المحلية مع الحفاظ على تقنيات بايت دانس الصينية في خلفية المشهد.
وبحسب التقرير، فإن غالبية أسهم TikTok في الولايات المتحدة ستؤول إلى كيان أمريكي جديد يمتلك ما يقارب 80% من الحصص، فيما سيقتصر نصيب المساهمين الصينيين على أقل من 20%، وهو الحد الأدنى الذي يسمح به القانون الأمريكي.
ومن بين المستثمرين الذين سيشكلون العمود الفقري للشركة الجديدة، شركاء قدامى لـ TikTok مثل أوراكل، التي لطالما تعاونت مع التطبيق في مجال أمن البيانات، بالإضافة إلى شركات استثمارية كبرى في وادي السيليكون مثل أندرسون هورويتز وسيلفر ليك.
وسيضم مجلس الإدارة ممثلًا تختاره الحكومة الأمريكية بشكل مباشر، فيما ستظل الأغلبية في يد المديرين الأمريكيين. هذه الخطوة تُعتبر جزءًا من الضمانات التي تطالب بها واشنطن لتقليل المخاوف المتعلقة بالأمن القومي وحماية بيانات ملايين المستخدمين الأمريكيين.
المفاوضات حول هذه الصفقة استمرت لعدة أشهر، وشهدت تأجيلات متكررة للموعد النهائي لحظر التطبيق. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرّح في يونيو الماضي بأن الصفقة قد تُحسم خلال أسبوعين فقط، إلا أن التعقيدات التقنية والسياسية أخّرت إنجازها. ومع ذلك، يبدو أن بكين أبدت موافقة مشروطة، حيث أكد مسؤول صيني مؤخرًا أن النسخة الأمريكية الجديدة من TikTok ستظل تعمل بالخوارزمية الأصلية المرخصة من شركة بايت دانس، ما يعني أن التطبيق لن يفقد سحره الذي جعله منصة عالمية رائدة في مجال الفيديوهات القصيرة.
لكن الاتفاق لا يقف عند هذا الحد. فبحسب الصحيفة، يعمل مهندسو TikTok على تطوير نسخة جديدة من الخوارزمية باستخدام التقنية المرخصة نفسها، وهو ما يُفترض أن يضمن استقلالية تشغيلية أكبر داخل الولايات المتحدة، مع استمرار الاستفادة من الابتكارات التي جعلت المنصة تتصدر المشهد الرقمي عالميًا.
من جانبها، ستلعب شركة أوراكل دورًا محوريًا في هذه المرحلة، إذ ستتولى الإشراف المباشر على بيانات المستخدمين الأمريكيين، في خطوة تهدف إلى تبديد المخاوف بشأن إمكانية وصول أطراف خارجية إلى تلك البيانات الحساسة. التعاون بين أوراكل وTikTok ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمباحثات سابقة بين الشركتين والحكومة الأمريكية منذ بدء أزمة التطبيق عام 2020.
ورغم أن الاتفاق يقترب من صورته النهائية، إلا أن تنفيذه الكامل قد يستغرق وقتًا أطول. فقد أعلن ترامب، للمرة الرابعة، عن تمديد الموعد النهائي لحظر التطبيق، مؤكدًا أنه سيجري اتصالًا مع الرئيس الصيني شي جين بينغ نهاية الأسبوع "للتأكد من كل شيء".
هذا التطور يضع TikTok على أعتاب مرحلة جديدة قد تغيّر شكل ملكيته ونظام عمله في السوق الأمريكي. ففي الوقت الذي يسعى فيه البيت الأبيض لضمان أمن بيانات المستخدمين، تحاول بكين التمسك بخيوط التأثير في خوارزمية تعد من أبرز أصول بايت دانس الاستراتيجية. وبين شد وجذب، يبدو أن الصفقة قد تشكل نموذجًا جديدًا لإدارة الصراعات التكنولوجية بين القوى الكبرى في العصر الرقمي.
