سجّل إنتاج الغاز في مصر ارتفاعًا قدره 160 مليون متر مكعب، خلال يوليو/تموز الماضي، بنسبة 5% على أساس شهري، ليسجل أعلى مستوى في 4 أشهر.
وبحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، فإن إنتاج الغاز المصري ارتفع خلال يوليو/تموز 2025 إلى 3.578 مليار متر مكعب (4.07 مليار قدم مكعبة) يوميًا، مقابل 3.416 مليار متر مكعب (4.01 مليار قدم مكعبة يوميًا) في يونيو/حزيران السابق.
ويتجاوز هذا الرقم أعلى مستوى مُسجّل منذ مارس/آذار 2025، البالغ 3.64 مليار متر مكعب (4.14 مليار قدم مكعبة)، إذ جاء ذلك مدفوعًا بتنفيذ الحكومة 3 خطوات رئيسة:
- الالتزام بسداد مستحقات الشركات الأجنبية بانتظام.
- تقديم حوافز جديدة للاستثمار.
- ربط آبار ومشروعات حديثة على خريطة الإنتاج.
ورغم ذلك، لا يزال إنتاج الغاز في مصر متراجعًا على أساس سنوي بمقدار بلغ 560 مليون متر مكعب خلال يوليو/تموز الماضي، مقارنة بإنتاج يوليو/تموز 2024، البالغ 4.13 مليار متر مكعب (4.70 مليار قدم مكعبة يوميًا).
وتمثّل هذه التطورات تحوّلًا في مسار قطاع الطاقة، في إطار جهود السيطرة على انخفاض الإنتاج، بعد أن اضطرت القاهرة مؤخرًا إلى استيراد الغاز المسال لتلبية احتياجاتها.
ووفقًا لتقديرات منصة الطاقة، أسهمت الإجراءات الأخيرة في استعادة ثقة الشركاء الدوليين وعودة استثماراتهم لحقول الغاز بالبحر المتوسط والصحراء الغربية.
إذ تُظهر المؤشرات الأولية أن مزيج السياسات الحكومية بدأ يُؤتي ثماره، مع توقعات باستمرار نمو الإنتاج خلال النصف الثاني من العام المالي الحالي، مدعومًا بتشغيل آبار إضافية وحفر مناطق جديدة.
وتعتمد مصر على هذه الخطوات لتقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك؛ إذ يتجاوز الطلب ذروته 7 مليارات قدم مكعبة يوميًا في فصل الصيف، وهو ما يجعل تعزيز الإمدادات المحلية ضرورة ملحّة لتقليل فاتورة الاستيراد وضمان استقرار السوق.
مستحقات الشركات الأجنبية
مثّل تسديد مستحقات الشركات الأجنبية الركيزة الأولى في خطة الحكومة لإعادة نمو الغاز في مصر.
فقد دفعت القاهرة 500 مليون دولار في سبتمبر/أيلول الجاري، ليتقلّص حجم المتأخرات إلى 1.72 مليار دولار، مع التزام رسمي بسداد 620 مليونًا أخرى قبل نهاية العام الجاري.
وتعهدت الحكومة بإغلاق ملف المتأخرات بالكامل في الربع الأول من 2026، وهو ما يمنح الشركات ثقة أكبر في ضخ استثمارات جديدة في أعمال التنقيب والتطوير.
ويؤكد مسؤولون أن الالتزام بآلية دفع الفواتير الشهرية أصبح سياسة دائمة لتجنّب تراكم الديون مجددًا.
حوافز جديدة للاستثمار
الخطوة الثانية تمثّلت في إطلاق حزم تحفيزية للشركاء الدوليين؛ إذ سمحت وزارة البترول لهم بتصدير جزء من حصصهم في الإنتاج الجديد واستعمال العائدات لسداد المستحقات. كما رفعت أسعار شراء حصص الشركات من الغاز المنتج.
وأُدرج نظام "معامل الربحية" إلى بعض الاتفاقيات، ولا سيما في المناطق البحرية العميقة أو البكر، لزيادة الجدوى الاقتصادية.
كما طُرحت فرص استثمارية قريبة من مواقع العمل الحالية، ما يقلّل تكاليف التطوير ويعزّز قدرة مصر على جذب استثمارات إضافية في الغاز.
ربط آبار ومشروعات جديدة
الخطوة الثالثة تمثّلت في الإسراع بربط الآبار المكتشفة على الإنتاج، فقد أُضيف، مؤخرًا، نحو 30 مليون قدم مكعبة يوميًا من بئر جديدة في غرب البرلس، مع خطط لزيادة 25 مليونًا أخرى في الربع الثالث من العام.
وفي أغسطس/آب، بدأ الإنتاج من بئر "ظهر-6" بحقل ظهر، ليضيف 65 مليون قدم مكعبة يوميًا.
كما شهد الشهر نفسه دخول بئرَيْن جديدتَيْن في غرب الدلتا بقدرة 60 مليون قدم مكعبة، بجانب إعادة بئر متوقفة للإنتاج بنحو 10 ملايين قدم مكعبة.
وإجمالًا، نجحت القاهرة في إضافة أكثر من 200 مليون قدم مكعبة يوميًا لإنتاج الغاز خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين، بحسب أحدث البيانات الرسمية.

وفي سبتمبر/أيلول الجاري، بدأت شركة خالدة للبترول إنتاج الغاز من البئر الجديدة جنوب (NUT-1) الواقعة في الصحراء الغربية بمعدل 50 مليون قدم مكعبة يوميًا.
كما تمكّنت شركة شمال سيناء من ربط آبار مشروع المرحلة الثالثة "ب"، الواقعة في البحر المتوسط، على خريطة إنتاج الغاز في مصر، بمعدل 34 مليون قدم مكعبة يوميًا.
اكتشافات واحتياطيات إضافية
بعيدًا عن الإنتاج الجاري، تحقّق الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" نتائج لافتة على صعيد الاستكشاف.
فقد سجلت 29 كشفًا جديدًا خلال العام المالي الماضي، أضافت نحو 1.85 تريليون قدم مكعبة للاحتياطيات، بجانب إسناد 9 قطاعات بحث جديدة، وتوقيع 6 اتفاقيات باستثمارات 479 مليون دولار، وإجمالي منح توقيع 14.5 مليون دولار.
كما جرى استرداد أكثر من 300 مليار قدم مكعبة احتياطيات في البحر المتوسط خلال الربع الأخير من 2024-2025، وتعمل "إيجاس" بالتعاون مع الشركاء على تقييم مكامن جديدة لتعجيل عمليات التطوير في 2025-2026.
كما وقّعت وزارة البترول المصرية، خلال سبتمبر/أيلول الجاري، 3 اتفاقيات جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في الصحراء الغربية وخليج السويس وشمال سيناء، باستثمارات تتجاوز 121 مليون دولار.
مستقبل الغاز في مصر
على المدى المتوسط، تراهن الحكومة على رفع إنتاج الغاز في مصر إلى 6.6 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول 2027.
ويستند هذا الهدف إلى تنمية حقل ظهر، وزيادة عدد الآبار المحفورة، والتوسع في أنشطة الاستكشاف، مع تحسين البنية التحتية.
وبحسب تصريحات رسمية، فإن العودة إلى التصدير مرهونة بتقليص الفجوة بين الإنتاج والطلب المحلي أولًا.
لكن الإجراءات الحالية -من سداد الديون، والحوافز الاستثمارية، وربط الآبار الجديدة- تفتح الطريق أمام القاهرة لاستعادة مكانتها الإقليمية في سوق الغاز خلال الأعوام المقبلة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..