أكد السفير الفرنسي لدى مصر، إريك شوفالييه، أن فرنسا تعطي أهمية كبرى للتشاور مع مصر والدول العربية والإسلامية في مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشددًا على أن العمل المشترك بين الأطراف هو الطريق الوحيد لتحقيق سلام دائم وأمن مستقر للمنطقة.
وفي سلسلة تصريحات خاصة للإعلامية دينا زهرة على قناة "القاهرة الإخبارية"، تناول السفير الفرنسي محاور أساسية حول دور فرنسا في دعم حل الدولتين، وموقفها من التهديدات الإسرائيلية، وسبل استكمال دينامية الاعتراف بالدولة الفلسطينية عمليًا.
التشاور العربي والدولي: أساس نجاح مسار السلام
قال شوفالييه إن التشاور مع مصر والدول العربية والإسلامية لإقامة سلام دائم بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمر أساسي، مؤكدًا أن "قيام تحالف عربي أوروبي دولي واسع النطاق يمكن أن يطلق دينامية حقيقية".
وأضاف أن زيارة الرئيس ماكرون لمصر بدعوة من الرئيس السيسي كانت محطة مهمة لتعزيز هذا التشاور، موضحًا: "نحن على إيمان كبير بأن النجاح ممكن فقط من خلال العمل المشترك، لا بالجهود المنفردة".
وأشار إلى أن التنسيق مع الولايات المتحدة، والحديث المستمر مع الرئيس الأمريكي، جزء من هذا المسار لتحقيق الأهداف المشتركة للسلام.
التعايش السلمي وليس القوة: رؤية فرنسا لحل الدولتين
أكد السفير الفرنسي أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مكافأة للإرهاب، مشددًا على ضرورة نزع سلاح حماس وأن تكون مسار السلام هو الأساس، وليس العنف أو القوة.
وقال: "ليست القوة هي التي تجلب السلام الدائم، بل التعايش السلمي لدولتين لشعبين يعيشان بأمن وسلام جنبًا إلى جنب".
كما أوضح أن موقف فرنسا يهدف إلى تحقيق أفق للسلام والأمن لجميع شعوب المنطقة، بما في ذلك الشعب الإسرائيلي، رغم الحملات الدعائية المضادة.
فرنسا ترد على تهديدات إسرائيل
تعليقًا على تهديدات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بخصوص الاعتراف بالدولة الفلسطينية، قال شوفالييه: "فرنسا دولة كبرى، وهي جزء من الاتحاد الأوروبي، ولسنا بلدًا يمكن ترهيبه".
وأضاف أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي مستمر منذ سنوات، مؤكدًا أن الاعتراف الفرنسي لن يكون سببًا في تسريع الاستيطان، وهو أمر غير قانوني وفق القانون الدولي.
فرض عقوبات على المستوطنات: أداة ضغط على إسرائيل
كشف السفير الفرنسي أن فرنسا وشركاء دوليون فرضوا عقوبات على بعض المستوطنات في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن فرنسا لا تبيع أسلحة هجومية لإسرائيل، وأن العقوبات تمثل جزءًا من أدوات الضغط وليس الهدف النهائي.
وأوضح أن الهدف هو تعزيز إدراك إسرائيل بأن سياسة القوة وحدها لن تحقق السلام، وأن التكاتف الدولي والعربي-الأوروبي ضروري لتغيير الديناميكية الحالية.
دعم جهود وقف إطلاق النار في غزة
أكد شوفالييه أن الاستراتيجية الفرنسية ترتكز على ثلاثة محاور: الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خطة عملية للتنفيذ، ووقف إطلاق النار، مشددًا على أن هذا الركن الأخير هو الأكثر إلحاحًا حاليًا.
وأشار إلى دعم فرنسا للجهود المصرية والقطرية والأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، لضمان استكمال المسار السياسي وتحقيق دينامية الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية: خطوة نحو الكرامة والسلام
أوضح السفير الفرنسي أن مجرد الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يكفي لحل الوضع المأساوي في غزة أو الضفة الغربية، لكنه يطلق دينامية سياسية مهمة تستكمل بخطة مستقبلية لبناء الدولة الفلسطينية.
وأشار إلى أن فرنسا تعمل بالتنسيق مع السعودية ومصر وعدد من الدول المحورية، وقد تُوجت هذه الجهود بإعلان نيويورك ونجاح التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح آليات عملية لإنشاء الدولة الفلسطينية.
أسباب الاعتراف: الحق والسلام
أكد شوفالييه أن السبب الجوهري للاعتراف الفرنسي بفلسطين هو حق الشعب الفلسطيني في الكرامة والدولة المستقلة، إلى جانب السلام المستدام.
وأضاف أن الرئيس ماكرون حرص على خلق دينامية دولية تشمل شركاء مثل بريطانيا وكندا وأستراليا وبلجيكا والبرتغال، لضمان تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
زيارة ماكرون لمصر: نقطة التحول في القرار
كشف السفير أن زيارة ماكرون لمصر في إبريل الماضي كانت حاسمة في اتخاذ قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، حيث التقى ماكرون جرحى وأطفالًا في العريش وشاهد المساعدات الإنسانية المعرقلة، وهو ما أكد له الحاجة الملحة للتحرك.
وقال شوفالييه: "على متن الطائرة العائدة من القاهرة، أكد ماكرون للصحافة الفرنسية أنه سيكون من الضروري الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وجرى الإعلان الرسمي بعد عدة أشهر من النضج السياسي لهذا القرار".
