تشهد أسواق الطاقة العالمية منذ بداية الأسبوع الجاري تحركات لافتة للأنظار، أثارت الكثير من التساؤلات بين المحللين والمستثمرين على حد سواء. فلليوم الثاني على التوالي، واصل النفط تسجيل مكاسب جديدة، وسط ظروف معقدة تجمع بين عوامل اقتصادية وجيوسياسية تجعل المشهد غامضًا بالنسبة للاتجاهات المستقبلية للأسعار.
ففي تعاملات اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 27 سنتًا لتصل إلى 67.90 دولارًا للبرميل، بعدما سجلت 67.63 دولارًا في الجلسة السابقة. وفي الاتجاه ذاته، صعدت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 28 سنتًا لتسجل 63.69 دولارًا للبرميل مقارنة بـ63.41 دولارًا أمس. هذا الارتفاع الطفيف في الظاهر، يعبّر في جوهره عن ديناميكيات معقدة تتحكم في سوق النفط العالمي، أبرزها تراجع المخزونات الأمريكية، وزيادة معدلات الطلب، فضلًا عن التوترات السياسية التي تلقي بظلالها على مناطق الإنتاج الحيوية.
عوامل تدفع بالصعود
يرى خبراء الطاقة أن هذا الأداء الإيجابي جاء نتيجة مجموعة من العوامل المتداخلة:
تراجع المخزونات الأمريكية: وهو ما يعكس زيادة في الطلب المحلي على الوقود، ويُعد مؤشرًا مباشرًا على تعافي الأنشطة الاقتصادية داخل الولايات المتحدة.
انتعاش الاستهلاك العالمي: خاصة في الأسواق الآسيوية والأوروبية، حيث أدى تحسن النشاط الصناعي إلى رفع مستويات الطلب على الخام.
التزام أوبك+: الدول الأعضاء في التحالف النفطي تواصل التمسك بخطط خفض المعروض لدعم استقرار السوق ومنع حدوث تخمة في الإمدادات.
التوترات الجيوسياسية: من الشرق الأوسط إلى بعض مناطق إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تبقى المخاطر السياسية حاضرة بقوة، ما يعزز المخاوف بشأن مستقبل الإمدادات.
مقارنة بالأيام السابقة
تكشف البيانات الأخيرة عن اتجاه تصاعدي مستمر، إذ ارتفع خام برنت من 67.35 دولارًا في 22 سبتمبر إلى 67.63 دولارًا في 23 سبتمبر، ثم واصل مكاسبه ليصل إلى 67.90 دولارًا اليوم. الأمر ذاته ينطبق على خام غرب تكساس الذي تحرك من 63.20 دولارًا إلى 63.41 دولارًا ثم إلى 63.69 دولارًا. هذه القفزات، وإن بدت محدودة من حيث القيمة، إلا أنها تحمل دلالات عميقة على أن السوق يعيش حالة من عدم اليقين.
انعكاسات مباشرة على الاقتصاد العالمي
ارتفاع أسعار النفط لا يقتصر تأثيره على الشركات العاملة في قطاع الطاقة فحسب، بل يمتد ليطال الاقتصاد العالمي بأسره:
زيادة تكاليف الوقود والنقل في مختلف الأسواق، وهو ما ينعكس على أسعار السلع والخدمات.
ضغوط تضخمية إضافية على الدول المستوردة للنفط، التي تجد نفسها أمام فاتورة واردات أعلى مما يزيد من أعباء الموازنات العامة.
تعزيز أرباح الشركات النفطية والدول المنتجة، حيث تحقق هذه الأطراف مكاسب مالية ضخمة مع كل صعود في الأسعار.
توقعات الفترة المقبلة
يتفق محللو الطاقة على أن الأسعار ستبقى عرضة للتقلب خلال الأشهر القادمة، تبعًا لمجموعة من المتغيرات، أبرزها بيانات الاستهلاك الأمريكي وقرارات تحالف أوبك+. كما يترقب المستثمرون تأثير المستجدات الاقتصادية الدولية، خاصة ما يتعلق بتباطؤ بعض الاقتصادات الكبرى، وتداعيات الحروب والنزاعات التي تؤثر بشكل مباشر على طرق الإمداد وأسعار الشحن.
نصائح للمستثمرين
في ظل هذه الظروف، ينصح الخبراء بضرورة التعامل مع الاستثمار في عقود النفط بحذر، مع متابعة دقيقة للتقارير الرسمية الخاصة بالمخزونات والإنتاج. كما يؤكدون على أهمية قراءة المؤشرات الاقتصادية العالمية باعتبارها أداة مساعدة لتحديد أفضل توقيتات الشراء والبيع، وتجنب الوقوع في فخ التقلبات المفاجئة التي اعتادت أسواق الطاقة أن تشهدها في مثل هذه الفترات.
رأي خبير اقتصادي
وفي هذا السياق، يرى الدكتور محمود العشماوي، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد الدولي، أن ما يجري في أسواق النفط اليوم ليس مجرد صعود عابر، بل إشارة إلى مرحلة جديدة من الاضطراب في الاقتصاد العالمي. ويوضح العشماوي أن استمرار ارتفاع الأسعار قد يدفع بعض الدول الكبرى إلى إعادة النظر في سياساتها النقدية والمالية لمواجهة التضخم، بينما ستستغل الدول المنتجة هذه الفرصة لتعزيز موازناتها. وأضاف أن "المعادلة الأصعب تكمن في أن أي صعود مبالغ فيه في أسعار النفط قد يتحول سريعًا إلى عبء على النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما يجعل السوق حاليًا يقف على حافة توازن هش بين المكاسب والمخاطر."
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
