بعد أسابيع من التوتر والنزاع الداخلي بين رهبان دير سانت كاترين ورئيس الدير المطران داميانوس، انتخب مجمع الرهبان سمعان (سيميون) بابادوبولوس مطرانًا جديدًا، حيث حصل على 19 صوتًا من أصل 20 في اقتراع تقليدي تترك فيه البطاقة الخاصة به فارغة احترامًا للتقاليد الرهبانية.
إقالة المطران السابق داميانوس
جاء هذا الانتخاب عقب فترة شهدت تصعيدًا كبيرًا داخل دير سانت كاترين ، حيث انتهت بتصويت داخلي لإقالة المطران السابق داميانوس الذي ردّ بدوره بإجراء غير مسبوق، إذ قام بإخراج الرهبان من قلاياتهم بمساعدة أفراد أمن خاص. هذه الأزمة تعدّ الأولى من نوعها في تاريخ هذا الدير العريق، الذي يُعتبر أقدم دير مأهول في العالم.
بدأت المشكلة أوائل سبتمبر بنزاعات بين المطران داميانوس ومجمع الرهبان. وفي بيان رسمي، أعلن 15 راهبًا من أخوية دير سانت كاترين توجههم لبطريرك القدس للمطالبة بعزل المطران استنادًا إلى المادة 12 من النظام الأساسي للدير، التي تمنحهم القدرة على ذلك في حال وجود ما يثبت سوء الإدارة أو الانحراف العقائدي.

تجاوزات مالية وإدارية بشان دير سانت كاترين
تقدم الرهبان باتهامات إلى داميانوس تشمل تجاوزات مالية وإدارية وعقائدية. كرد فعل على هذه الاتهامات، قام المطران بطرد 16 راهبًا ممن عارضوا قيادته واصفًا إياهم بالمتآمرين، إلا أن الرهبان رفضوا هذا الإجراء واعتصموا في المنطقة الجبلية المحيطة بدير سانت كاترين بعد تقديم بلاغات رسمية ضده إلى الجهات المختصة. كما أعلنوا رفضهم مشروع قانون يوناني جديد يعتبرونه خطرًا على الوضع التاريخي والقانوني للدير.

المطران داميانوس لم يلتزم الصمت
فقد أصدر بيانًا وصف فيه الأزمة بأنها مؤامرة تهدد وحدة الأخوية وتخدم جهات تسعى للنيل من المسار التاريخي للدير. وشدد على أن مشروع القانون اليوناني الذي أثار الجدل جاء لحماية الدير بعد صدور حكم قضائي مصري في مايو 2025 أثار شكوكًا حول ملكيته وحالته القانونية. ومع بلوغه 91 عامًا، أشار داميانوس إلى التزامه بالقوانين الكنسية والدبلوماسية ودعا الجميع للوحدة والتوبة مع التحذير من عواقب الانقسام.

تدخل بطريركية القدس
في ظل هذه الأحداث المتسارعة، تدخلت بطريركية القدس على رأسها البطريرك ثيوفيلوس الثالث. أعلن البطريرك إرسال وفد كنسي ثلاثي إلى دير سانت كاترين بهدف التوسط وحل الأزمة الراهنة بين الطرفين.
أكد البطريرك في رسالته أن دير سيناء البطريركي يرتبط تقليديًا وقانونيًا بالولاية الروحية لبطريركية القدس، مشددًا على أن أي محاولة جادة لتحقيق المصالحة
ينبغي أن تتم ضمن هذا الإطار الكنسي. كما أشار إلى أن هدف الوفد هو تعزيز روح المصالحة والتعاون الأخوي مع الرهبان القائمين على الدير، بهدف الوصول إلى حل سلمي يضمن وحدة الأخوية السينائية ويحافظ على العراقة التي يتميز بها الدير وتقاليده الراسخة.
أنهى ثيوفيلوس الثالث رسالته بالتأكيد على متابعة القضية بعناية وصلاة، معربًا عن أمله بأن يبقى دير سيناء رمزًا دائمًا للقداسة، التواضع، والتقرب إلى الله.