يواصل مستوطنو الضفة الغربية تحدي الآمال في إقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة، من خلال التوسع الاستيطاني المتسارع والاعتداءات العنيفة على الفلسطينيين، مما يقسم الأرض ويجعل حل الدولتين شبه مستحيل. يعتمد هذا النهج، المدعوم من ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف، على استراتيجية واضحة لتقطيع أوصال الضفة الغربية جغرافيًا وسياسيًا، حيث تُقام مستوطنات جديدة وطرق غير قانونية لربطها، مما يعيق حركة الفلسطينيين ويدمر إمكانية إقامة كيان سياسي متماسك.
ووفقًا لتقرير نشرته رويترز بعنوان "كيف تسعى استراتيجية إسرائيل في الضفة الغربية إلى دفن فكرة الدولة الفلسطينية"، فإن مشاريع مثل إي وان (E1) القريبة من القدس تهدف إلى فصل رام الله عن بيت لحم، مع وجود أكثر من ٨٥٠ عائقًا لحركة الفلسطينيين، مما يعزز سيطرة المستوطنين على الأراضي الاستراتيجية عبر العنف ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى مزارعهم.
هذا التوسع الاستيطاني، الذي شهد تصعيدًا كبيرًا بعد أحداث أكتوبر ٢٠٢٣، يتضمن إقرار آلاف الوحدات السكنية الجديدة وتشريع بؤر استيطانية غير قانونية، مما يعكس رؤية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لزيادة عدد المستوطنين إلى أكثر من نصف مليون إضافي في الضفة. تقرير في صحيفة الجارديان البريطانية بعنوان "إسرائيل تعلن عن إنشاء ٢٢ مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة" أشار إلى أن هذه الخطوة تهدف صراحةً إلى منع قيام دولة فلسطينية، مع دعم من إدارة ترامب التي عززت الموقف الإسرائيلي عبر شخصيات مثل السفير ديفيد فريدمان ومايك هوكابي، المعروفين بدعمهم للاستيطان تحت ذريعة "يهودا والسامرة" التوراتية.
كما أكدت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تقرير بعنوان "إسرائيل توافق على خطط مستوطنة إي وان المثيرة للجدل في الضفة الغربية" أن هذه المشاريع، مثل إي وان، تُعتبر "النهاية الفعلية" لآمال الدولة الفلسطينية، حيث تقسم الضفة إلى قسمين جغرافيين، مما يحول دون إقامة كيان سياسي متماسك، وسط إدانات دولية من منظمات مثل المحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت الاستيطان غير قانوني.
وعلى الرغم من الاعترافات الدولية المتزايدة بالدولة الفلسطينية، مثل تلك من فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، كما أبرز تقرير في صحيفة فايننشال تايمز بعنوان "اعتراف فرنسا بفلسطين يكشف عن صدع الاتحاد الأوروبي بشأن الحرب في الشرق الأوسط"، فإن المستوطنين يواصلون تحدي هذه الجهود عبر هجمات عنيفة واستيلاء على الأراضي. سجلت الأمم المتحدة مئات الاعتداءات من المستوطنين في النصف الأول من عام ٢٠٢٥، بما في ذلك حرق مزارع ومصادرة مراعي البدو، مما يجبر السكان على النزوح.
وأشار تقرير في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "مع الحرق والاستيلاء على الأراضي، هجمات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية تصل إلى مستوى قياسي" إلى أن هذه الهجمات تهدف إلى ترهيب الفلسطينيين وطردهم من مناطق استراتيجية، مما يعزز السيطرة الإسرائيلية ويدمر أي إمكانية لتبادل الأراضي في مفاوضات مستقبلية. كما أفادت جارديان البريطانية في تقرير بعنوان "المسمار الأخير في نعش الدولة الفلسطينية: المستوطنون الإسرائيليون يدفعون نحو استيلاء جديد على أراضي الضفة" أن هذه السياسات، بدعم من تصريحات ترامب التي شجعت على "التطهير العرقي"، تحول الضفة إلى واقع استيطاني ينهي أحلام السيادة الفلسطينية.
في سياق متصل، يرى مراقبون أن هذا التوسع يعكس تحولًا إسرائيليًا نحو ضم فعلي، مدعومًا بتصريحات سياسية مثل تلك التي أدلى بها سموتريتش، الذي وصف مشروع إي وان بأنه "يدفن فكرة الدولة الفلسطينية"، كما نقلت بي بي سي في تقرير بعنوان "خطط الاستيطان الإسرائيلية ستدفن فكرة الدولة الفلسطينية، يقول الوزير". هذا التصعيد، الذي يشمل إقرار ٢٢ مستوطنة جديدة، يأتي كرد فعل على الاعترافات الدولية، حيث يرى المستوطنون في دعم نتنياهو فرصة لفرض سيطرة دائمة، مما يعمق اليأس الفلسطيني ويثير مخاوف من نزوح جماعي جديد يذكر بنكبة ١٩٤٨. وفقًا لتقرير لأسوشيتد برس بعنوان "إسرائيل توافق على مشروع استيطاني قد يقسم الضفة الغربية"، فإن مشروع إي وان، الذي كان مجمدًا لعقدين بسبب الضغوط الأمريكية، يُمضي الآن قدمًا، مما يساهم في تجزئة الأراضي ويجعل أي دولة فلسطينية مستقبلية مجرد كانتونات معزولة.
وأشارت صحيفة تورنتو ستار الكندية إلى أن هذه الديناميكيات تحول الضفة إلى ساحة صراع يومي، حيث يفقد الفلسطينيون سيطرتهم على أراضيهم، وتتعمق الكراهية، مما يهدد بانهيار أي حوار مستقبلي ويجعل السلام بعيد المنال.