كشفت دراسة علمية موسعة نُشرت مؤخرًا في مجلة Psychiatry Research أن النوم بعد الساعة الواحدة صباحًا يرتبط بزيادة ملحوظة في معدلات الإصابة بالاضطرابات النفسية، وفي مقدمتها الاكتئاب والقلق، بغض النظر عن عدد ساعات النوم أو انتظامها.
وتمتد الدراسة على مدى ثماني سنوات، وشملت تحليل بيانات 73,880 شخصًا في المملكة المتحدة، باستخدام أجهزة تتبع النوم وربط نتائجها بالسجلات الصحية للمشاركين. وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين اعتادوا السهر إلى ما بعد الواحدة صباحًا كانوا أكثر عرضة للاضطرابات النفسية مقارنة بمن ينامون في وقت مبكر.
وبحسب التحليل، فإن 19,065 مشاركًا كانوا من فئة "النوم المبكر"، بينما بلغ عدد "محبي السهر" 6,844 شخصًا، وتوزع الباقون على فئة متوسطة. وتبيّن أن الفئة الأخيرة كانت أقل تأثرًا من الساهرين، لكن لم تتمتع بنفس الفوائد النفسية التي رُصدت لدى من ينامون مبكرًا.
ويشير الباحثون إلى أن توقيت النوم، وليس فقط مدته، له تأثير مباشر على الصحة النفسية. فالأشخاص الذين يستيقظون مبكرًا ويتعرضون لضوء الشمس الطبيعي، يتمتعون غالبًا بصحة عقلية أفضل بفضل تنظيم الساعة البيولوجية، وإنتاج هرمونات مهمة مثل الميلاتونين وفيتامين "د".
العوامل المسببة للآثار السلبية
وترجع الدراسة التأثيرات السلبية للسهر إلى عدة عوامل، أبرزها: زيادة احتمالات اتخاذ قرارات خاطئة في ساعات الليل المتأخرة، والانخراط في سلوكيات مضرة كالإفراط في تناول الطعام أو استخدام المواد المخدرة أو الدخول في دوامة التفكير السلبي. كما يؤثر التعرض المستمر للضوء الأزرق الصادر عن الشاشات على جودة النوم ويقلل من إنتاج الميلاتونين.
ومن بين الآثار المحتملة للسهر أيضًا، انخفاض التعرض لأشعة الشمس في النهار، ما يؤثر على مستويات فيتامين "د" المرتبط بتحسين المزاج، إضافة إلى اضطراب الساعة البيولوجية الذي قد يؤدي إلى ضعف التركيز والذاكرة والتوازن العاطفي.
وفي ضوء هذه النتائج، ينصح الخبراء بتبني عادات نوم صحية، تشمل الالتزام بمواعيد نوم واستيقاظ منتظمة، والحد من استخدام الشاشات قبل النوم، وتهيئة بيئة نوم مريحة وهادئة. كما يُوصى بممارسة أنشطة مهدئة قبل النوم، مثل القراءة أو التأمل، لتحسين جودة النوم وتقليل فرص الإصابة بالمشاكل النفسية.