شهدت شركة xAI المملوكة لإيلون ماسك واحدة من أكبر موجات التسريح في تاريخها القصير، بعد أن أفادت صحيفة بزنس إنسايدر بأن الشركة استغنت عن ما لا يقل عن 500 موظف من فريقها المتخصص في تصنيف البيانات.
هذا الفريق يُعدّ الأكبر داخل الشركة، حيث يتولى مهمة جمع وتحليل وتصنيف البيانات التي تُستخدم في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها النموذج الشهير Grok.
بحسب التقرير، تلقى الموظفون المفصولون بريدًا إلكترونيًا مساء الجمعة 12 سبتمبر، يُبلغهم بقرار تقليص الفريق المسؤول عن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ورغم تأكيد الشركة أن رواتبهم ستُصرف حتى نهاية عقودهم في 30 نوفمبر، إلا أن وصولهم إلى أنظمة الشركة تم إيقافه مباشرة بعد الإشعار، ما أثار جدلاً واسعًا حول طريقة إدارة الأزمة الداخلية.
عند طلب التعليق من الشركة، لم تُصدر xAI بيانًا رسميًا، لكنها أشارت إلى منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، أعلنت فيه نيتها توظيف كوادر جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لهذا المنشور، تعتزم الشركة مضاعفة عدد المتخصصين في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي عشرة أضعاف، مع تركيز خاص على الباحثين والمهندسين والخبراء في الرياضيات والعلوم.
وتهدف هذه الخطوة إلى بناء فريق قادر على التعامل مع بيانات عالية الجودة وتصنيفها وتحليلها بطرق أكثر تقدمًا، مع التركيز على مختلف أنواع البيانات، بما في ذلك النصوص والصوت والفيديو، ما يعني أن الشركة تسعى لإعادة تشكيل بنيتها الداخلية عبر استبدال فرق التصنيف التقليدية بخبرات تقنية أعمق.
تأتي عمليات التسريح الأخيرة في وقتٍ تشهد فيه الشركة موجة من التغييرات الداخلية، فقد ذكرت رويترز أن عدداً من كبار التنفيذيين غادروا مناصبهم مؤخرًا، بينهم المدير المالي مايك ليبراتور، ما يعكس تحديات محتملة في إدارة الشركة التي أسسها ماسك لتنافس الكبار في مجال الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI وAnthropic.
إلى جانب ذلك، يرى محللون أن تقليص فريق التصنيف التقليدي يرمز إلى تحول في أولويات الشركة، من الاعتماد على القوى العاملة البشرية بكثافة، إلى الاعتماد على فرق أصغر لكنها أكثر تخصصًا في مجالات دقيقة تعزز جودة التدريب والتطوير.
اللافت أن هذه القرارات تأتي بعد فترة وجيزة من إطلاق الشركة لنموذجها الأحدث Grok 4 في يوليو الماضي، والذي وصفه ماسك بأنه "أذكى نظام ذكاء اصطناعي في العالم".
وأكد في تصريحات سابقة أن Grok 4 قادر على تحقيق نتائج قريبة من الكمال في اختبارات SAT وGRE، بالإضافة إلى القدرة على الإجابة على أسئلة لم يسبق له التعرض لها.
كما أشار ماسك إلى أن "Grok" سيواصل هذا العام تطوير تقنيات جديدة غير مسبوقة، مؤكدًا أن استبعاد تحقيق هذه القفزات خلال العام المقبل سيكون مفاجئًا. هذا الطموح الكبير يضع الشركة تحت ضغط مستمر لإثبات قدرتها على الابتكار، خصوصًا في ظل المنافسة الشرسة في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي.
في الوقت الذي قد يُنظر فيه إلى تسريح 500 موظف كخطوة سلبية، يرى آخرون أن هذا التحرك جزء من إعادة هيكلة ضرورية لمواكبة المرحلة التالية من تطور الشركة، فبدلاً من الاعتماد على فرق ضخمة تُعالج البيانات بشكل تقليدي، تسعى xAI لتجميع فريق أصغر وأكثر تخصصًا قادر على تحسين جودة البيانات وتطوير النماذج بكفاءة أعلى.
ومع أن هذا النهج قد يُعزز من سرعة الابتكار، إلا أنه يطرح تساؤلات عن تأثيره على سمعة الشركة واستقرارها الداخلي. فالتغييرات المفاجئة وخروج القيادات العليا قد يُربك مسار الشركة على المدى القصير، خاصة في ظل توقعات السوق الكبيرة لأداء Grok.
قرار xAI بتسريح مئات الموظفين لا يمكن قراءته كحدث معزول، بل كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة رسم مستقبلها في سباق الذكاء الاصطناعي، وبينما يراهن ماسك على مضاعفة خبراء الذكاء الاصطناعي ورفع كفاءة العمل، تبقى الأنظار موجهة إلى مدى قدرة الشركة على تحويل هذه الرؤية إلى واقع، وسط منافسة متزايدة وضغوط متصاعدة من السوق والمستثمرين على حد سواء.