في مشهد يعكس تغيرات واسعة على خريطة العمران في مصر، شهد ملف تراخيص البناء تحولًا جذريًا مع بداية عام 2025، فبعد سنوات من الجدل حول الاشتراطات التخطيطية والقيود البنائية، جاء القرار الرسمي بإلغائها ليعيد الأمور إلى إطار قانون البناء الموحد لسنة 2008، في خطوة وصفت بأنها محاولة لتحقيق توازن بين احتياجات المواطنين ومقتضيات التنظيم الحضاري.
قانون البناء الموحد لسنة 2008
وزارة التنمية المحلية أصدرت تعليمات جديدة للمحافظات، تقضي بتقليص خطوات استخراج رخص البناء من 15 إلى 8 فقط، ما اختصر مسارًا معقدًا كان يرهق المواطنين، وأتاح إصدار التراخيص من خلال المراكز التكنولوجية دون الحاجة إلى المرور بجامعات أو عقود مشهرة.
أتاحت الدولة خدمة الرفع المساحي مقابل رسوم محددة
وبموجب النظام الجديد، تقلصت مدة إصدار التراخيص إلى 26 يومًا في حال عدم الحاجة إلى وثيقة تأمين، و40 يومًا عند اشتراطها، بينما أصبحت إجراءات بيان صلاحية الموقع لا تتجاوز 20 يومًا، كما أتاحت الدولة خدمة الرفع المساحي مقابل رسوم محددة، ما يجعل العملية أكثر وضوحًا وشفافية.
أما فيما يخص عدد الأدوار المسموح بها، فقد حدد القانون الجديد الارتفاعات وفق طبيعة الشوارع والمخططات التفصيلية، إذ يسمح ببناء دور أرضي وثلاثة طوابق في شوارع عرضها 6 أمتار بحد أقصى 13 مترًا، بينما يتضاعف الارتفاع ليعادل عرض الشارع إذا كان 8 أمتار أو أكثر.
كما أتاح استخدام الطابقين الأرضي والأول للأغراض التجارية والإدارية في الشوارع التي يتجاوز عرضها 10 أمتار.
خدمة استخراج تراخيص المباني إلكترونيًا
وفي المدن الجديدة، فعّلت وزارة الإسكان خدمة استخراج تراخيص المباني إلكترونيًا منذ يناير الماضي، بما يتيح تقديم الطلبات والرسومات الهندسية وسداد الرسوم عبر موقع هيئة المجتمعات العمرانية، ما وفر على المواطنين والمستثمرين عناء الذهاب للمكاتب التقليدية.
هذه التعديلات ليست مجرد تسهيلات إدارية، بل تعكس توجهًا نحو ضبط النمو العمراني، والحد من العشوائيات، وتحقيق التوازن بين سرعة إنجاز الخدمات والمحافظة على معايير البناء والسلامة.
وتفتح القرارات الجديدة المتعلقة بتراخيص البناء في مصر لعام 2025 صفحة مختلفة في مسار التنمية العمرانية، إذ لم يعد المواطن مطالبًا بخوض رحلة معقدة ومتشعبة للحصول على رخصة بناء كما كان في السابق.
تقليص الإجراءات إلى ثماني خطوات فقط، وتحديد مدة زمنية لا تتجاوز 40 يومًا كحد أقصى، يمثل تحولًا كبيرًا في فلسفة الإدارة الحكومية، التي تهدف إلى تيسير الخدمات مع الحفاظ على الانضباط التخطيطي والمعماري.
كما أن السماح بالاستخدام التجاري والإداري في بعض الأدوار، وإتاحة الخدمة الإلكترونية في المدن الجديدة، يعكس رؤية متكاملة تستجيب لاحتياجات الأفراد والمستثمرين.
وبذلك يصبح النظام الجديد خطوة عملية نحو تنظيم العمران بشكل أكثر مرونة، وضمان أن يظل التطوير العمراني مواكبًا لاحتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل.
