حسب تقديرات منصة الطاقة (مقرّها واشنطن) لإمدادات الوقود الأخضر من شمال أفريقيا، يتجلى دور قوي للجزائر في دعم إستراتيجية النمسا للتحوّل إلى مركز هيدروجين أخضر أوروبي، وكذلك دول أخرى في شمال القارة مثل تونس.
ويأتي ذلك نظرًا إلى الإمكانات والموارد المتجددة لدول شمال أفريقيا، التي جذبت اهتمام دول القارة العجوز لضمان إمدادات موثوقة وآمنة وتدفق مستمر للهيدروجين.
وتتبنّى "فيينا" حاليًا خطة متكاملة وشاملة لتحقيق طموحها، تشمل آليات لتأمين استيراد الهيدروجين وتسهيله، وتعمل بالتوازي مع الإستراتيجية الوطنية المعلنة منذ عام 2022، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وكشف وزير الاقتصاد النمساوي، فولفانغ هاتمانسدورفر، عن ملامح خريطة طريق بلاده للهيدروجين ودور الجزائر ودول شمال القارة السمراء في دعمها من خلال تأمين الإمدادات.
دور الجزائر ودول شمال أفريقيا
يشكّل مشروع ممر الهيدروجين الجنوبي، بنية تحتية جيوإستراتيجية مهمة للصناعة، بمشاركة دول أوروبية وأفريقية عدة.
ويربط خط أنابيب المشروع بين شمال أفريقيا ودول أوروبا الوسطى، من خلال إيطاليا والنمسا.
ويرصد الرسم الآتي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- المسار المتوقع لممر الهيدروجين بين أوروبا وشمال أفريقيا:
ويشكّل الممر أولوية لدول الاتحاد الأوروبي، إذ من المخطط أن تستورد ألمانيا والنمسا الهيدروجين من الجزائر وتونس بموجب إعلان مشترك بين الدول والشركات المتعاونة في التطوير.
وتوظف الدولتان الأوروبيتان إمدادات الهيدروجين في تطبيقات صناعية عدة، بدءًا من عام 2035.
وتستضيف النمسا مؤتمرًا سنويًا في 22 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بمشاركة صناع السياسات وممثلي القطاع الصناعي والباحثين، لبحث تطورات الممر.
وعقب ذلك بيوم واحد، يلتقي فريق عمل ممثلًا عن: (النمسا، وألمانيا، وإيطاليا) مع مشغلي الشبكات، لبحث التمويل والإطار التنظيمي.
وخارج الإطار الأوروبي، يتواصل التنسيق مع الهيئات المعنية في الجزائر وتونس.
ويبرز دور واضح للنمسا في مشروع الممر، بالاستفادة من خبرات تشغيل الشبكات والتخزين وتوظيف التقنيات، ما يؤهلها لتصبح مركز هيدروجين أوروبي.
ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" مشروع الممر الجنوبي بأنه أحد أبرز الطرق السريعة للطاقة في أوروبا، ما يعكس مدى إستراتيجيته.
خريطة طريق النمسا
تشمل خريطة طريق الحكومة النمساوية للتحول إلى مركز هيدروجين أخضر أوروبي مسارَيْن متوازيَيْن: بدعم الإنتاج المحلي، وتأمين الواردات.
ويمكن تنفيذ الطموح المزدوج من خلال محاور رئيسة، تتضمن:
- تبني إستراتيجية جديدة للاستيراد طويل الأجل.
- ضخ استثمارات في التحليل الكهربائي.
- مواصلة مشروع ممر الهيدروجين الجنوبي.
- تطوير البنية التحتية للتخزين.
- تأمين خطوط أنابيب للنقل.
- إقرار اللوائح التنظيمية والتشريعات اللازمة.
- البحث عن آليات تمويل ملائمة.
وتهدف هذه المحاور إلى: تأمين تدفق واردات حسب الطلب، وتعزيز القدرة التنافسية للنمسا، وفتح المجال أمام وظائف جديدة.
وتدريجيًا تتجنب طموحات النمسا نشوب أزمة طاقة، جنبًا إلى جنب مع تلبية الأهداف المناخية، حسب معلومات أوردها موقع فيول سيلز ووركس.
بدوره، أكد وزير الاقتصاد "فولفانغ هاتمانسدورفر" أن الهيدروجين يمثّل للنمسا "اقتصاد المستقبل"، مضيفًا أن إستراتيجية الاستيراد الجديدة تتيح فتح أسواق جديدة.
كما تساعد الآليات المرتقبة في التأسيس لقاعدة صناعية قوية تتوافق مع أهداف إزالة الكربون، خاصة من الصناعات كثيفة الاستهلاك.
ويوفّر قطاع الهيدروجين في النمسا 5 آلاف و800 وظيفة مباشرة، و300 ألف وظيفة غير مباشرة في الشركات المطورة للتقنيات.
وقد تضيف المبادرة الجديدة معدل توظيف أكبر، مع ضخ الاستثمارات وتوسعة البنية التحتية وزيادة الطلب.
إجراءات حكومية
بجانب آليات تحول النمسا إلى مركز هيدروجين أخضر أوروبي، تتبنى الحكومة إجراءات واضحة ومحددة.
وقال الوزير فولفانغ هاتمانسدورفر إن مبادرة الهيدروجين الحديثة تحث المستثمرين على التوسع في بناء محطات إنتاج الوقود اعتمادًا على كهرباء مصادر الطاقة المتجددة.
ومن جانب آخر، تركز فيينا على سد الفجوة بين حجم الإنتاج المحلي مقابل الطلب المتوقع مستقبلًا، من خلال لائحتين تستهدفان حماية ودعم الاستثمارات.
- تركز اللائحة الأولى على تقديم منح استثمارية لمشروعات التحليل الكهربائي بقيمة 20 مليون يورو (23.67 مليون دولار أميركي).
(اليورو = 1.18 دولارًا أميركيًا).
- تسلّط اللائحة الثانية الضوء على إصدار شهادات الهيدروجين، لضمان تلبية اشتراطات الاتحاد الأوروبي وضمان صلاحية الحصول على تمويل في ظل غطاء قانوني واضح.
وتعتزم النمسا إقرار اللائحتين العام الجاري 2025، بعد مراجعتهما الأسبوع الجاري تمهيدًا لإعلان الإطار الزمني للتنفيذ.
وتوفّر هذه اللوائح صلاحية حصول مشروعات التحليل الكهربائي على المنح الاستثمارية للمرة الأولى في تاريخ البلاد، كما تضمن موافقتها لمعايير بروكسل.
ويستفيد الهيدروجين الأخضر المنتج محليًا من هذا التمويل، وينخرط تدريجيًا في التجارة الدولية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
