نشر "المراقب المالي للدولة" في إسرائيل متانياهو إنغلمان تقريرا خاصا عن قطاع الزراعة خلال فترة حرب غزة، محذرا من أن "الزراعة غير محمية وإيلات تنهار".
وقال متانياهو إنغلمان: "يشير هذا التقرير إلى أوجه قصور رئيسية في استعدادات وزارة الزراعة والجهات الأخرى ذات الصلة بالطوارئ في مجال الزراعة، وفي تنفيذ الاستجابة بعد اندلاع الحرب".
وأضاف إنغلمان في تقريره "اللاذع": "في زمن الحرب، وقف المزارعون الإسرائيليون وعمالهم في الخط الأمامي، تشبثوا بالأرض مع تعرضهم لخطر مباشر وفوري على حياتهم، وعادوا لتشغيل مزارعهم حتى تحت النيران، بمساعدة المتطوعين".
وتبين من المراجعة أن القيمة التقديرية للإنتاج الزراعي المحلي في النصف الأول من الحرب بلغت نحو 670 مليون شيكل -نحو 180 دولار أمريكي (نحو 13% من إجمالي قيمة القطاع). وأشارت البيانات أيضا إلى تضرر 25 مزرعة أبقار في الحرب.
نتيجة للأضرار التي لحقت بقطاع الزراعة، بلغ الفارق بين متوسط معدل ارتفاع مؤشرات أسعار الخضروات والفواكه ومتوسط معدل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في الأشهر العشرة الأولى من الحرب 7.8%. وفي الأشهر الأولى من الحرب، حدث انخفاض حاد بنسبة 58% (21 ألف عامل) في عدد العمال الفلسطينيين والأجانب في قطاع الزراعة.
ولفت التقرير أيضا إلى أن 56 مزارعا و52 عاملا أجنبيا في القطاع قد قُتلوا واختُطفوا في هجوم 7 أكتوبر وفي الحرب التي تلته.
وجاء في التقرير: "في الفترة من أكتوبر 2023 حتى أغسطس 2024، كان ارتفاع مؤشرات أسعار الخضروات والفواكه مقارنة بنفس الأشهر من العام السابق (10.8% في المتوسط) أعلى بكثير من ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك (الذي ارتفع بمتوسط 3%) ومؤشر أسعار الغذاء دون الفواكه والخضروات (الذي ارتفع بـ3.7%)". ويحدد مؤلفو التقرير أن "الفترة بين أكتوبر 2023 ويناير 2025 سجلت أشد ارتفاع في أسعار الخضروات والفواكه الطازجة خلال السنوات الخمس الماضية (2020-2025)".
وتابع: "إن استمرار ارتفاع أسعار الفواكه والخضروات في الربع الثالث من عام 2024 قد يشير إلى صعوبات تواجهها الحكومة في التعامل مع آثار الحرب على أسعار الفواكه والخضروات حتى بعد ما يقرب من عام على اندلاع الحرب".
وأكد تقرير إنغلمان أنه عند اندلاع حرب غزة، لم تكن وزارة الزراعة مستعدة بشكل مناسب للاستجابة للتهديدات والمخاطر التي تجددت على مر السنين، وأن السيناريو المرجعي لا يعكس التغيرات التي طرأت على قطاع الزراعة والزيادة في حجم الإنتاج والاستهلاك. فخلال عام 2023، عملت الوزارة على صياغة سيناريو مرجعي محدث، ولكن العمل على تحديثه توقف بسبب اندلاع الحرب، وحتى تاريخ انتهاء المراجعة لم يكن قد اكتمل بعد. وقامت هيئة الطوارئ الوطنية بتحديث الجزء المتعلق بالحرب من السيناريو المرجعي الشامل مرتين: في أواخر عام 2023 وفي أبريل 2025.
وورد في التقرير: "لم تقم وزارة الزراعة بتحديث خطة الاستجابة للطوارئ منذ عام 2015، وبالتالي، عند اندلاع الحرب، استخدمت خطة غير محدثة اعتمدت، على سبيل المثال، على أهداف إمداد بالمنتجات لم تكن محدثة".
وعلى سبيل المثال، استند هدف الإمداد الأسبوعي للبيض إلى استهلاك سنوي قدره 1.768 مليار بيضة، في حين أن بيانات عام 2023 تشير إلى استهلاك 2.74 مليار بيضة - بزيادة قدرها 55%.
وأبانت المراجعة أن وزارة الدفاع لم تستخدم أنظمة حاسوبية للتحكم والسيطرة، لا في الروتين ولا في حالات الطوارئ. بالإضافة إلى ذلك، قبل اندلاع الحرب، لم تقم وزارة الزراعة بإعداد خطة لتخصيص أراضٍ بديلة للزراعة، على الرغم من أن 33.8% من الخضروات، و31.8% من المحاصيل الحقلية، و31.4% من البساتين تقع في مناطق المواجهة في الشمال والجنوب، بالإضافة إلى 67% من صناعة البيض.
وفقط بعد اندلاع الحرب، عملت الوزارة على إيجاد مناطق بديلة. ووجد أيضا أن عددا قليلا فقط من مزارع الأبقار (من أصل نحو 800) لديها خزانات مياه للطوارئ، توفر مياه الشرب للمواشي لمدة 72 ساعة. بالإضافة إلى ذلك، مع اندلاع الحرب، تم الكشف فجوات خطيرة في التحصين في المزارع - الحاجة إلى ما لا يقل عن 1000 وحدة تحصين.
ووجه المراقب المالي متانياهو إنغلمان انتقادا شديدا أيضا لعدم تقديم استجابة للضرر الاقتصادي في إيلات، لافتا إلى أنه فور أحداث 7 أكتوبر، "انخرطت بلدية إيلات وسكانها وفنادق المدينة بشكل واسع في مساعدة عشرات الآلاف من النازحين، الذين ضاعفوا عدد سكان المدينة".
وعلى الرغم من قرارات الحكومة على مر السنين لتعزيز إيلات، إلا أنها لم تُنفذ. وكانت النتيجة أن المدينة تضررت بشدة بسبب غياب السياحة الداخلية والخارجية. وتعتمد 90% من اصل 7000 شركة في المدينة على صناعة السياحة. وبين أكتوبر 2023 ويناير 2024، انخفضت الإيرادات بين 29% و59%. وحتى أغسطس 2024، تم تقديم 879 مطالبة إلى مصلحة الضرائب، ودفعت الدولة للشركات المتضررة نحو 216 مليون شيكل.
وتمت الإشارة إلى أنه في مستشفى "يوسفتال" في إيلات، هناك نقص في الكوادر الطبية للتشغيل المستمر، فتقديم الخدمات الطبية يعتمد على نقل الأطباء والمرضى من وإلى المدينة، وهو أمر يتأثر بسوء إمكانية الوصول عبر وسائل النقل، حيث استمر مشروع تحديث طريق 90 لسنوات.
وحتى مايو 2025، تم تخصيص 985 مليون شيكل، ولكن تم التعامل مع جزء فقط من المقاطع في جنوب الطريق، إذ أنه بين عامي 2020 و2025، لقي 20 شخصا مصرعهم وأصيب نحو 270 في حوادث على الطريق.
وفقا للتقرير، استقبلت إيلات أكبر عدد من النازحين من بين جميع المدن السياحية، وهو ما ضاعف عدد سكانها تقريبا في فترة قصيرة. ومع ذلك، أدت الإقامة الطويلة للنازحين في الفنادق، إلى جانب توقف السياحة الوافدة والانخفاض الهائل في السياحة الداخلية، إلى أزمة اقتصادية عميقة في المدينة:
عدد طالبي العمل قفز بمقدار 3.5 مرة مقارنة بالعام السابق.
الإيرادات في المراكز التجارية انخفضت بين 29% و59%.
انخفض استخدام بطاقات الائتمان لمدة 17 أسبوعا متتاليا بنسبة تتراوح بين 25% و45%.
نصف الشركات في المدينة أبلغت عن انخفاض بنسبة 75% في إيراداتها، ويعود ذلك جزئيا إلى إلغاء المؤتمرات، والفعاليات الرياضية، والاجتماعات الدولية.
خسائر الإيرادات وتكاليف النفقات لصندوق البلدية بلغت نحو 4 ملايين شيكل.