الرئيس عبد الفتاح السيسى أعاد التأكيد عليها فى تغريدة من أجل توحيد جهود العرب لإنشائها.. نظام أمنى عربى موحد للوقوف أمام خريطة إسرائيل للشرق الأوسط القوة العربية المشتركة طرحتها مصر بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية ولكنها لم تخرج للنور

لا شك أنّ منطقة الشرق الأوسط تُعانى من تحديات كثيرة منها الحرب الإسرائيلية ومشروعها التوسعى فى المنطقة، وهو ما يستلزم ضرورة وجود نظام عربى موحد وقوة تحمى هذا النظام من أى توغلات استعمارية قد يكون فى مقدمتها إسرائيل.
قامت إسرائيل بالإعتداء على 6 دول منها 5 دول عربية خلال حربها الأخيرة على مدار الـ22 شهرا الماضية، فلسطين، سوريا، لبنان، اليمن، قطر، فضلًا عن الإعتداء على إيران؛ نفس الدولة أعلنت أنها ترسم ملامح جديدة للشرق الأوسط، فى إشارة إلى تكرار هذه الضربات أو توجيه ضربات أخرى لدول أخرى.
هذا الافتراض الجدلى المتحقق ربما يدفع فى اتجاة ضرورة إنشاء هذه القوة بحيث تكون قادرة على مواجهة التحديات من جانب وتكون قوة ردع من جانب آخر؛ فضلًا على أنّ إنشاء هذه القوة سوف يكون داعما لإنشاء دولة فلسطينية على الأراضى الفلسطينية التى تم احتلالها بعد عام 1967.
ملامح القوة العربية المشتركة
■ قوة ردع لعدم تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على دولة عربية أخرى كما حدث فى الاعتداء على دولة قطر قبل أيام
■ تكون إحدى أهم مهام هذه القوة منع تصفية القضية الفلسطينية والوقوف أمام تصور واشنطن وتل أبيب فى هذا الاتجاة.
■ كما أنّ هذه القوة سوف تكون عائقًا أمام الملفات التى تُريد إسرائيل فرضها، منها وأهمها ملف التهجير فضلًا عن إصرارها على تهجير الفلسطينيين طوعًا أو قسرًا.
■ الوقوف أمام مشروع إسرائيل التوسعى والتمدد فى المنطقة العربية، حيث أعلنت إسرائيل نيتها احتلال أراض عربية، وقد قامت بالفعل باحتلال جبل الشيخ فى سوريا، وعززت احتلالها للأراضى اللبنانية، ونيته احتلال قطاع غزة والضفة الغربية.
■ وظيفة القوة العربية المشتركة مواجهة التحديات المشتركة بين الدول الأعضاء مثل (الإرهاب الصهيونى أو الإسلاموى بصوره وأشكاله بما يهدد أمن واستقرار المنطقة)، هذه القوة هدفها مواجهات الإرهاب والتحديات والمخاطر أيًا كان نوعها وليست موجهة ضد إسرائيل على وجه الخصوص.
■ قيادة مصر للقوة العربية المشتركة بحكم دورها وإمكاناتها على أن توزع الأدوار بين الدول العربية الأخرى بصورة تضمن التشارك والتفاعل بما يخدم الفكرة، وضرورة الابتعاد عن أى خلافات لها علاقة بالتكوين الأولى للقوة ولا قيادتها، فكل الجهود العربية مقدرة ومهمة.
هذه القوة لن تكون معتدية ولكنها سوف تلتزم بالقانون الدولي، ولكن دورها يقتصر على المواجهة والدفاع عن النفس، كما أنها تقوم بدور الردع فى المواجهات المحتملة.
■ سرعة إنهاء الخلافات العربية والتوافق على دور لحماية أمن المنطقة العربية مع توقيع اتفاقيات حماية مشتركة، هذه النقطة مهمة لاكتمال الفكرة والانتقال بها من مجرد التنظير إلى التطبيق العملى لها
■ ضرورة التوافق على ملفات الصراع المفتوحة فى ليبيا والسودان واليمن وعدد من دول المنطقة من أجل التفرغ لمواجهة تحديات أكبر؛ لابد لهذه الملفات أنّ يتم غلقها سواء تم التوصل والعمل بخصوص القوة العربية المشتركة أو لم يتم ذلك، فالحدث أكبر من أى خلاف أو تباين فى وجهات النظر، فهناك دول سقطت وأخرى مازالت تنتظر السقوط بسبب هذا الخلاف.
■ البدء فى لجان تحضيرية وتشاور من أجل جمع كل وجهات النظر والتى تنتهى بالإعلان عن القوة العربية المشتركة؛ هذه المرحلة قد تستغرق وقتًا ولكنها تبدو مهمة لإرساء قواعد هذه القوة ووضع النقاط فوق الحروف.
■ المنافسة على نجاح الفكرة بين الإخوة العرب، لأنها مفيدة لأمن المنطقة العربية بأكملها ضد تحديات تكاد تعصف بها، ولذلك لابد لكل الدول العربية أنّ تعمل على نجاحها ومن ثما البدء فى تنفيذها.
نظام أمنى عربى موحد
هذه الرؤية طرحتها مصر من قبل بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، ولكنها لم تخرج للنور، رغم أنّ مصر أولتها اهتمامًا كبيرًا، ولعل الرئيس عبد الفتاح السيسى أعاد التأكيد عليها فى تغريدة من أجل شحذ همم العرب لإنشائها، فالعرب والمنطقة العربية أحوج ما تكون لهذه الفكرة التى تأخرت كثيرًا فى طرحها.
هذه القوة سوف تكون إطار حاكم للأمن والتعاون الإقليمى فى ظل تحديات مشتركة تواجهها المنطقة العربية؛ فالشرق الأوسط أحوج ما يكون لهذا التعاون وللقوة التى سوف تتمخض عنه من أى وقت مضى نظرًا للتحديات التى تواجهه.
النظام الأمنى العربى يُعزز الأمن الإقليمى فى ظل التهديدات المحتملة والإعتداءات المستمرة على سيادة الدول العربية، وما تقوله إسرائيل من أنّ ثمة خريطة جديدة للشرق الأوسط، لم تستحى من القول إنها تقوم على صياغتها بما يُؤثر على أمن الإقليم والمنطقة العربية.
آنشاء نظام عربى موحد يأتى استجابة للمخاطر التى تُهدد الأمن الإقليمى العربي، وهو ما يستلزم تشكيل نظام أو قوة عربية موحدة للدفاع المشترك وحماية الأمن القومى العربى من شرقه إلى غربه.
ما يحدث فى المنطقة العربية على مدار العامين الماضيين وما هو متوقع خلال العامين القادمين، يستوجب سرعة التحرك العربى لفرض نظام أمنى يحمى كافة الدول العربية من أى تصرفات أو انتهاكات تضر بأمنها.
التوقعات كلها تذهب إلى أنّ إسرائيل تسير فى اتجاه استمرار اعتداءتها وهو ما يستلزم ضرورة مواجهة هذه المخاطر من خلال انشاء نظام عربى أمنى موحد، هدفه الرئيسى مواجهة التحديات والمخاطر أيًا كان مصدرها ودرجة خطورتها؛ هذه القوة تكون تحت الطلب فى مواجهة مخاطر الدول والمنطقة بأكملها.
هذا النظام الأمن يحمى السيادة العربية من التهديدات الخارجية التى تتعالى بصورة كبيرة مع الهجمات الإسرائيلية وما كشفت عنه إسرائيل خلال الفترة المقبلة؛ فلابد أنّ تكون المواجهة قوية وسريعة وتكون بصورة جماعية وليست مجرد مواجهة فردية، لأنها لن تكون مجدية فى هذه الحالة ولا تكون ذات تأثير أو فاعلية.
أهداف مشروعة للقوة العربية المشتركة
القوة العربية المشتركة لمواجهة التحديات أو التهديدات المشتركة، ولمواجهة التهديدات التى تتعرض لها الدولة العضوة فى هذه القوة؛ فهناك تهديدات تتعرض لها المنطقة العربية، تستلزم أنّ يكون هناك تنسيق فى المواجهة وأنّ تكون هذه المواجهة جماعيّة لضمان المواجهة وضمان تأثيرها فى نفس الوقت.
تعرضت الأنظمة السياسية فى المنطقة العربية خلال العقد الأخير لهجمات كان هدفها إما إسقاط هذه الأنظمة أو الضغط عليها، وهنا كان دور الخارج فى هذه الهجمات والتى كانت موجهة بصورة كبيرة، وهنا يبدو دور وأهمية هذه القوة وتأثيرها على استقرار المنطقة، فأى تأثير على دولة ما ينعكس بصورة كبيرة على بقية دول المنطقة.
وهنا يبدو دور هذه القوة فى المواجهة العسكرية المسلحة؛ فأى اعتداء عسكرى على دولة عربية عضو فى القوة المشتركة يستلزم تحركًا مماثلًا من بقية الدول الأعضاء، فهو أشبه بناتو عربى لمواجهة أى خطر على أعضائه مهما كان حجمه ومهما كانت الدولة المعتدية.
دور القوة العربية المشتركة مواجهة الإرهاب الصهيونى المهدد لأمن المنطقة والخطر الإيرانى إذا كان مهددًا لأمن المنطقة العربية، والإرهاب الإسلاموى إذا كان مصدره تنظيمات متطرفة تعبث بأمن المنطقة؛ من أدوار هذه القوة مواجهة المخاطر أو البحث فى محاصرتها طالما كانت مؤثرة فى الأمن العام حتى وكانت بعيدة مكانيًا.
لابد من تزويد القوة بالخبرات والمال والمقاتلين الأكفاء بحيث يكونوا قادرين على مواجهة الأخطار بكافة أشكالها وأنواعها؛ وأن تتولى قيادة هذه القوة الدول ذات الثقل الأكبر فى المنطقة بما يخدم أمنها بصورة كبيرة، وأنّ يكون التنافس على خدمة الفكرة وليس مجرد تصدر المشهد أو تولى مسئولية داخل القوة حتى يكتب النجاح لهذه القوة.
لماذا القوة العربية المشتركة الآن؟
يمكن سرد عدد من النقاط التى تُعجل بضرورة إنشاء القوة العربية المشتركة فى الظروف الراهنة التى تعيشها المنطقة العربية، خاصة بعد استهداف دولة قطر مؤخرًا.
١- استهداف كل قيادات المكتب السياسى أو على الأقل الوفد المفاوض لحماس يدل على توسع دائرة الصراع ومن ثم الحرب، وهو ما يدل على احتمالات عدم وجود اتفاق فى القريب العاجل، وهو ما يجعل الحاجة ماسة للقوة.
٢- استهداف السيادة القطرية على أراضيها من قبل القوات الإسرائيلية سوف تُعطى زخمًا أكبر لخيارات المواجهة المسلحة من قبل المقاومة على الأراضى الفلسطينية وبالتالى سوف يُؤدى ذلك إلى استمرار الحرب، وهو ما يتوافق مع إرادة رئيس الوزراء الإسرائيلى أيضًا.
٣- ما يحدث فى غزة سوف تكون له ارتدادات أكبر على المنطقة العربية بأكملها وهو ما ظهرت معالمه فى اعتداءات إسرائيل على سيادة الدول العربية المجاورة وغير المجاورة لإسرائيل، وربما تتسع دائرة الحرب والمواجهة إلى دول أخرى بالفعل.
٤- الولايات المتحدة الأمريكية شريكة لإسرائيل فى اعتداءاتها، فلا توجد إرادة أمريكية ولا إسرائيلية لوقف الحرب فى الوقت الحالى على العكس شهية إسرائيل تتجه نحو مزيد من الاعتداءات على سيادة دول أخرى، التنسيق السياسى والأمنى والإستخباراتى من المهم ترجمته فى وجود هذه القوة.
٥- القاهرة مرشحة لاستضافة قيادات حماس المفاوضة، خاصة وأنها أبلغت إسرائيل بأنّ أى عملية ضد أحد قيادات الحركة على أراضيها سوف يتم التعامل معها بالمثل، وبالتالى من المهم أنّ تقوم بدور المنطقة بدورها فى ردع إسرائيل من خلال هذه القوة.
٦- الدور المصرى فى الوساطة سوف يكون أكبر بعد أنّ وضعت تل أبيب قطر فى حرج شديد بمحاولة استهداف قيادات حماس، وهنا تبدو أهمية القوة فى ردع إسرائيل وإجبارها على وقف الحرب بعد التفاوض.
٧- فرص التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل شبه منعدمة على الأقل فى الوقت الحالي؛ فكل من تل أبيب وحماس يستعدان لإعلان انتصارهما بعد وقف إطلاق النّار، وهو ما يُصعب شروط الاتفاق، ولأن إسرائيل متفوقة عسكريًا، فلابد من ترجيح الكافة الأخرى من أجل إجبارها على السلام والتفاوض وليس على الحسم العسكري.
٨- قد يكون رد حماس على إسرائيل أو المحسوبين عليها فى الخارج، وهو ما يُعقد أى اتفاق مستقبلى لو حدث، ولذلك القوة العربية سوف تكون رادع أكبر من تصعيد الموقف.
٩- لا تطبيع بين الرياض وتل أبيب، كما سوف تتقلص فرص السلام الإبراهيمي، وسوف تكون لغة العرب أكثر خشونة مع تل أبيب الفترة المقبلة، خاصة مع انشاء القوة المشتركة بينهما.
١٠- سوف تُقابل حماس من خلال جناحها العسكرى ما حدث بتصعيد أكبر فى خطوط المواجهة داخل الخط الأخضر، وهو ما سوف تُقابلة إسرائيل بتصعيد جديد متبادل، وهو ما يُنهى على أى أمل يتعلق بانتهاء الحرب فى القريب العاجل.

