يبدأ ملايين البشر حول العالم صباحهم بطرق مختلفة، لكن بعض الشعوب تبتكر عادات غير مألوفة تجعل بداية يومها مميزة وغريبة في نظر الآخرين، وتكشف الدراسات الاجتماعية أنّ طقوس الصباح تعكس ثقافة الشعوب وارتباطها بالبيئة والتاريخ، بدءًا من عادات الطعام وصولًا إلى طقوس روحية أو بدنية تمنحهم الطاقة ليوم كامل.
وتثير هذه الممارسات فضول الباحثين والمتابعين، حيث تحولت بعض العادات إلى ظواهر سياحية يتسابق الزائرون لتجربتها، وتؤكد مجلة National Geographic أنّ عادات الصباح تعدّ نافذة مهمة لفهم الشعوب وكيفية تفاعلها مع تفاصيل الحياة اليومية.
أغرب عادات الشعوب الصباحية حول العالم
تبدأ القصة من اليابان، حيث يحرص ملايين الأشخاص على ممارسة طقس يُسمى "الراديو تايسو"، وهو تمرين جماعي يُذاع عبر محطات الإذاعة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ويقف الناس في الساحات العامة أو داخل الشركات والمدارس ليؤدوا حركات بسيطة تنشّط الدورة الدموية وتمنحهم طاقة إيجابية.
وتتجه أنظارنا بعد ذلك إلى الدول الإسكندنافية، حيث يفضّل بعض السكان بدء يومهم بالسباحة في المياه الباردة، حتى في الشتاء القارس، ويعتقدون أنّ هذه العادة تمنحهم قوة جسدية وتساعد على تقوية جهاز المناعة، وفي فنلندا، يرتبط هذا الطقس غالبًا بالانتقال مباشرة إلى "الساونا" الساخنة، ليحصل الجسم على صدمة حرارية تزيد من النشاط والحيوية.
وفي الهند، لا يكتمل الصباح دون ممارسة اليوجا والتأمل، إذ يجتمع الناس في الحدائق منذ ساعات الفجر الأولى ليبدؤوا يومهم بجلسات تنفس عميق وحركات جسدية تجمع بين اللياقة والهدوء الروحي، ويعتبر الهنود أنّ هذه الطقوس تمنح التوازن بين الجسد والعقل والروح.
أما في إثيوبيا، فيبدأ السكان صباحهم بتحضير "القهوة التقليدية" في طقس جماعي يُعرف بـ"جلسة البن"، وتُحمّص حبوب القهوة الطازجة أمام الحضور ثم تُطحن وتُغلى، ويُقدَّم الشراب مع البخور في أجواء احتفالية تعكس قيمة القهوة في الثقافة الإثيوبية.
عادات غريبة مرتبطة بالمائدة الصباحية
لا تقتصر غرابة العادات على الطقوس البدنية أو الروحية، بل تمتد إلى الأطعمة والمشروبات التي يتناولها الناس مع بداية النهار، ففي إنجلترا، يشتهر الإفطار التقليدي الثقيل الذي يتضمن البيض والنقانق والفاصوليا، بينما يفضل المكسيكيون تناول "التاماليس" المصنوعة من الذرة المحشوة باللحم أو الفاصوليا.
وفي كوريا الجنوبية، يحرص كثيرون على تناول حساء ساخن يسمى "سوللونجتان" المصنوع من عظام اللحم المغلية لساعات طويلة، ويُعتقد أنّ هذا الحساء يمنح الجسم دفعة قوية من الطاقة لمواجهة يوم العمل، أما في تركيا، فيُعد الإفطار وجبة احتفالية بحد ذاتها، حيث تُقدَّم أطباق متعددة تشمل الجبن والزيتون والخبز الطازج والمربى والشاي.
تأثير العادات الغريبة على الحياة اليومية
تؤكد الدراسات أنّ هذه العادات الغريبة أو المميزة ليست مجرد تفاصيل صغيرة، بل هي ممارسات راسخة تؤثر على الصحة النفسية والجسدية للشعوب، ويشير خبراء علم الاجتماع إلى أنّ الالتزام بطقس صباحي ثابت يمنح الناس شعورًا بالانضباط والانتماء، سواء كان تمرينًا جماعيًا أو جلسة قهوة أو حتى وجبة إفطار دسمة.
كما يرى علماء النفس أنّ هذه الطقوس تعمل كآلية لإعادة ضبط إيقاع الحياة اليومية، إذ تهيئ الفرد لمواجهة ضغوط العمل والدراسة، وتزداد قيمة هذه العادات عندما تتحول إلى نشاط اجتماعي يشارك فيه الأهل أو الأصدقاء، مما يعزز الترابط المجتمعي.
وتعكس الطقوس الصباحية كيف ينظر كل شعب إلى مفهوم "البداية الجديدة"، فبينما يفضل البعض الحركة والنشاط، يركز آخرون على التأمل أو التجمع العائلي، وتكشف هذه الاختلافات عن تنوع الثقافات وثرائها، وتجعل من دراسة العادات اليومية وسيلة لفهم أعمق للعالم، وتظل هذه العادات الصباحية الغريبة وسيلة تعبير عن هوية الشعوب وخصوصيتها.