شهد الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، الاحتفالية الكبرى “اليوم المصري للموسيقى”، والتي نظمها قطاع شؤون الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج الكبير خالد جلال، ممثلًا في المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية برئاسة المخرج عادل حسان، وذلك على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية.
وحرص وزير الثقافة خلال الاحتفالية على تكريم عدد من الشخصيات والأسماء البارزة تقديرًا لإسهاماتهم البناءة في إثراء المشهد الموسيقي المصري، حيث تضمنت قائمة المكرمين: اسم الموسيقار الراحل سيد مكاوي، الموسيقار الدكتور راجح داوود، الفنان الملحن توفيق فودة، الفنانة نسمة عبد العزيز، الموسيقار علي سعد، والفنانة الكبيرة فاطمة عيد.
تصريحات أحمد فؤاد هنو
وخلال كلمته، قال الدكتور أحمد فؤاد هَنو: "لقد كانت أدوات الموسيقى في عصور المصريين القدماء جزءًا من الحياة اليومية؛ يصدح بها الفلاح، ويتغنى بها الكهنة في المعابد، وترافق الاحتفالات والأعياد. وعلى جدران المعابد وُثّقت الآلات الموسيقية التي جسدت قدسيتها، فهي لغة للتعبير الإنساني في الطقوس والمناسبات، ووسيلة للبهجة في الحياة اليومية. ومن هنا بدأ أجدادنا الفن وقدّروه، ومنهم انتشرت الفنون والعلوم إلى العالم كله”.
وتابع وزير الثقافة: "وبعد آلاف السنين جاء الحفيد سيد درويش ليحمل الرسالة من جديد، فيجعل من الموسيقى ضميرًا للأمة ولسانًا للشعب، يصوغ من أوجاعه أناشيد، ومن أحلامه ألحانًا تبقى حية في وجدان كل مصري. وكأن التاريخ يعيد نفسه ليؤكد أن مصر كانت وستظل دائمًا مهد الفن وموطن الموسيقى، من جدران المعابد حتى مسارح الأوبرا، ومن ألحان الأجداد إلى إبداعات الأحفاد، فخرجت أسماء خالدة: زكريا أحمد، محمد القصبجي، أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، بليغ حمدي، عمار الشريعي، سيد مكاوي وغيرهم من مبدعين أثروا حياتنا وخلّدوا أسماءهم في وجدان الأمة”.
وأردف: "لقد كانت الموسيقى دائمًا تعبيرًا صادقًا عن الشخصية المصرية، في قوتها وحنانها، في فرحها ونضالها. وهي التي جمعت المصريين في الميادين ورافقتهم في البيوت، وظلت لسانًا يترجم مشاعرهم وأحلامهم. ومن هنا يأتي تخصيص يوم وطني للموسيقى كتقدير لدورها في تشكيل وجدان الأمة، واعتراف بأنها أحد أعمدة القوة الناعمة لمصر، وتذكير بأهمية أن ننقل هذا الإرث إلى الأجيال الجديدة ليبقى وجداننا متجددًا ومتصلًا بجذوره العريقة”.
وزير الثقافة: تخصيص يوم وطني للموسيقى تقديرًا لدورها في تشكيل وجدان الأمة وترسيخًا لقوة مصر الناعمة
كما أعلن وزير الثقافة عن تخصيص يوم 18 مارس من كل عام ليكون اليوم المصري للفن الشعبي، تزامنًا مع ذكرى ميلاد رائد الرقص والفن الشعبي المصري الفنان الكبير محمود رضا، الذي أسس مدرسة متفردة في التعبير عن جماليات الروح المصرية عبر الفنون الشعبية. وأوضح أن هذا اليوم سيشهد انطلاق ملتقى القاهرة الأول للغناء الشعبي الذي يجمع مختلف ألوان الغناء الشعبي من تنويعات ثقافية متعددة، إلى جانب إبداعات الفرق المستقلة والخاصة، ليكون نافذة للتعريف بثراء الهوية المصرية وتنوعها.
واختتم وزير الثقافة كلمته بتوجيه التحية والتقدير للمكرمين الذين أثروا الموسيقى المصرية بروائعهم الخالدة، مؤكدًا:
“أخصّ بالشكر الفنان الكبير عمر خيرت على إسهامه في صياغة كلمة هذا اليوم بروح الموسيقى ذاتها، وبصمته التي أضافت بعدًا وجدانيًا عميقًا لاحتفالنا. فلنرفع جميعًا راية الموسيقى، لأنها لغة السلام، وأداة الجمال، وصوت مصر الذي يصدح منذ فجر التاريخ وحتى اليوم”.
وفي كلمته، قال المخرج خالد جلال، رئيس قطاع المسرح: "لقد توارثنا حُب الموسيقى منذ عهود المصريين القدماء، الذين حفروا صور الآلات الموسيقية على جدران معابدهم، وجعلوها جزءًا من طقوسهم واحتفالاتهم. وإننا اليوم إذ نحتفل باليوم المصري للموسيقى الذي يوافق ذكرى رحيل فنان الشعب سيد درويش، إنما نؤكد على أصالة الموسيقى والغناء المصري، وتأثيره الممتد خارج حدود الوطن،فقد طاف مبدعونا كل البلاد العربية، فاستمعوا لما أنتجه الفن المصري وتغنوا به، وكانت موسيقانا دائمًا عنوانًا للحضارة المصرية المتجددة، إن سيد درويش ومن تلاه من أعلامنا الكبار وضعوا بصمات فنية ستظل خالدة لا تتقادم بفعل الزمن، واليوم نحتفل بهم ونجدد العهد على استمرار الرسالة.
وأكد اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة لشؤون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن الهيئة أعدت برنامجًا متكاملًا لليوم المصري للموسيقى، حيث أطلقت فعاليات موسيقية وغنائية امتدت من الإسكندرية وحتى أسوان.
وأضاف: "إن ما شهدناه من تفاعل في مختلف المحافظات يعكس مكانة الموسيقى في وجدان الشعب المصري، فقد امتلأت قصور الثقافة ودور العرض بالجماهير التي تجاوبت مع العروض، وهو ما يؤكد أن الموسيقى ستظل لغة موحدة تعكس روح الانتماء وتجمع المصريين جميعًا على كلمة واحدة”.
ومن جانبه، قال الدكتور علاء عبد السلام، رئيس دار الأوبرا المصرية: ستبقى دار الأوبرا المصرية البيت الكبير لكل الفنون، ومظلة لكل المبدعين من مختلف الأجيال. واحتضانها لليوم المصري للموسيقى يؤكد دورها في نشر الوعي الجمالي، وإبراز قيمة الموسيقى كجزء من الهوية الثقافية لمصر. لقد شهدنا اليوم تلاحمًا رائعًا بين الجمهور والفنانين، وهو ما يعكس أن الموسيقى لا تزال قادرة على ملامسة الوجدان وتوحيد المشاعر”.
تصريحات المخرج عادل حسان
بدوره أكد المخرج عادل حسان رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى قطاعات الوزارة المختلفة شاركت بأكثر من 100 فعالية، منها 50 فعالية بالمواقع المختلفة، وفتحت المسارح أبوابها لاحتضان هذا اليوم الذي انطلق ليستمر ويكون شاهدًا على تاريخ متوارث من الإبداع. كما وجّه الشكر لوزير الثقافة لتبنيه فكرة إطلاق اليوم، وحرصه على أن يكون انطلاقة للعديد من الفعاليات التي جمعت وزارة الثقافة للاحتفاء بقيمة الموسيقى ودورها في تشكيل الهوية الوطنية
كما ألقى الفنان الدكتور أحمد إبراهيم كلمة الموسيقار الكبير عمر خيرت، والتي تم قراءتها أيضًا بمختلف المواقع الثقافية للاحتفال بهذا اليوم، وجاء فيها:يسعدني ويشرفني أن أشارك وطني وأهلي هذه الاحتفالية للمرة الأولى، في يوم يكرّس تاريخًا عريقًا، وحاضرًا نابضًا، ومستقبلًا واعدًا، ويعيد تسليط الضوء على الإرث العظيم الذي صنعه الرواد الأوائل من الملحنين والمؤلفين والموسيقيين والمطربين، الذين أسسوا نهضة موسيقية جعلت من مصر قلبًا نابضًا للفن في العالم العربي”.
وأشار إلى أن البداية كانت مع فنان الشعب سيد درويش الذي فجّر النهضة الموسيقية وأسس مدرسة قريبة من وجدان الناس، وتلاه رواد كبار مثل: محمد القصبجي، زكريا أحمد، محمد عبد الوهاب، ورياض السنباطي، الذين رفعوا من قيمة اللحن المصري وخلّدوا مكانته. ثم جاءت أسماء بارزة مثل محمد فوزي، محمد الموجي، كمال الطويل، وبليغ حمدي، وصولًا إلى جيل المعاصرة الذي وسّع الأفق وفتح مجالات جديدة للتجديد والتطوير.
وأوضح أن مصر قدّمت أعلامًا كبارًا في التأليف الموسيقي الأكاديمي مثل يوسف جريس، وأبو بكر خيرت – مؤسس الكونسرفاتوار وأكاديمية الفنون – وجمال عبد الرحيم، وعطية شرارة، الذين وضعوا اللبنات الراسخة للهوية المصرية في التأليف السيمفوني.
وفي مجال الموسيقى التصويرية، أبدع الرواد أندريه رايدر، علي إسماعيل، وفؤاد الظاهري أعمالًا خالدة، تلاهم جمال سلامة، عمار الشريعي، راجح داوود، مودي الإمام، وهشام نزيه، ليمنحوا الموسيقى التصويرية المصرية روحًا جديدة وحضورًا عالميًا.
وأضاف أن أصواتًا خالدة مثل أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، حملت ألحان الملحنين الكبار ومنحت مصر صوتًا خالدًا لوحدتها ووجدانها الممتد لعقود.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن: "اليوم المصري للموسيقى ليس مجرد ذكرى أو مناسبة، بل هو رسالة متجددة تؤكد أن مصر ستظل دائمًا أرض الإبداع ومركز إشعاع ثقافي وفني ونحن إذ نحتفل بهذا اليوم، فإننا نكرّم الماضي العظيم، ونحتفي بالحاضر المبدع، ونبشّر بمستقبل يحمل راية الموسيقى المصرية إلى آفاق أرحب".



