أخبار عاجلة

3 قارات و15 كابل بحري.. كيف تحولت مصر إلى مركز عالمي للاتصالات الدولية؟

3 قارات و15 كابل بحري.. كيف تحولت مصر إلى مركز عالمي للاتصالات الدولية؟
3 قارات و15 كابل بحري.. كيف تحولت مصر إلى مركز عالمي للاتصالات الدولية؟

يتسارع العالم بخطى غير مسبوقة في مجال الاتصال الرقمي، حيث تتدفق البيانات كأنهار غير مرئية تحت سطح المحيطات، وفي قلب هذا المشهد، تقف في زمن تتسارع فيه حركة البيانات وتتشابك خيوط الاتصال العالمي، تبرز مصر كأحد أهم المراكز الاستراتيجية لشبكات الإنترنت البحرية، لتتحول من مجرد معبر تاريخي للتجارة عبر قناة السويس إلى شريان أساسي يغذي البنية الرقمية بين القارات، فما يمر يوم واحد إلا وتعبر مليارات الرسائل الرقمية عبر أرض الفراعنة، لتربط آسيا بأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط في شبكة واحدة.

وهذا الدور لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة موقع جغرافي استثنائي ورؤية استراتيجية جعلت مصر لاعبا رئيسيا في بنية الإنترنت العالمية، خاصة مع المشاريع الكبرى التي اكتملت حتى منتصف عام 2025، والتي عززت من مكانتها كبوابة رقمية لا غنى عنها.

الكابلات البحرية.. لماذا مصر؟

منذ عقود، يعتمد العالم على الكابلات البحرية لنقل أكثر من 99% من حركة البيانات الدولية، ومع تزايد الطلب على الإنترنت عالي السرعة نتيجة لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، أصبحت النقاط الجغرافية الاستراتيجية مثل مصر ذات أهمية مضاعفة.

389.jpg
3 قارات و15 كابل بحري.. كيف تحولت مصر إلى مركز عالمي للاتصالات الدولية؟

ويعود ذلك إلى موقع مصر الفريد عند ملتقى البحر الأحمر بالبحر المتوسط، ما يجعلها الممر الطبيعي للكابلات التي تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا، حيث تشير التقارير الحديثة إلى أن مصر تستضيف اليوم أكثر من 15 نظام كابل بحري، و11 محطة وصول رئيسية، تنقل أكثر من 90% من البيانات المتبادلة بين الشرق والغرب. 

الكابلات البحرية ليست مجرد أسلاك ممتدة تحت قاع البحر، بل شبكات متطورة بسعة إجمالية تتجاوز 270 تيرابيت في الثانية، قادرة على نقل كميات ضخمة من البيانات بسرعة وكفاءة عالية وبأقل تكلفة ممكنة.

توسع "تليكوم إيجيبت" ودورها في السنوات الأخيرة

خلال السنوات الخمس الماضية، لعبت شركة "تليكوم إيجيبت" دورا محوريا في تعزيز مكانة مصر الرقمية عبر إدخال 14 كابلا بحريا جديدا، ويأتي في مقدمة هذه الكابلات مشروع "2Africa" الذي يمتد على مسافة 45 ألف كيلومتر لتعزيز الاتصال في أفريقيا والشرق الأوسط، إلى جانب كابل "PEACE" الذي يربط آسيا بأوروبا عبر مسارات متنوعة، وكابل "Africa-1" وكابل "IEX" اللذان يسهمان في دعم الربط بين القارات الثلاث. 

كما يبرز مشروع "Red Sea Festoon" الذي يوفر سعة عالية داخل مصر نفسها، مع خطط لتمديده إلى شرم الشيخ، بما يعزز من قوة البنية التحتية الرقمية داخل البلاد ويمدها بخطوط ربط إضافية ذات طابع استراتيجي.

390.jpg
3 قارات و15 كابل بحري.. كيف تحولت مصر إلى مركز عالمي للاتصالات الدولية؟

مشاريع تعيد رسم الخريطة الرقمية في في 2025

شهد عام 2025 قفزة نوعية في بنية الإنترنت المصرية مع اكتمال مشاريع رئيسية عززت من استقرار الشبكة وزادت من سعتها، ويأتي على رأس هذه المشاريع كابل "Coral Bridge" الذي اكتمل في أغسطس 2025، ليكون أول رابط مباشر بين مصر والأردن منذ أكثر من 25 عامًا. 

ويمتد هذا الكابل لمسافة 15 كيلومترا من محطة "تبعة" في مصر إلى مدينة العقبة الأردنية، ويتضمن 48 زوجا من الألياف البصرية تسمح بنقل أكثر من واحد بيتابيت من البيانات، وقد تم تطوير المشروع بشراكة بين "تليكوم إيجيبت" و"نايتل" التابعة لمركز العقبة الرقمي.

هذا المشروع العملاق لا يمثل مجرد خط اتصال جديد، بل خطوة استراتيجية تقلل من زمن التأخير وتخفض من التكاليف، بما يدعم التطبيقات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، كما يشكل هذا المشروع الوصول الأول إلى محطة "تبعة" الجديدة في سيناء، فاتحا الباب أمام توسع الشبكة نحو دول الجوار.

كما حقق كابل "SEA-ME-WE-6" تقدما مهما في يوليو 2025 بعد إكمال الوصول إلى ميناء سعيد على البحر المتوسط ورأس غارب على البحر الأحمر، وينتظر أن يبدأ تشغيله في عام 2026، ليربط سنغافورة بفرنسا عبر سبعة عشر نقطة وصول، من بينها مساران أرضيان مزدوجان في مصر لضمان استمرارية الاتصال، ويشارك في هذا المشروع تحالف دولي واسع يضم "تليكوم إيجيبت" إلى جانب شركات كبرى مثل مايكروسوفت وأورانج، بهدف توفير اتصال عالي السعة ومنخفض التأخير يعزز من مرونة الشبكة العالمية.

أما كابل "AAE-2" الذي تم الإعلان عنه مؤخرا، فيهدف إلى ربط هونغ كونغ وسنغافورة بإيطاليا عبر تعاونات مع شركات عالمية مثل "PCCW Global" و"Sparkle"، وهو ما يضيف طبقة جديدة من التنوع والمرونة في المسارات. 

وهذه المشروعات مجتمعة تعكس استراتيجية مصر الواضحة لتوسيع شبكتها في سيناء وتحويلها إلى نقطة جذب رئيسية للدول الخليجية والإقليمية الباحثة عن مسارات آمنة بديلة لنقل المعلومات.

391.jpg
3 قارات و15 كابل بحري.. كيف تحولت مصر إلى مركز عالمي للاتصالات الدولية؟

البنية التحتية أبرز التحديات لمشروعات الكابلات البحرية

رغم هذه الإنجازات، يظل البحر الأحمر أحد أبرز التحديات التي تواجه البنية التحتية للكابلات البحرية، إذ يمر عبر مضيق باب المندب نحو 25% من حركة البيانات العالمية بين آسيا وأوروبا. 

ففي سبتمبر 2025، تعرضت كابلات مثل "SEA-ME-WE-4" و"IMEWE" و"FALCON" لقطع بالقرب من مدينة جدة، ما أدى إلى تباطؤ ملحوظ للاتصال في دول عدة من بينها الهند وباكستان والإمارات والسعودية، وزيادة في زمن التأخير بنسبة وصلت إلى 30%، وترجع هذه الأعطال في الأساس إلى إلقاء المراسي من السفن التجارية، مع تأثير غير مباشر للهجمات الحوثية المستمرة منذ أواخر عام 2023.

ومع ذلك، أظهرت مصر قدرة كبيرة على التعامل مع الأزمات بفضل مرونة شبكتها، ففي مارس 2025، نجحت "تليكوم إيجيبت" في إصلاح كابل "PEACE" قرب الزعفرانة خلال ثلاثة أسابيع فقط، وهو ما يعكس مستوى الكفاءة في إدارة الأزمات.

كما يتم الاعتماد على مسارات أرضية مصرية بديلة لإعادة توجيه حركة البيانات بما يقلل من التأثير ويحافظ على استمرارية الخدمة. إلى جانب ذلك، هناك مبادرات مع شركاء خليجيين لتطوير مسارات جنوبية في البحر الأحمر لتفادي المناطق المهددة بالمخاطر.

تضاعف الطلب العالمي على البيانات بحلول 2030

392.jpg
3 قارات و15 كابل بحري.. كيف تحولت مصر إلى مركز عالمي للاتصالات الدولية؟

تشير التوقعات إلى أن الطلب العالمي على البيانات سيتضاعف بحلول عام 2030، وهو ما يدفع مصر إلى الاستمرار في تعزيز مكانتها كمحور رئيسي للبنية التحتية الرقمية العالمية، فخطط التوسع في سيناء، إلى جانب الشراكات الدولية مع كبريات الشركات العالمية، تضع البلاد على مسار التحول من مجرد ممر لعبور البيانات إلى مركز إقليمي للابتكار الرقمي وخدمات الحوسبة المتقدمة.

وبهذا التطور الكبير في مشروعات الكابلات البحرية، تؤكد مصر أنها ليست فقط أرض التاريخ والحضارة، وإنما أيضا جسر المستقبل الذي يربط القارات، ويشكل قلب العالم الرقمي، حيث يلتقي التراث العريق بالتكنولوجيا الحديثة ليصنع عالميا أكثر تربطا وكفاءة.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق آخر تطورات الحالة الصحية لـ عبد الحميد بسيوني
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"