شهدت شركة أوراكل تحولًا لافتًا هذا العام مع دخولها بقوة إلى سباق الذكاء الاصطناعي، مما دفع مؤسسها لاري إليسون البالغ من العمر 81 عامًا إلى صدارة المشهد التكنولوجي والمالي عالميًا.
وكشفت تقارير حديثة أن أوراكل أبرمت صفقة ضخمة قيمتها 300 مليار دولار مع OpenAI ضمن مشروع البنية التحتية العملاق للذكاء الاصطناعي المعروف باسم “ستارجيت“، وهي أكبر صفقة في تاريخ الشركة التي تأسست قبل نحو 50 عامًا.
وبفضل هذه الصفقة، ارتفعت قيمة الشركة في سوق المال، لترتفع معها ثروة إليسون الشخصية بأكثر من 100 مليار دولار في أسبوع واحد، متجاوزًا صديقه إيلون ماسك ليصبح أغنى رجل في العالم بثروة تقارب 400 مليار دولار.
صعود مثير لم يخلُ من تحديات
عاد إليسون إلى قمة المشهد التكنولوجي بعد عقود من التحديات، إذ عرف سابقًا بتحالفه الوثيق مع ستيف جوبز خلال حقبة سابقة، وهو اليوم يعيد تشكيل تحالفاته الشخصية والمهنية لضمان موقع متقدم في ثورة الذكاء الاصطناعي.
وطوال العقدين الماضيين، بدا أن نجم إليسون في أفول مع صعود جيل جديد من قادة التقنية وهيمنة شركات مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل على قطاع الحوسبة السحابية، في حين بدا أن قواعد بيانات أوراكل مجرد أداة تقليدية في أنظمة الحكومات والشركات.
ومع ذلك، كان إليسون يتبع إستراتيجية قائمة على الترقب ودراسة حركة الأسواق، إذ لم يكن السبق هو هدفه بقدر ما كان يسعى إلى أن يكون “آخر من يصمد”. ومع دخول الذكاء الاصطناعي، أعاد وضع شركته في مواجهة مباشرة مع عمالقة قطاع الحوسبة السحابية.
وحتى مع ماضيه المليء بالجدل، من فضائح محاسبية كادت تطيح بالشركة عام 1990 إلى معاركه العلنية مع مايكروسوفت، يظهر إليسون اليوم بصورة أكثر هدوءًا واتزانًا.
وراء كل عظيم امرأة
يعود الفضل في صعود إليسون جزئيًا إلى سافرا كاتز، شريكته في الإدارة منذ أواخر التسعينيات، التي تدير الشركة فعليًا، في حين انشغل إليسون بالتخطيط الإستراتيجي بجانب أنشطته الأخرى.
وكانت كاتز نفسها جزءًا من فريق الرئيس الحالي دونالد ترامب عام 2016، الأمر الذي ساعد على إبقاء علاقة أوراكل ودية مع البيت الأبيض، حتى مع دعم إليسون مرشحين جمهوريين آخرين.
ومنح هذا القرب السياسي الشركة فرصة للتفوق على مايكروسوفت في مساعيها إلى الحصول على حصة من عمليات تيك توك في الولايات المتحدة، إذ تُدار خدمة تيك توك الأميركية حاليًا من مراكز بيانات أوراكل.
اهتمامات متنوعة خارج نطاق التقنية
وخارج مجال التقنية، ما زال إليسون حاضرًا في أنشطة متنوعة. فهو يولي الأبحاث الطبية المرتبطة بأمراض الشيخوخة اهتمامًا متزايدًا عبر “معهد إليسون للتكنولوجيا” في مدينة أكسفورد البريطانية. كما يُعرف بكونه شخصًا محبًا للعائلة؛ إذ يُقال إنه يقضي وقتًا طويلًا رفقة زوجته وأطفاله الأربعة.
وأما في مجال السينما، فقد دعم ابنته ميغان في مشاريع الإنتاج السينمائي، وبات إليسون يدعم ابنه ديفيد إليسون الذي استحوذ حديثًا على شركة باراماونت، ويستعد للتقدم بعرض للاستحواذ على شركة وارنر براذرز ديسكفري. ويرى خبراء في هوليوود أن إليسون لا يكتفي بتمويل الأفلام، بل يسعى إلى تقديم نموذج جديد لإدارة هذا القطاع.
وبهذا الزخم، يُكرّس إليسون نفسه كأحد أبرز الناجين وأطولهم بقاءً في وادي السيليكون، جامعًا بين النفوذ التكنولوجي، والحضور السياسي، والرهانات المتنوعة على مشاريع ناجحة من وول ستريت إلى هوليوود.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط