شهد الخطاب الإعلامي والسياسيّ الأخير تصعيداً لافتاً في اللهجة والرسائل بين فصائل إعلامية وشخصيات عربية من جهة، وتصريحات إسرائيلية من جهة أخرى، ما أعاد قضية العلاقات الإقليمية والجغرافيا السياسية إلى واجهة الاهتمام العام.
في مداخلة تلفزيونية حادة، وصف مذيع قناة الجزيرة نزيه الأحدب مصر بـ«أم الدنيا» مشدداً على وحدة موقف الشعوب العربية أمام ما اعتبره محاولات للعب بالجغرافيا وفرض تغييرات ديموغرافية قسرية. وأضاف الأحدب أن «إذا كانت المشكلة بين مصر وإسرائيل فكلنا مصريون»، في تعبير عن تعاطف عربي واسع مع الموقف المصري من التطورات الأخيرة.
وتصاعدت لهجة الانتقادات أيضاً من كتاب وإعلاميين عرب آخرين، حيث نوّه أحد الكتاب الجزائريين إلى أن الردود الشعبية والإعلامية المصرية على «بن يمين نتنياهو» و«جيشه» كانت وطنية وقوية. ونشر إعلام القاهرة رسائل تحذيرية مفادها أن مصر ترسم «خطّاً أحمر» يمنع تحويل معبر رفح إلى ما وصفوه «بوابة تهجير» لسكان غزة، مؤكداً أن القاهرة «لن تكون أبداً شريكاً في تصفية القضية الفلسطينية» أو في أي مخطط يؤدي إلى تهجير قسري.
وفي المقابل، تضاعفت التصريحات الإسرائيلية المثيرة للجدل، إذ نقلت مصادر إعلامية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي تهديده لسكان غزة وطلبه منهم «المغادرة فوراً»، معتبراً أن ما قُدم من ضربات هو تمهيد لـ«عملية برية مكثفة». وأشار أيضاً إلى تدمير أهداف خلال أيامٍ قليلة وتجميع قوات «لبدء الهجوم البري» — تصريحات قابلة لأن تؤجج التوتر الإقليمي وتستدعي مواقف دولية وإقليمية.
المحللون السياسيون لفتوا إلى أن الخطابين الإعلامي والدبلوماسي باتا يتقاطعان مع مخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي، وأن أي تحوّل في معابر حدودية أو محاولات تهجير قد تثير ردود فعل مصرية رسمية على أعلى المستويات. وشدَّدوا على أن المسألة لا تقتصر على جوانب عسكرية فحسب، بل تشمل بعداً إنسانياً وسياسياً ودبلوماسياً كبيراً.
من جانب آخر، عبّر متحدثون فلسطينيون وناشطون عن رفضهم القاطع لأي محاولة لإخراج أهالي غزة من أرضهم، مؤكدين أن غزة «إما بيتٌ لأبنائها أو مقبرة لمن يحاول تصفية قضيتهم»، وفق عبارات تداولها الإعلام العربي. وأضاف البعض أن الصمود الشعبي والتمسك بالأرض سيظلّان العامِلين الحاسمين في مواجهة أي محاولات تهجير قسري