بات الذهب أحد أبرز الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون، لا سيما في ظل اضطراب المشهد الاقتصادي العالمي، فالتوترات الجيوسياسية، والتحالفات الاقتصادية الصاعدة، والاختلالات العميقة في الاقتصاد الأمريكي، كلها عوامل دفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.
تزايد أسعار الذهب علميا بوتيرة متسارعة، أعاد فتح النقاش حول مستقبله كسلاح مالي في معركة إعادة تشكيل النظام الاقتصادي الدولي، وبالرغم من أن بعض التقديرات تتحدث عن وصول سعر الأونصة إلى 5 آلاف دولار، فإن محللين يرون أن الطريق نحو هذا الرقم محفوف بتحديات، لكنه لم يعد مستحيلا.
هل تصل أسعار الذهب إلى 5000 دولار للأونصة؟
يرى نور الدين محمد، رئيس شركة تارجيت للاستثمار، أن التنبؤ بقفزة الذهب إلى 5000 دولار للأونصة الآن فيه قدر من المبالغة، رغم أن مسار الأسعار الحالي يعكس حالة تسارع استثنائية، مشيرا إلى أن السوق العالمية تتحرك بقوة نحو إعادة ترتيب أولوياتها، لكن الوصول إلى هذا المستوى السعري يحتاج إلى مزيد من التراكمات السياسية والاقتصادية.
وقال محمد، في تصريحات تليفزيونية للعربية، إن ما يدفع الذهب إلى الارتفاع ليس مجرد موجات شراء استثماري تقليدي، بل تحالفات اقتصادية كبرى تعيد رسم المشهد المالي العالمي، فهناك دول مثل الصين والهند وروسيا وكوريا الشمالية تعمل على تقليص الاعتماد على الدولار، مع توسع استخدام اليوان الصيني في تسويات الديون والتجارة الخارجية.
وأشار رئيس شركة تارجيت للاستثمار، إلى أن هذه الخطوة التي بدأت محدودة باتت اليوم واقعا يتسع يوما بعد يوم، مما يضعف مكانة الدولار ويفتح الباب أمام صعود الذهب كمعادل استراتيجي للقيمة المالية.
الأزمات الأمريكية تعمق أزمة ارتفاع أسعار الذهب
وتابع: "لا يقتصر الأمر على التحالفات الدولية فحسب، بل إن الداخل الأمريكي نفسه أصبح عامل ضغط إضافيا، فالتوتر بين الإدارة السياسية ومجلس الاحتياطي الفيدرالي، إضافة إلى الأزمات التجارية الضخمة التي تثيرها الولايات المتحدة، كلها تسهم في زعزعة الثقة بالاقتصاد الأكبر في العالم.
وأكد محمد أن الركود التضخمي الذي بدأت مؤشراته تطفو على السطح يعد بمثابة جرس إنذار خطير، إذ يجمع بين تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار، وهو ما يشكل بيئة مثالية تدفع المستثمرين بشكل كبير نحو الذهب.
التوترات الإقليمية تشعل سوق الذهب
وأشار إلى أن العوامل الجيوسياسية تلعب دورا محوريا في تحريك أسعار الذهب عالميا، لافتًا إلى أن الأزمات التي تصدرها إسرائيل للمنطقة – ومنها الضربة الأخيرة التي استهدفت قطر – تعزز مناخ عدم اليقين وتدفع المستثمرين إلى الاحتماء بالذهب كأصل آمن، موضحا أن استمرار هذا النوع من التوترات قد يسرع من وصول المعدن النفيس إلى مستويات غير متوقعة خلال فترة وجيزة.
نبيع الذهب أم نشتريه؟
وعن احتمالية حدوث تصحيح في الأسعار، أكد رئيس شركة تارجيت للاستثمار أن هذا السيناريو غير مرجح بقوة، وإن حدث فلن يكون عميقا كما يتوقع البعض، مرجحا أن يظل الذهب فوق 3600 دولار للأونصة على أقل تقدير، وبين أنه كان يرى في السابق أن السعر العادل للمعدن الأصفر يقف عند 2800 دولار، إلا أن التطورات الاقتصادية المتسارعة غيرت قواعد اللعبة وجعلت التوقعات تتجاوز ذلك بكثير.
واختتم محمد حديثه بالتأكيد على أن الذهب لا يمثل فقط فرصة استثمارية آنية، بل خيارا استراتيجيا في ظل عالم يمر بمرحلة إعادة تشكل عميقة، موضحا أن من يدخل السوق الآن لن يخسر، لأن الاتجاه الصاعد للمعدن النفيس أصبح أمرًا شبه محسوم في ظل تصاعد الأزمات وتراجع الثقة بالعملات التقليدية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
