في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتعزيز موقعها كمركز إقليمي للتجارة في الغاز، وقّعت تركيا هذا الأسبوع سلسلة من الاتفاقيات الضخمة لشراء الغاز الطبيعي المسال، خلال مشاركتها في مؤتمر “غاز تك” العالمي المنعقد في مدينة ميلانو الإيطالية.
وبحسب ما أعلنت شركة “بوتاش” الحكومية، فقد تم توقيع ثماني اتفاقيات مع شركات طاقة عالمية رائدة، ما يوفر لتركيا نحو 6 مليارات متر مكعب إضافية سنوياً من الغاز المسال، وهو ما يعادل تقريباً نصف وارداتها من هذا الوقود في عام 2024. وبهذه الخطوة، تكون أنقرة قد ضمنت تلبية معظم احتياجاتها الإضافية المتوقعة حتى عام 2030 خلال يومين فقط من المفاوضات.
تقليل الاعتماد على روسيا وإيران
تشكل هذه الاتفاقيات تحولاً محورياً في سياسة أنقرة الطاقوية، إذ تسعى الحكومة إلى تقليص اعتمادها على مورديها التقليديين روسيا وإيران، خاصة مع قرب انتهاء صلاحية عقود التوريد طويلة الأجل المبرمة معهما العام المقبل. ويرى محللون أن هذه الخطوة تمنح تركيا مرونة أكبر في مواجهة أي اضطرابات محتملة في الإمدادات أو خلافات بشأن شروط التجديد.
وقال أوليمب ماتي، المحلل في “بلومبرغ إن إي إف”، إن “هذه العقود قصيرة الأجل قد تساعد تركيا في تخفيف أي نقص محتمل في الإمدادات على المدى القريب، خصوصاً في ظل الغموض المحيط بمستقبل عقود الغاز الروسي عبر الأنابيب”.
فائض محتمل واستراتيجيات بديلة
ومع تزايد إنتاج الغاز من البحر الأسود، قد تجد تركيا نفسها في موقع المستورد الذي يمتلك كميات تفوق حاجته. وفي هذه الحالة، قد تلجأ أنقرة إلى خفض مشترياتها الفورية من الغاز المسال أو إعادة التفاوض على كميات أقل ضمن عقود خطوط الأنابيب. وهناك خيار آخر يتمثل في إعادة بيع الفائض في الأسواق الخارجية، ما يفتح المجال أمام تركيا لتوسيع محفظتها التجارية.
توسع بوتاش نحو التجارة العالمية
ضمن هذا التوجه، تسعى شركة “بوتاش” إلى تجاوز دورها التقليدي كمستورد حكومي، عبر شراء أو استئجار سفن لنقل الغاز المسال وافتتاح مكتب جديد في سويسرا لدعم عملياتها التجارية. ورغم أن تفاصيل بعض العقود الجديدة ما زالت غير واضحة، إلا أن مشاركة شركات أميركية كبرى تعزز احتمالات منح أنقرة مرونة إعادة توجيه الشحنات نحو أسواق أخرى، كما حدث مع بعض العقود المبرمة عام 2024.
شراكات جديدة مع عمان والصين
إلى جانب عقود التوريد المباشر، وقّعت “بوتاش” اتفاقية تعاون مع شركة عمان للغاز الطبيعي المسال تهدف إلى زيادة الطاقة الإنتاجية في السلطنة والتنسيق في مجالات النقل. كما أبرمت مذكرة تفاهم مع شركة “بترو تشاينا” الدولية لتعزيز التعاون في تجارة الغاز المسال والتوسع في أسواق جديدة.
وقال وزير الطاقة التركي ألبسيران بايراقدار في جلسة نقاشية بالمؤتمر: “تركيا تحتاج إلى كميات أكبر من الغاز لتلبية احتياجاتها المستقبلية، ونحن نعمل على مشاريع إضافية مع شركائنا في آسيا الوسطى وبحر قزوين وأفريقيا والشرق الأوسط”.
نحو مركز إقليمي للطاقة
يرى خبراء أن هذه الاتفاقيات الأخيرة تمثل خطوة إضافية في مساعي أنقرة للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الطاقة، مستفيدة من موقعها الجغرافي الفريد بين أوروبا وآسيا. وبالتوازي مع استثماراتها في البنية التحتية للغاز، من المتوقع أن تمنح العقود الجديدة تركيا قدرة أكبر على موازنة احتياجاتها الداخلية مع طموحاتها التجارية العالمية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.