مذيعو أخبار ذوو مظهر واقعي يذيعون رسائل دعائية، ومشاهير يرددون أشعاراً تمجد المعارك الإرهابية، وبوتات دردشة إلكترونية تُصاغ ردودها لتتوافق مع اهتمامات المستخدمين، هذه جميعها حيل متقنة تتبعها الجماعات الإرهابية لاستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل نشر فكرها المتطرف وتوسيع دوائر التجنيد.
الشباب المستهدف الأول
أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي، بعد انتشارها الكبير عبر الإنترنت، من أبرز الأدوات التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، بغية التقرب من الشباب في إفريقيا وغيرها من المناطق التي يشكل فيها الإنترنت المصدر الأول للمعلومات عبر وسائل الإعلام الاجتماعي.
دعاية في ثوب الترفيه
ويؤكد الباحث دانيال سيغل من جامعة كولومبيا، إن إلباس الدعاية الإرهابية ثوب المحتوى الواقعي يجعلها تتسلل بسهولة عبر منصات الإعلام الاجتماعي من دون أن تُكتشف.
وفي تحليله للشبكة العالمية للتطرف والتكنولوجيا أوضح أن هذه الفيديوهات تعمل على زرع سرديات متطرفة داخل محتوى يحاكي الترفيه الشعبي، مما يجعلها أكثر قرباً وقبولاً لدى الجمهور.
الفكاهة والمشاهير وسيلة جذب
أضاف سيغل أن المحتوى الدعائي غالباً ما يُقدم بروح دعابة ويستغل حب الشباب للمشاهير، فينجرون لمتابعته دون إدراك أنهم يستهلكون مواد متطرفة.
التزييف العميق يطمس الحقيقة
يشير خبراء إلى أن تقنية «التزييف العميق» تجعل التمييز بين الحقيقة والخيال شبه مستحيل. وترى الباحثة ليديا بيرند أن هذه التقنية تقوض الثقة في الإعلام الشرعي والحكومات. وضربت مثالاً بمقاطع فيديو مزيفة قد تُظهر زعيماً سياسياً يعلن الحرب أو رجل دين يدعو للعنف، وما قد يترتب على ذلك من فوضى واضطراب.
محتوى مزيف شديد الواقعية
تستخدم الجماعات الإرهابية بالفعل الذكاء الاصطناعي لإنتاج مقاطع مزيفة شديدة الواقعية، مثل مشاهد أطفال مصابين أو هجمات مُفبركة لتحريك مشاعر المشاهدين.
وتوضح المحللة سمية أواستي، أن التزييف العميق يُخفي هوية المروجين ويُعقّد جهود مكافحة الإرهاب.
ورش تدريب ودلائل إرشادية
أجرت إحدى الجماعات التابعة للقاعدة ورش عمل حول استخدام الذكاء الاصطناعي لإعداد الدعاية البصرية، بل وأعدت دليلاً إرشادياً يوضح طرق استخدام بوتات الدردشة في غرس الفكر المتطرف والتخطيط لهجمات سيبرانية أو حتى جمع الأموال عبر العملات المشفرة.
استغلال المسيرات والفضائيات
كما تستخدم هذه التنظيمات لقطات طائرات مسيرة لإنتاج محتوى دعائي سريع يبدو كأنه صادر عن قنوات إخبارية شرعية ويُصمم المذيعون الافتراضيون وكأنهم شخصيات من الطوائف المستهدفة.
ويستغل داعش هذه الأساليب في برامجه الدعائية مثل «حصاد الأخبار».
دعوة لتكثيف المواجهة
يحذر خبراء مكافحة الإرهاب من أن الحكومات ومنصات الإعلام الاجتماعي مطالبة بمضاعفة جهودها لرصد المحتوى الإرهابي المولد بالذكاء الاصطناعي. ويشددون على أهمية التعاون بين شركات الذكاء الاصطناعي والحكومات والمنصات الرقمية لتطوير آليات كشف متقدمة.
حدود لاستخدام الإرهابيين
لكن رغم ذلك، هناك حدود لاستخدام الذكاء الاصطناعي لدى الإرهابيين فبعض المتشددين يعترضون على إظهار وجوه بشرية، مما يضعف من تأثير الفيديوهات. كما تخشى الجماعات من أن تُستخدم هذه التقنيات ضدها، إذ يمكن لقوات الأمن توليد أصوات مزيفة لإصدار أوامر مضللة لعناصرها.
تحذيرات داخلية
وبحسب موقع «هوم أنغل»، صدر تحذير عبر «تلجرام» لعناصر جماعة أنصار المسلمين (المنشقة عن بوكو حرام) يؤكد أن الأصوات المولدة آلياً في تطور مستمر ويمكن استغلالها ضد المتشددين أنفسهم.