لماذا أؤيد البكالوريا المصرية،بعد أن خضتُ تجربة الثانوية العامة مع أبنائي، أدركتُ جيدًا كم هي مرحلة مرهقة للأسر والطلاب، لذلك تابعت باهتمام إعلان وزارة التربية والتعليم عن "شهادة البكالوريا المصرية" باعتبارها مسارًا بديلًا يَعِدُّ بكسر هذه الدائرة من الضغط والقلق. وما دفعني لتأييد هذا التحوُّل لم يكن مجرد الشعارات، بل ما صدر رسميًا على لسان الوزير وما نشرته جهات إعلامية موثوقة، إضافة إلى مقارنة واقعية مع أنظمة دولية مثل الـSAT الأمريكي والنظام البريطاني(IGCSE/A-Level) . فقد أوضح الوزير أن الهدف الأساسي هو تقليل الضغط النفسي على الطلاب والأسر والتخلي عن فكرة "امتحان المصير الواحد" عبر إتاحة أكثر من محاولة وتخفيف الأعباء المالية عن غير القادرين. كما أن النظام الجديد يسعى إلى تقليص الاعتماد على الدروس الخصوصية من خلال تنويع أدوات التقييم وبناء مهارات التفكير والفهم بدلًا من الحفظ والاستظهار.
وتكفي الإشارة إلى أن نحو 813 ألف طالب خاضوا امتحانات الثانوية العامة في صيف 2025 لندرك حجم الأثر الاجتماعي لأي إصلاح في هذه المرحلة. فإذا نجحت البكالوريا المصرية في تقليص ضغط "الفرصة الوحيدة" وتوسيع أدوات القياس، فإن الأثر سيمتد مباشرة إلى استقرار الأسر وتقليل النزيف المالي على الدروس الخصوصية. وعند مقارنتها بتجربة الـSAT في مصر نجد أن الأخيرة عانت من اضطراب شديد؛ فقد توقفت الاختبارات بسبب التسريبات ثم عُلِّق الاعتراف بالدرجات لفترة قبل أن تعود بالتنسيق مع الـCollege Board، وهو ما يجعل مستقبل الطلاب معلقًا بقرارات خارجية قد تتغير في أي لحظة. أما النظام البريطاني، فرغم قوته وسمعته الأكاديمية، فإنه مكلف ماليًا ولوجستيًا ويعتمد على مجالس امتحان أجنبية، ما يجعله غير ملائم ليكون المسار الافتراضي لملايين الطلاب في التعليم الوطني.
"البكالوريا المصرية" شهادة وطنية بمعايير حديثة
من هنا أجد أن التزام "البكالوريا المصرية" بالمعايير والشفافية سيجعلها مسارًا محليًا أكثر استقرارًا وضمانًا للمستقبل. فهي تطمح لتحقيق صلابة معيارية تضاهي الأنظمة العالمية، ولكن في سياق مصري ولغة عربية ومقررات مرتبطة باحتياجاتنا، مع إمكانية المواءمة مع الجامعات الدولية من خلال توصيف واضح للإطار المرجعي للمستويات والدرجات. يضاف إلى ذلك مكاسب أخرى مثل تقليل مركزية الامتحان الواحد بالاعتماد على تقييم تراكمي، وخفض كلفة الدروس الخصوصية، وتحقيق عدالة أكبر عبر إعفاء غير القادرين من رسوم المحاولات، وتسهيل الالتحاق بالجامعات من خلال معايير شفافة قابلة للمقارنة عالميًا. لذلك سأمنح "البكالوريا المصرية" فرصتها، فهي ليست مجرد بديل للثانوية العامة، بل محاولة جادة لتأسيس شهادة وطنية بمعايير حديثة تعيد الطمأنينة إلى الطلاب والأسر على حد سواء.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.