تعتبر القهوة من المشروبات الأكثر شيوعاً حول العالم، حيث يبدأ الملايين يومهم بفنجان منها لزيادة التركيز والطاقة، لكن تأثيرها على الجهاز الهضمي لا يزال محط جدل بين الخبراء، فبينما يرى البعض أنها محفز طبيعي للأمعاء، يشكو آخرون من أنها تسبب الحموضة أو تهيج المعدة، حيث كشفت أبحاث علمية حديثة أن القهوة تؤثر بشكل مباشر على حركة الأمعاء وتنشيط البكتيريا النافعة، لكنها قد تزيد أيضاً من أعراض الارتجاع والحموضة لدى البعض.
وفي هذا التقرير يستعرض موقع "تحيا مصر" بشكل مفصل كيف تؤثر القهوة على الجهاز الهضمي، وما هي البدائل المناسبة لمن يعانون من حساسية تجاهها.
تأثير القهوة على حركة الأمعاء
كشفت دراسة نشرت في مجلة Gut المتخصصة في أمراض الجهاز الهضمي أن شرب القهوة يعزز نشاط المستقيم والقولون خلال أربع دقائق فقط من تناولها، ويستمر هذا التأثير لمدة تصل إلى نصف ساعة، وأشار 29% من المشاركين في الدراسة إلى شعورهم برغبة ملحة في استخدام المرحاض بعد شرب القهوة، فيما خلص الباحثون إلى أن تأثير القهوة على الأمعاء يعادل تأثير وجبة كاملة، بل إنه أقوى بنسبة 60% من تأثير الماء، وأعلى بنسبة 23% من تأثير القهوة منزوعة الكافيين، حسب تقرير نشرته " إندبندنت عربية"
القهوة وتحفيز هرمونات الهضم
ووفق التقرير، لا تقتصر تأثيرات القهوة على تنشيط حركة الأمعاء فقط، بل إنها تزيد من إفراز هرمون الجاسترين الذي يحفز إنتاج حمض المعدة، كما ترفع مستوى هرمون الكوليسيستوكينين بنسبة تصل إلى 30%، مما يساعد على تقلص المرارة وتحفيز إفراز العصارة الصفراوية التي تلعب دوراً مهماً في هضم الدهون، ويعتقد الباحثون أن مركبات أخرى في القهوة مثل حمض الكلوروجينيك تساهم في تسريع عملية الهضم وتحسين امتصاص العناصر الغذائية.
تأثير القهوة على بكتيريا الأمعاء
أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة Nature Microbiology أن استهلاك القهوة يرتبط بزيادة تنوع البكتيريا النافعة في الأمعاء، بعد تحليل أكثر من 22 ألف عينة من ميكروبيوم الأمعاء، وجد الباحثون أن شاربي القهوة لديهم مستويات أعلى من بكتيريا Lawsonibacter asaccharolyticus، والتي ترتبط بتحسين الصحة الهضمية. كما لوحظ أن مركبات البوليفينول في القهوة تعمل كغذاء للبكتيريا المفيدة، مما يدعم صحة الجهاز الهضمي على المدى الطويل.
القهوة ومشاكل الحموضة والارتجاع
على الرغم من الفوائد المحتملة للقهوة، فإنها قد تسبب مشاكل لدى بعض الأشخاص، خاصة من يعانون من ارتجاع المريء أو الحموضة. وفقاً لموقع مايو كلينك الطبي، فإن الكافيين وبعض المركبات الأخرى في القهوة تؤدي إلى ارتخاء الصمام الذي يفصل بين المعدة والمريء، مما يسمح لحمض المعدة بالارتداد إلى الأعلى. لذلك ينصح الأطباء الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض بتقليل كمية القهوة أو استبدالها بالقهوة منزوعة الكافيين، وتجنب شربها على معدة فارغة.
دور الإضافات في تفاقم المشاكل
في بعض الحالات، لا تكون القهوة نفسها هي المشكلة، بل ما يضاف إليها، وعلى سبيل المثال، الحليب كامل الدسم يمكن أن يزيد من أعراض الارتجاع، بينما قد يسبب الحليب العادي اضطرابات هضمية للأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز، بالإضافة إلى ذلك، فإن الإضافات عالية السكر والكريمة الثقيلة يمكن أن تبطئ عملية الهضم وتزيد الشعور بالثقل والانزعاج.
توقيت شرب القهوة وتأثيره على الجسم
أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن توقيت شرب القهوة قد يؤثر على فوائدها وآثارها الجانبية. يبدو أن الكافيين يكون أكثر فاعلية عندما تكون مستويات هرمون الكورتيزول (هرمون اليقظة) منخفضة، أي في منتصف الصباح أو بعد الظهر، وليس مباشرة بعد الاستيقاظ. هذا قد يفسر سبب شعور بعض الأشخاص بأن قهوة منتصف النهار توفر تنشيطاً أفضل من قهوة الصباح الباكر.
بدائل القهوة
للأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه القهوة أو يبحثون عن خيارات أكثر لطفاً على المعدة، هناك عدة بدائل طبيعية، أبرزها الشاي الأخضر الذي يحتوي على كمية أقل من الكافيين وغني بمادة الثيانين التي تعزز التركيز بهدوء، أما الشاي الأسود فهو يوفر كمية معتدلة من الكافيين مع نكهات متنوعة. المشروبات العشبية مثل الزنجبيل والجينسنغ تساعد على تحسين الدورة الدموية وتعزيز اليقظة بدون كافيين. وفقاً لمراجعة طبية منشورة في موقع مايو كلينك، يمكن أن تكون هذه البدائل خياراً أفضل للأشخاص الذين يعانون من مشاكل هضمية مرتبطة بالكافيين.
فوائد القهوة الإضافية
ورغم ذلك فإن القهوة توفر عدة فوائد صحية أخرى، حيث تشير الدراسات تشير إلى أن استهلاك القهوة باعتدال (3-4 فناجين يومياً) يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الكبد والسكري من النوع الثاني. كما تحتوي القهوة على مضادات الأكسدة التي تحارب الالتهابات وتدعم صحة القلب. ومع ذلك، يبقى الاعتدال مفتاحاً للاستفادة من هذه الفوائد دون التعرض للآثار الجانبية المحتملة.