في زمن يظن فيه الكثيرون أن التفوق العلمي حكر على الغرب، خرجت فتاة مصرية من قلب الدلتا لتثبت العكس، وتكتب قصة كفاح ملهمة تُدرَّس للأجيال المقبلة. إنها سناء السيد، الباحثة المتميزة في علم الحفريات الفقارية، التي نجحت بجدارتها وإصرارها في رفع اسم مصر عاليًا في المحافل الدولية.
سناء، ابنة كلية العلوم بجامعة المنصورة، بدأت مسيرتها بخطوات متواضعة، لكنها حملت في قلبها حلمًا كبيرًا، حلمًا أن تكون جزءًا من صناعة المعرفة والاكتشافات العلمية التي تغير نظرة العالم إلى الماضي السحيق للأرض، ومن قاعة محاضرات قسم الجيولوجيا، إلى مختبرات جامعة ميشيجان بالولايات المتحدة، لم تعرف الاستسلام، بل حملت شغفها وصبرها ليكونا سلاحها الأقوى.
اليوم، تتوج هذه المسيرة بحصولها على جائزة DEEP العالمية في علم الحفريات الفقارية، وهي جائزة مرموقة تُمنح تقديرًا للباحثين المتميزين في دعم التنوع والمشاركة في هذا المجال النادر، هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بعد سلسلة من النجاحات الدولية، بينها جائزة الرابطة الأمريكية للجامعيات عام 2023، وجائزة جولدريينج من رابطة الجيولوجيات عام 2024، فضلًا عن تكريمها في كتاب “متمردون وعلماء مستكشفون” الصادر عن جامعة جون هوبكينز، حيث سُلط الضوء على النساء اللواتي تركن بصمات بارزة في علم الحفريات عبر قرنين من الزمن، بل وظهرت صورتها على غلافه لتكون أيقونة ملهمة للباحثات الشابات.
إنجازاتها لم تتوقف عند الجوائز، فقد شاركت سناء في نشر أكثر من 13 بحثًا دوليًا في أكبر المجلات العلمية، كما كان لها دور بارز في اكتشاف ديناصور المنصورة عام 2018، ذلك الاكتشاف الذي خطف أنظار العالم ووضع مصر في قلب خريطة الاكتشافات الحفرية.
قصة سناء ليست مجرد قصة نجاح أكاديمي، بل قصة فتاة مصرية رفضت القيود وتحدت الصعاب لتصنع لنفسها مكانًا بين أعظم علماء العالم، قصة تثبت أن الإصرار والشغف قادران على فتح الأبواب المغلقة، وأن المرأة المصرية قادرة على أن تكون سفيرة علم وإلهام على مستوى العالم.


