استمرت الخلافات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وفرنسا حول الوضع في غزة أمس الجمعة، حيث أصدرت باريس ردا حادا على اتهامات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو المتكررة بأن خطة فرنسا للاعتراف بدولة فلسطين هي السبب في فشل مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وأكدت الحكومة الفرنسية أمس، عبر حساباتها الرسمية بوسائل التواصل الاجتماعي، أن الاعتراف بدولة فلسطين لم يتسبب في انهيار مفاوضات الرهائن.
وأوردت حكومة فرنسا سلسلة طويلة من المنشورات السابقة التي قالت إنها تثبت أن إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن اعتزامه الاعتراف بفلسطين جاء بعد ساعات من إعلان المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف أن حماس لا تتصرف "بحسن نية" وأن واشنطن ستقوم "بالنظر في خيارات بديلة".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير نشرته اليوم السبت أن روبيو قال أمس الأول الخميس "في هذه اللحظة - اليوم - الذي أعلن فيه الفرنسيون ما سبق أن أعلنوه (اعتزام الاعتراف بفلسطين)، في ذلك اليوم، انسحبت حماس من طاولة المفاوضات ".
وقال ماكرون، في إعلانه الأولي بشأن الاعتراف بفلسطين، إنه سيعلن هذا الاعتراف رسميا في اجتماع الأمم المتحدة المقبل، وقال "نظرًا لالتزامها التاريخي بإحلال سلام عادل ومستدام في الشرق الأوسط، فقد قررت أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين.. السلام ممكن".
وبينما يتركز الصراع الحالي على غزة، كانت فرنسا صريحة بشأن قضايا أخرى حديثة، إذ حذر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، خلال زيارته لجرينلاند، من تزايد "توحش العالم"، مشيرا إلى استخدام "الترهيب والإكراه والابتزاز والتهديدات" من قبل البعض "لوضع جيرانهم في حالة من القهر".
وتابع بارو قائلًا "جرينلاند ليست للبيع"، في إشارة واضحة إلى تكرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبداء اهتمامه بالاستحواذ على الإقليم الدنماركي المتمتع بالحكم الذاتي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ إعلان ماكرون في 24 يوليو الماضي عن اعتزامه الاعتراف بفلسطين، أعلنت كندا وأستراليا وعدة دول أخرى أنها ستعترف بدولة فلسطين أيضًا في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة رفيع المستوى الذي يستمر لمدة أسبوع ويبدأ في 23 سبتمبر الجاري، كما قالت بريطانيا إنها ستفعل الشيء نفسه شريطة استيفاء عدة شروط.
وأعلنت تل أبيب وواشنطن أنهما لم تعدا مهتمتين بالهدنة المؤقتة التي طرحت في يوليو الماضي، والتي بموجبها كان سيتم الإفراج المبدئي عن نصف الرهائن العشرين الذين يعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وبدلًا من ذلك طالبتا بالإفراج عن جميع الرهائن ونزع سلاح حماس.
وأدى تزايد التوترات حول نهاية الحرب في غزة، فضلًا عن دعوات المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية لضم الضفة الغربية، إلى تعميق الانقسامات بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، ومعظم دول العالم من جهة أخرى.
ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن إدارة ترامب رفضت مبادرة فرنسا والمملكة العربية السعودية لعقد مؤتمر دولي حول قضية الدولة الفلسطينية ووصفتها بأنها "حيلة دعائية".
يذكر أن حوالي 150 دولة اعترفت بالفعل بإقامة دولة فلسطين، مما فتح الباب أمام إقامة علاقات دبلوماسية كاملة.
وتتمتع فلسطين بمركز مراقب دائم غير عضو في الأمم المتحدة، ويتطلب الحصول على العضوية الكاملة في هذه المنظمة تصويتًا من تسعة أعضاء على الأقل في مجلس الأمن، حيث تتمتع الولايات المتحدة بحق النقض (الفيتو).
ورغم أن حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين حظي بدعم الإدارات الأمريكية السابقة على مدى عقود، إلا أنها أكدت أيضًا أنه يجب أن يكون نتيجة مفاوضات بين الطرفين.