في ليلة كان يجب أن تكون ليلة العد التنازلي لأجمل أيام العمر، تحولت حياة "منصورة ياسر" إلى كابوس مرعب، لم تكن تعلم الفتاة العشرينية أن حقدًا قديمًا سيدفع ثمنه وجهها وروحها، ففي السابع عشر من سبتمبر الماضي.
وبينما كانت تستعد لارتداء فستان الزفاف، تعرضت لجريمة وحشية هزت أركان منطقة مصر القديمة، وأصبحت حديث وسائل التواصل الاجتماعي، لم تكن مجرد حادثة اعتداء، بل كانت قصة انتقام مكتملة الأركان، بطلتها عروس لطخ الدم فستان زفافها الأبيض، والمتهمة هي امرأة لم يطفئ طلاقها نار الغيرة في قلبها.
كانت “منصورة” تبلغ من العمر 20 عامًا، عندما تقدم أحد الشباب لخطبتها، قصة حب جديدة بدأت بعد 8 أشهر من انفصال الخطيب عن زوجته السابقة، وكانت تبني أحلامها على أساس متين من الحب والود، غير مدركة أن هناك من يراقبها في صمت، ويخطط للانتقام.
العروس الضحية
لم تكن "منصورة" على خلاف مع طليقة خطيبها، لم يتقاطع طريقهما من قبل، قائلة: “ أنا معرفش المتهمة ولا ليا علاقة بيها كل اللي أعرفه إن خطيبي كان متجوزها لمدة أسبوع وبعد كدة طلقها”، فكل ما في الأمر أن الأخيرة عندما علمت بخطبة طليقها، لم تتقبل الفكرة.
وشعرت بأنها مُهانة، وأن حياتها لا يجب أن تستمر بسلام بينما هو يستعد لزواج سعيد، فهددته قائلة: "لو اتجوزتها هندمك عليها وهحبسك"، تهديد اعتقد الخطيب أنه مجرد كلام غاضب، ولكنه كان مقدمة لجريمة لم يتوقعها أحد.
أقوال العروس الضحية أمام تحقيقات نيابة جنوب القاهرة
وأمام نيابة جنوب القاهرة الكلية، قالت المجني عليها في التحقيقات النص التالي: "اللي حصل إن مريم ساكنة عندنا في عزبة خير الله.. ومكنش بينا كلام تماما واتقابلنا مرة واحدة في فرح من شهرين ومش معايا رقمها ولا معاها رقمي.. وأنا أعرف إنها اطلقت من شهور من أحمد خطيبي.. وكنت أعرف أحمد من بعيد لبعيد قابلته يوم السبت ۲۰۲۵/۸/۲۳ وطلب مني رقمي عشان عاوزني في موضوع واتصل عليا وقالي إنه عاوز يكتب عليا آخر شهر 9، وإنه داخل جمعية وجاهز وكده وأنا وافقت وحطيت صورة على فيسبوك إن كتب كتابي يوم 2025/9/20 على أحمد".
وذكرت خلال تحقيقات النيابة: «راحت مريم دخلت علقت وقالتلي ألف مبروك ابقي اعزميني وحطت صور تريقة.. رحت انا رديت عليها قلتلها الله يبارك فيكي ودخلتلها على الخاص وقلتلها معلش انت تنوري في أي وقت بس مينفعش تيحي عشان الدنيا على الضيق وانا مضطرة اعملك حظر عشان أحمد اللي قالي.. وأحمد جابلي رقم جديد مكان رقمي.
وبعد كده هي كلمت أحمد وأخذت منه رقم مصطفى خطيب ندى بنت عمتي عشان توصلنا.. وکلمت مصطفی قالتله إني شتمتها وإنها عاوزة حقها.. راح مصطفي قالها خلاص تعالي واحنا هناديها.. وراح مصطفي قفل وکلم ندى قالها.. راحت ندى بعتلها قالتلها ملكيش دعوة بخطيبي وقعدو يشدو مع بعض.. راحت مريم ردت عليها وقالتها اصبري أنا جايلك بعد نص ساعة وهوريكي أنا هعمل ايه".
سردت الضحية أقوالها أمام التحقيقات قائلة: «وجت فعلًا مع مصطفى.. راحت ندى شداها بعيد عنه راحت مریم قعدت تزعق وتقول كلام كتير وحش علينا أنا وعيلتي وانا كنت ببعد وعمتي كانت رايحلها فجأ لقيت خبطة جت في وشي ومريم بتجري بعيد عني.
وبحسس على وشي لقيت خدي مفتوح.. والناس في الشارع شافوها وقالوا إن مريم عورتني.. راحت مريم جريت تداري في الرجالة اللي مشفوش حاجة.. وأنا أغم عليا وفقت لقيت نفسي في قسم مصر القديمة، وحولوني على قصر العيني".
شفرة موس تمزق وجه عروس مصر القديمة
جاء يوم الواقعة، يوم عادي تحوّل إلى نقطة مغايره في حياة العروسة، التي كانت تسير في الشارع أمام منزلها عندما فوجئت بطليقة خطيبها تظهر فجأة، ولم يكن هناك حوار، فقط كلمات جارحة صرخات بصوت عالٍ أمام المارة، ثم تحولت الكلمات إلى فعل، في لحظة خاطفة، أشهرت المتهمة شفرة حادة (موس)، ووجهتها إلى وجه منصورة.
41 غرزة في وجه عروس
تتذكر منصورة تفاصيل تلك اللحظة المؤلمة قائلة: "تفاجأت بضربتها، ولقيت وشي بينزف دم... الناس أسعفوني ونقلوني المستشفى، وخيطت وشي بـ 41 غرزة ولم أشعر بالألم في البداية، وكان الذهول والصدمة أكبر من أي إحساس وسقطت مغشية على الأرض، وترك الحقد جرحًا عميقًا في وجهي، وندبة لن تُمحى من قلبي.
وأوضحت قائلة: "كان متقدمًا لى عريس منفصل، وزوجته الأولى كانت بترن عليه وتهدده، وقالت له لو خدت منصورة هحبسك وهندمك عليها".
وتابعت: "فى يوم وأنا واقفة قدام البيت فوجئت بيها جات وضربتنى بموس فى وشي، والناس أخدونى على مستشفى قصر العينى وهناك الدكاترة عملوا لى ٤١ غرزة".
المتهمة: الغيرة سبب ارتكابي للحادث
وصلت الأجهزة الأمنية إلى مكان الواقعة، وتمكنت من القبض على المتهمة بعد تتبعها، واعترفت المتهمة بارتكاب الجريمة بدافع الانتقام، مؤكدة أنها لم تكن تريد سوى تشويه وجه طليقها، واعتقدت أن الانتقام من خطيبته هو أشد أنواع العقاب له.
الضحية
وفي تحقيقات النيابة، استمعت جهات التحقيق إلى أقوال منصورة، التي أكدت أنها تركت خطيبها بعد الواقعة، خوفًا من المزيد من الأذى.
وقالت بمرارة إنها لم تعد ترغب في الزواج، خاصة بعد تشوه وجهها وتدمير مستقبلها، كما أكدت أن علاقتها بالمتهمة لم تكن موجودة من الأساس، وأنها لم تكن تعلم بها إلا بعد خطبتها.
أقوال خطيب الضحية
استمعت النيابة كذلك إلى أقوال خطيب الضحية، الذي أكد أنه انفصل عن المتهمة بعد أسبوع واحد من زفافهما بسبب خلافات، وأنه لم يأخذ تهديداتها على محمل الجد، وقال إنه لم يتوقع أن يصل بها الأمر إلى حد الاعتداء الجسدي وتشويه وجه الفتاة التي أحبها.
والد الضحية
وقد حضر والدا منصورة إلى النيابة، وعبرا عن أملهم في أن تُجرى لها عملية تجميلية، لتعيد إلى وجهها جماله، وتساعدها على استعادة ثقتها بنفسها التي تحطمت، فبعد أن كانت تستعد لحفل زفافها، أصبحت منصورة الآن ضحية لجريمة بشعة، وأصبحت ملامحها الجميلة مشوهة، وخططها للمستقبل تبدو بعيدة المنال.
وعقب ذلك أمرت النيابة بحبس المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيقات، ووجهت تهمة الاعتداء والشروع في التشويه، كما أمرت بعرض الفتاة الضحية على الطب الشرعي لإعداد تقرير مفصل بالإصابات.
بيان الأجهزة الأمنية حول الواقعة
كشفت الأجهزة الأمنية ملابسات مقطع فيديو تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى تضمن تضرر إحدى الفتيات - مقيمة بدائرة قسم شرطة مصر القديمة بالقاهرة من إحدى السيدات لقيامها بالتعدى عليها بآلة حادة "شفرة موس"، وإحداث إصابتها بجرح قطعى بالوجه.
بالفحص والتحريات، أمكن تحديد وضبط مرتكبة الواقعة، وتبين أنها ربة منزل – مقيمة بدائرة قسم شرطة دار السلام.
وبمواجهتها أقرت بارتكاب الجريمة بدافع انتقامي، نتيجة شروع طليقها في الزواج من المجني عليها.
تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، والعرض على النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.
بعد تشويه وجه عروس بـ41 غرزة.. القانون يواجه "العاهة المستديمة" بعقوبات رادعة
وبشأن هذا الصدد أثيرت التساؤلات حول كيفية تعامل القانون مع مثل هذه الحالات العدوانية وهل هناك عقوبات رادعة على المتهمين بمثل هذه الجرائم التى تهدد أمن واستقرار المجتمع المصري.
العاهة المستديمة.. تعريف قانوني وعقوبة
يُعرّف القانون المصري العاهة المستديمة بأنها أي إصابة تؤدي إلى قطع أو انفصال عضو أو بتر جزء منه، أو فقدان وظيفته بشكل كلي أو جزئي ودائم، ولا يشترط في الجريمة أن تكون نية الجاني إحداث العاهة، بل يكفي أن تقع الإصابة التي تؤدي إلى هذا الضرر الدائم.
ووفقًا للقانون، تختلف جريمة العاهة المستديمة عن جنحة الضرب العادي، حيث تعتبر الأولى جناية يعاقب عليها القانون بشكل أكثر صرامة، خاصة إذا كانت الإصابة دائمة.
السجن والأشغال الشاقة في انتظار الجانية
يحدد القانون المصري نوعين من عقوبات العاهة المستديمة:
النوع الأول (العادي): يُعاقب بالسجن من 3 إلى 5 سنوات، وذلك لكل من أحدث بغيره جرحًا أو ضربًا نشأ عنه قطع أو انفصال عضو، أو فقد منفعة عضو، أو كف البصر، أو أي عاهة مستديمة يستحيل شفاؤها.
النوع الثاني (مع سبق الإصرار والترصد): إذا كان الضرب أو الجرح صادرًا عن سبق إصرار أو ترصد، تُشدد العقوبة وتصل إلى الأشغال الشاقة لمدة تتراوح من 3 إلى 10 سنوات.
وفقًا لمواد القانون، فإن المتهمة في واقعة عروس مصر القديمة، إذا ثبت أن جريمتها كانت بدافع الانتقام وبسبق إصرار، قد تواجه عقوبة السجن المشدد لمدة تصل إلى 10 سنوات.
