أخبار عاجلة
تعرف على ترتيب جدول الدوري المصري الممتاز -
موعد مباراة الأهلي وإنبي فى بطولة الدوري المصري -

سبتمبر 1981: اليوم الذي انكسرت فيه الجسور بين الدولة والمجتمع"

سبتمبر 1981: اليوم الذي انكسرت فيه الجسور بين الدولة والمجتمع"
سبتمبر 1981: اليوم الذي انكسرت فيه الجسور بين الدولة والمجتمع"
سبتمبر 1981: اليوم الذي انكسرت فيه الجسور بين الدولة والمجتمع

محمد سعد عبد اللطيف

بقلم - محمد سعد عبد اللطيف

في مطلع أيلول/سبتمبر 1981 كانت مصر على حافة فصلٍ دراسي جديد، وعلى حافة فصلٍ سياسي أكثر قسوة. في المنصورة، خرجنا طلابًا إلى شارع البحر ننتظر موكب الرئيس أنور السادات في زيارة خاطفة لمدينة تتنفس على جسر طلخا وهدير المصانع. كان الوجود الأمني كثيفًا، والهمس يدور حول أسبابٍ جعلت الزيارة تنتهي على عَجَل. بعد ساعات، صعد الرئيس إلى مروحية من استاد المدينة، وصعدت البلاد معه إلى هواءٍ أثقل: قرارات الثالث من سبتمبر.

لم تكن تلك القرارات خبرًا عابرًا، كانت زلزالًا سياسيًّا هزّ ما تبقّى من الثقة المتبادلة. ففي 3 و4 سبتمبر 1981، شُنَّت حملة اعتقالات واسعة طالت ما يقارب 1، 500- 1، 650 من رموز المجتمع من مختلف الأطياف: قادة أحزاب ومعارضين، كُتّابًا وصحافيين وأساتذة جامعات ونقابيين، وإسلاميين ومسيحيين ورجال دين، مع وضع آخرين تحت الإقامة الجبرية، وإجراءات موازية بحظر وإغلاق مطبوعات وجمعيات، وإعادة توزيع عشرات الصحافيين والأساتذة قسرًا على وظائف أخرى.

وفي 5 سبتمبر 1981 خاطب السادات البرلمان مبرّرًا الإجراءات بضرورات حفظ الوحدة الوطنية في ظل توترٍ طائفي سبقها بأشهر، مستندًا إلى المادة 74 من دستور 1971 التي تتيح للرئيس اتخاذ تدابير عاجلة عند تهديد سلامة الوطن أو تعطيل المؤسسات. لكن التطبيق كان أوسع من ظرفٍ أمني عابر، إذ شمل حلّ 13 جمعية دينية (10 إسلامية و3 مسيحية)، وحظر عدة إصدارات، واتخاذ قرارات إدارية قاسية بحق عاملين في الإعلام والتعليم.

ومن بين القرارات التي صدمت الرأي العام سحب الاعتراف الرسمي برئاسة البابا شنودة الثالث وتشكيل لجنة من الأساقفة لإدارة شؤون الكنيسة، ثم نقله إلى الدير وفرض الإقامة الجبرية عليه في وادي النطرون، إجراءٌ ظلَّ جرحًا مفتوحًا حتى قرار رفعه وإعادته رسميًا مطلع 1985 في عهد الرئيس حسني مبارك.، ،

ما قبل العاصفة: سياق ضاغط ومجتمعٌ يغلي، ، ، لم تولد اعتقالات سبتمبر من فراغ. فمنذ كامب ديفيد وما تلاها من عزلة عربية واحتقان داخلي، وُضِعَت الدولة في مواجهة أطيافٍ واسعة ترى أن الثمن السياسي والاقتصادي أثقل من طاقة المجتمع. ترافق ذلك مع توتّرٍ طائفي بلغ ذروته في وقائع مؤلمة مثل أحداث الزاوية الحمراء في يونيو 1981، ومع صعودٍ لافتٍ للحركات الإسلامية في الجامعات والقرى، وتبرّمٍ اجتماعي من سياسات الانفتاح وتوحّش السوق. تحت هذا الضغط المتشابك، بدت السلطة وكأنها اختارت تسويةً أمنية شاملة: ضرب الجميع دفعة واحدة.

«لن نُبقي لأحدٍ ظلالًا»: منطق القوة حين يفقد البوصلة، ،

بلغت الإجراءات حدّ تجريف المجال العام لا «ضبطه»: حلّ جمعيات، حظر إصدارات، اعتقال قادة تيارات متخاصمة في الأصل، وإعادة هندسة مؤسساتٍ مهنية لإقصاء المختلفين. على المدى القصير، قد يُحدث هذا صمتًا قسريًّا، لكنه يترك وراءه وحشةً سياسية: سلطةٌ بلا وسطاء، ومجتمعٌ بلا أصوات، وجسورُ ثقةٍ مقطوعة. لقد قوّضت قرارات سبتمبر القليل الباقي من «التوازن غير المعلن» بين الدولة وقواها الاجتماعية، فانكشفت الرئاسة أمام أعدائها وخصومها معًا، وانفضّ من حولها حتى المتعاطفون الذين رأوا في الإجراءات عقابًا جماعيًّا لا علاجًا سياسيًّا. بعد أربعة أسابيع فقط، في 6 أكتوبر 1981، سقط السادات اغتيالًا على منصة العرض العسكري، لتبدأ مصر طورًا جديدًا تحت حكم مبارك، وتعود تدريجيًا بعض الأصوات المعتقلة إلى الضوء، مع قراراتٍ مبكرة بالإفراج عن شخصيات بارزة في نوفمبر 1981، ثم إنهاء إقامة البابا الجبرية وإعادته لمنصبه في يناير 1985.

-- فلسفة القوة وحدودها: حين تُختزل السياسة في الاستثناء--

تقوم الدولة الحديثة على تعاقُدٍ رمزي: سيادة القانون مقابل الاعتراف بشرعية السلطة. لكن الاستثناء الدائم - حتى لو استند إلى نصوص دستورية عامة- يُحوّل القانون إلى ظلٍّ لا يُرى إلا حين يُطلب منه تبرير العنف الشرعي. اختار سبتمبر 1981 منطق الاستثناء بدل منطق السياسة، فجعل المختلفين جميعًا في خانة الخطر الوجودي: إسلاميين ويساريين وليبراليين وأقباطًا وإعلاميين. وحين تُساوي السلطة بين المختلف والمعادي، تفقد القدرة على التفريق، وتغدو قراراتها، وإن بدت قوية في ظاهرها، عمياء عن شبكة المصالح التي تُبقي المجتمع قابلًا للحكم.

لقد كان الرهان أن صدمةً صلبة ستعيد تشكيل المجال العام. لكن المجتمع لا يُعاد تشكيله بالصدمة بل بالمعنى: بقدرة الدولة على إنتاج سرديةٍ جامعة، ومؤسساتٍ وسيطة، وآليات تنازعٍ مدني تُحوِّل الخلاف إلى تنافُس مشروع لا إلى خصومةٍ صفرية. من هنا، لم تكن اعتقالات سبتمبر مجرد «غلطة سياسية»، كانت ان…

nabd.png

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق موعد مباراة إسبانيا وبلغاريا في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"