الدولار , خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت التكهنات في الشارع المصري وعلى منصات التواصل الاجتماعي بشأن احتمالية تراجع سعر الدولار أمام الجنيه ليصل إلى 40 جنيهًا. هذا الحديث أثار موجة من الجدل بين المواطنين والمستثمرين، في وقت يشهد الاقتصاد المصري تحولات كبيرة على مستوى السياسة النقدية ومحاولات حكومية جادة للسيطرة على التضخم واستعادة الاستقرار المالي.
وفي هذا السياق، تدخل الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، لتقديم رؤية تحليلية متزنة حول مستقبل سعر الصرف، محذرًا من الانسياق خلف الشائعات أو التمنيات غير المبنية على أسس واقعية. وأكد أن التوقعات بشأن السعر يجب أن تُقرأ بوعي، بعيدًا عن المبالغات الإعلامية أو المضاربات التي قد تضر بالاقتصاد.
البنك المركزي والسياسات النقدية الداعمة للجنيه مقابل الدولار
أشار الدكتور فؤاد إلى أن البنك المركزي المصري يبذل جهودًا متواصلة للسيطرة على سوق الصرف، من خلال أدوات متنوعة مثل رفع أسعار الفائدة، وتنظيم حجم السيولة، وتوفير العملة الخضراء عبر القنوات الرسمية للمستوردين.
وأوضح أن هذه السياسات تستهدف تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، لكنها ليست كافية بمفردها لخفض السعر إلى مستوى 40 جنيهًا. فمثل هذا الانخفاض يتطلب تحسنًا في عدة مؤشرات اقتصادية متزامنة، منها أداء الميزان التجاري، وزيادة الصادرات، وخفض الاعتماد على الاستيراد.
من ناحية أخرى، لفت إلى أن الاحتياطي النقدي الأجنبي يمثل عنصرًا حاسمًا في دعم استقرار الجنيه، مشيرًا إلى أن تعزيز موارد الدولة من العملة الصعبة، مثل السياحة والتحويلات الخارجية والاستثمارات، هو مفتاح أساسي لأي تحسن مستدام في قيمة الجنيه.
هل وصول الدولار لـ40 جنيهًا واقعي أم وهم اقتصادي؟
في إجابته على السؤال الأهم، شدد الدكتور فؤاد على ضرورة التمييز بين الأمنيات والواقع الاقتصادي. وأوضح أن الحديث عن وصول العملة الخضراء إلى 40 جنيهًا خلال فترة قصيرة هو أمر غير واقعي، بل وقد يؤدي إلى آثار سلبية مثل تعطيل قرارات الاستثمار أو خلق حالة من الترقب في الأسواق.
وأشار إلى أن انخفاض السعر بشكل حقيقي ومستدام يتطلب بناء منظومة اقتصادية قوية تعتمد على الإنتاج المحلي، وزيادة الصادرات، وتحجيم الطلب على المنتجات المستوردة. كما بيّن أن تأثير انخفاضه لن يظهر مباشرة في الأسواق بسبب وجود مخزونات مستوردة بأسعار قديمة، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل تكاليف النقل والطاقة.
وأكد أن الحل الحقيقي يبدأ من استقرار طويل الأمد في سعر الصرف، إلى جانب رقابة فعالة على الأسواق لمنع ارتفاع الأسعار غير المبرر، وضمان استفادة المستهلك من أي تحسن في المؤشرات الاقتصادية.
