أخبار عاجلة

خبير أوابك لـ"الطاقة": التخزين الجوفي للغاز فرصة ذهبية لتأمين الإمدادات

خبير أوابك لـ"الطاقة": التخزين الجوفي للغاز فرصة ذهبية لتأمين الإمدادات
خبير أوابك لـ"الطاقة": التخزين الجوفي للغاز فرصة ذهبية لتأمين الإمدادات

يُعرَّف التخزين الجوفي للغاز بأنه عملية حقن الغاز الطبيعي في تكوينات جيولوجية تحت سطح الأرض، على أن يُعاد سحبه لاحقًا عند الحاجة.

ويمثّل هذا النمط من التخزين أحد الحلول الإستراتيجية التي اكتسبت أهمية متزايدة في السنوات الأخيرة، بعدما فرضت تحولات سوق الطاقة العالمية تحديات جديدة على الدول المنتجة والمستوردة على حدّ سواء.

وفي حوار خاص تنشره لاحقًا منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، قدّم خبير الغاز في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، تصورًا واضحًا لكيفية استفادة الدول العربية من هذا النموذج.

إذ تشير تجارب الدول الصناعية الكبرى إلى أن التخزين الجوفي بات عنصرًا رئيسًا في إدارة الطلب المتزايد على الغاز، إذ يتيح مرونة في التشغيل، ويوفر مخزونًا يمكن الاعتماد عليه عند ذروة الاستهلاك أو في حالات الطوارئ.

ولم يعد التخزين الجوفي مقتصرًا على مواجهة التقلبات الموسمية، بل أصبح ركيزة لضمان أمن الإمدادات وتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة، ومن ثم فقد بات خيارًا لا غنى عنه لضمان استقرار المنظومة الطاقية، ولا سيما في الأوقات الحرجة.

وأوضح عبدالمعطي أن وجود منشآت تخزين جوفي في المنطقة من شأنه أن يحمي الشبكات الكهربائية من مخاطر تخفيف الأحمال أو الانقطاعات في أوقات الذروة.

خصوصية الوضع العربي

تعتمد التجارب الأوروبية على تخزين الغاز في الصيف استعدادًا لفصل الشتاء، الذي يمثّل ذروة الاستهلاك بسبب البرد القارس، إذ تُلبَّى الاحتياجات عبر مزيج من الاستيراد والسحب من المخزونات.

يقول خبير أوابك، إن "هذه الآلية لا تقتصر على تلبية الطلب فقط، بل تسهم في تقليل فاتورة الاستيراد للدول المستوردة، وتُحقق عوائد اقتصادية لمشغّلي منشآت التخزين، من خلال الاستفادة من فروقات الأسعار بين أوقات الحقن والسحب".

وأوضح أن الوضع في الدول العربية يختلف جذريًا بسبب اختلاف أنماط الطقس، إذ يبلغ ذروة الطلب على الغاز في فصل الصيف نتيجة الارتفاع الكبير في استهلاك الكهرباء لأغراض التكييف وتحلية المياه.

وأضاف في تصريحاته إلى منصة الطاقة: "التوقيت الأمثل للتخزين لدينا يكون في الشتاء والربيع، ما يتيح استغلال الفائض من إنتاج الحقول خلال هذه الفصول، ومن ثم السحب منه في الصيف، إلى جانب الإنتاج الجاري، لتلبية الطلب المتزايد".

وأشار إلى أن الاعتماد الكبير على الغاز الطبيعي في تشغيل محطات الكهرباء يضاعف من هذه التحديات، إذ يقفز الطلب في أشهر الصيف إلى مستويات قياسية، لا سيما في الدول المستوردة.

وتابع: "في حال عدم توافر الإمدادات الكافية، تضطر بعض الدول إلى اللجوء لتخفيف الأحمال وقطع الكهرباء عن الوحدات السكنية أو المصانع، لكن التخزين الجوفي للغاز يوفّر مصدرًا احتياطيًا يقلل من هذه المخاطر، ويعزّز أمن الإمدادات".

أحد منشآت التخزين الجوفي للغاز
إحدى منشآت التخزين الجوفي للغاز - الصورة من "utg.ua"

دور عالمي متنامٍ

وفقًا لدراسة حديثة صادرة عن أوابك، أعدّها المهندس وائل حامد عبدالمعطي، فإن أهمية التخزين الجوفي للغاز تزايدت بشكل لافت بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، حين اضطرت الدول الأوروبية إلى إعادة هيكلة سياساتها الطاقية، وتعزيز قدراتها التخزينية بصفتها آلية إستراتيجية لتجاوز أيّ اضطرابات في الإمدادات.

واتصالًا بهذا التوجه، تبنّت الدول الأوروبية تشريعات جديدة لتعظيم قدراتها التخزينية لمواجهة أيّ اضطرابات مستقبلية.

ويقدّم هذا النموذج بدوره دروسًا مهمة يمكن للدول العربية الاستفادة منها، لمواكبة التحولات الطاقية العالمية.

وبيّنت دراسة أوابك أن نحو 40% من استهلاك الغاز اليومي في شتاء أوروبا يُلبَّى من المخزونات الجوفية، وهو ما يعكس الدور المحوري لهذه المنشآت في استقرار الأسواق.

كما يُسهم هذا النمط من التخزين في تعزيز المرونة التشغيلية، إذ يُحقّن الغاز خلال أوقات انخفاض الطلب، ثم يُسحب عند الذروة أو في الطوارئ، بما يحقق التوازن بين الإمداد والاستهلاك.

حماية من الأزمات

يُعدّ التخزين الجوفي من أهم الحلول لتأمين إمدادات الغاز، وضمان استقرار الأسعار، وتحسين كفاءة شبكات التوزيع.

وأوضحت دراسة أوابك أن التخزين الجوفي أثبت فاعليته في أوقات الأزمات، إذ لجأت أوروبا إلى تعظيم طاقاتها التخزينية بعد اندلاع حرب أوكرانيا، ما ساعدها على تفادي انقطاعات واسعة.

كذلك يُتيح هذا التخزين للمشغّلين تحقيق أرباح عبر شراء الغاز بأسعار منخفضة في الصيف وبيعه بأسعار مرتفعة في الشتاء، وهو ما يعزز من جدواه الاقتصادية.

وتُظهر البيانات الواردة بدراسة "أوابك" أن هناك 3 أنماط رئيسة لمنشآت التخزين الجوفي للغاز، كما يلي:

  • الحقول المستنفدة: وهي الأرخص والأكثر انتشارًا عالميًا.
  • كهوف الملح: تمتاز بسرعة السحب ومرونة التشغيل، لكنها أعلى تكلفة.
  • طبقات المياه الجوفية: تُستعمل عند غياب الخيارات الأخرى، وتُعدّ الأغلى تكلفة.

ويجري اختيار نوع الخزان وفق معايير جيولوجية واقتصادية، بالإضافة إلى موقعه ومدى قربه من مراكز الاستهلاك.

التجربة العربية في التخزين الجوفي للغاز

تُعدّ الولايات المتحدة الأكثر تقدمًا في مجال التخزين الجوفي بسعة إجمالية تُقدَّر بنحو 4.7 تريليون قدم مكعبة، تُعادل نحو 30% من سعة التخزين الجوفي للغاز عالميًا.

وتمتلك روسيا ما يعادل نحو 17.2% من إجمالي السعة التخزينية العالمية العاملة (القابلة للسحب)، البالغة 2.65 تريليون قدم مكعبة، لتأتي في الترتيب الثاني عالميًا، تليها أوكرانيا بنحو 1.09 تريليون قدم مكعبة، ثم كندا بإجمالي سعة يصل إلى تريليون قدم مكعبة.

أمّا في المنطقة العربية، فبرغم توافر المقومات الجيولوجية والاحتياطيات الغازية الضخمة، ما تزال التجارب محدودة، إذ تتركز بعض المشروعات في الإمارات والسعودية، بينما تعتمد دول أخرى على التخزين السطحي للغاز المسال أو الأنابيب المضغوطة.

وفي هذا السياق، أشارت دراسة أوابك إلى أن "الفرص متاحة أمام دول مثل الجزائر وقطر ومصر لتطوير قدرات تخزين جوفي، بالنظر إلى توافر البنية التحتية وقرب مواقع الإنتاج من مراكز الطلب، وهو ما يُمثّل عنصرًا إستراتيجيًا لحماية منظومة الكهرباء من أيّ انقطاعات مستقبلية".

تخزين الغاز في حقل مويعيد الإماراتي
مشروع تخزين الغاز في حقل مويعيد الإماراتي - الصورة من "وام"

الخلاصة:

توضّح تصريحات خبير أوابك المهندس وائل عبدالمعطي أن التخزين الجوفي للغاز لم يعد خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة إستراتيجية لضمان أمن الطاقة، إذ يوفّر مرونة تشغيلية، ويُحقق مكاسب اقتصادية.

ويرى عبد المعطي أن التوسع في التخزين الجوفي سيحمي الدول العربية من اللجوء لتخفيف الأحمال الكهربائية أو انقطاع التيار في أوقات الذروة.

وبينما تتسابق الدول الصناعية إلى بناء قدرات تخزينية جديدة، تبدو الحاجة ملحّة إلى تحرُّك عربي منسَّق يستفيد من الإمكانات غير المستغَلة في هذا القطاع الحيوي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق غضب داخل بيراميدز تجاه محمد الشيبي بعد طرده أمام مودرن سبورت
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة