أخبار عاجلة

صواريخ خان التركية تُعيد رسم خريطة الردع في جنوب شرق آسيا

صواريخ خان التركية تُعيد رسم خريطة الردع في جنوب شرق آسيا
صواريخ خان التركية تُعيد رسم خريطة الردع في جنوب شرق آسيا

رصدت صحيفة آراب ويكلي اللندنية إدخال الصواريخ الباليستية التكتيكية في منظومات الردع في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، والتي كانت تُعتبر من المحرمات في المنطقة، وهو ما يعد تحولًا كبيرًا عن القيود السابقة.

وتشهد منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا تحولًا جذريًا في الردع، حيث تُعيد دول المنطقة ضبط استراتيجياتها الدفاعية في ظل تصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي. 

وقد أخذت إندونيسيا بزمام المبادرة، لتصبح أول دولة في المنطقة تحصل على صواريخ خان الباليستية تركية الصنع، مما يُشير إلى الابتعاد عن الاعتماد الحصري على القوتين الجوية والبحرية.

ويبلغ مدى صاروخ خان، النسخة التصديرية من نظام بورا التركي، 280 كيلومترًا كحد أقصى، ويحمل رأسًا حربيًا يزن 470 كيلوغرامًا. بفضل توجيهه بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ونظام جلوناس الروسي والملاحة بالقصور الذاتي، يتميز هذا النظام بدقة لا تتجاوز عشرة أمتار. ويضمن قاذفات شاحنات تكتيكية 8×8 قدرته على الحركة، مما يتيح سرعة التنقل بين مواقع إطلاق النار وزيادة "قدرة البقاء" في وجه الضربات المضادة.

ونشرت إندونيسيا وحداتها الأولى في شرق كاليمانتان بالقرب من نوسانتارا، العاصمة الإدارية الجديدة، وهو موقع اختير لتغطية استراتيجية لبحر الصين الجنوبي وتقليل المخاطر على المواقع المدنية.

وصرح الباحث عبد الله أكبر رفسنجاني، في مقال له بمجلة "مودرن بوليتكس"، بأن إدخال الصواريخ "يعزز تحولًا دفاعيًا واعيًا" في استراتيجية جاكرتا، مضيفًا الردع الدقيق البري إلى اعتماد البلاد التقليدي على القوة البحرية والجوية.

يشكل هذا الشراء جزءًا من استراتيجية أوسع للتنويع التكنولوجي، مع ابتعاد إندونيسيا عن الاعتماد على الموردين التقليديين مثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا. وقد برزت أنقرة كشريك محوري، حيث لا يقتصر دورها على توريد نظام خان فحسب، بل يشمل أيضًا نقل التكنولوجيا والتدريب والشراكات المؤسسية.

وتشمل علاقات إندونيسيا الدفاعية مع تركيا حاليًا التطوير المشترك لدبابة "كابلان إم تي/هاريماو"، والمشاركة في برنامج مقاتلات الجيل الخامس "كان" البالغة قيمته 10 مليارات دولار، ومصنعًا مشتركًا لإنتاج الطائرات بدون طيار.

وبالنسبة لتركيا، تتماشى الصفقة مع سعيها الأوسع لتوسيع صادراتها الدفاعية في دول الجنوب العالمي، حيث تقدم أنظمة أسلحة بأسعار تنافسية إلى جانب اتفاقيات الإنتاج المشترك. بلغت الصادرات التركية 7.1 مليار دولار في عام 2024، مدعومة بالطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للسفن والسفن البحرية، وبدعم من برنامج محلي بقيمة 262 مليون دولار أُطلق في عام 2025 لتعزيز الابتكار المحلي.

التداعيات الإقليمية

وأدت هذه الصفقة إلى زعزعة التوازن الدفاعي في جنوب شرق آسيا. وبينما تُصر إندونيسيا على أن الصواريخ ليست موجهة ضد جيرانها، فإن مداها يضع ماليزيا وسنغافورة في مرمى نيرانها، ومن المتوقع أن ترد ماليزيا بحذر، مُعززةً دفاعاتها الجوية وأنظمة الإنذار المبكر، مع الدعوة إلى تنسيق أقوى داخل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). من المرجح أن تُعزز سنغافورة، بفضل منظومتي أستر 30 وسبايدر المتطورتين، عمقها الدفاعي وتحافظ على مبدأ التفوق النوعي، مما قد يُوسّع قدراتها الهجومية كإجراء احترازي.

ويُمثّل إدخال الصواريخ الباليستية التكتيكية، التي كانت تُعتبر في السابق من المحرمات في المنطقة، خروجًا ملحوظًا عن سياسة ضبط النفس السابقة. لطالما تجنبت دول جنوب شرق آسيا مثل هذه الأنظمة خوفًا من التصعيد، لكن خطوة إندونيسيا تُعيد تعريف ما يُعتبر مشروعًا ضمن أطر الأمن الإقليمي.

ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، أنفقت دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) 47.8 مليار دولار أمريكي على الدفاع في عام 2023، معظمها على تحديث الأصول الجوية والبحرية. يُمثل امتلاك إندونيسيا للصواريخ تحولًا نوعيًا في هذا الاتجاه، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بحاجة إلى أطر جديدة لمنع المنافسة المُزعزعة للاستقرار.

شراكة استراتيجية

ساهمت اتفاقية خان في تعميق العلاقات التركية الإندونيسية، التي تعززت بالاتفاقيات التي وُقعت خلال زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى جاكرتا. شملت هذه الجهود التعاون في مشاريع الطائرات المسيرة والدبابات والطائرات والبنية التحتية المرتبطة بجزيرة نوسانتارا، إلى جانب مواقف دبلوماسية مشتركة بشأن النزاعات الإقليمية.

ويقول المحللون إن هذه الخطوة تعكس إعادة تقييم أوسع نطاقًا في جنوب شرق آسيا، حيث تستكشف الدول شراكات غير غربية وتُنوّع محافظها الدفاعية. بالنسبة لإندونيسيا، يُعد نظام صواريخ خان أكثر من مجرد عملية شراء أسلحة بل إنه رمز للاستقلال الاستراتيجي وتجربة عملية للردع البري في منطقة لطالما هيمنت عليها القوة البحرية.

ومع أن هذه الصفقة لا تُنذر بسباق تسلح شامل، إلا أنه يُدخل عنصرًا جديدًا في البنية الأمنية لجنوب شرق آسيا، ويُعيد تشكيل معادلات القوة، ويُرسّخ دور تركيا كشريك دفاعي متنامٍ في المنطقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يتفقد فعاليات دورة التربية العسكرية رقم (٤٩) لطلاب الجامعة
التالى بعد سرقتها في باريس.. ألفت عمر تشكر وزارة الخارجية المصرية على اهتمامها