تلقّى قطاع الرياح البحرية في اليابان صدمة بعد انسحاب شركة ميتسوبيشي (Mitsubishi)؛ بما يهدد مستهدفات إنتاج الكهرباء النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وأعلنت ميتسوبيشي -في بيان صحفي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- قرارها بعدم مواصلة تطوير 3 مزارع بحرية فازت -على رأس شركات أخرى- بحقوق تطويرها قبل نهاية عام 2021.
وعزت الشركة الانسحاب الصادم بارتفاع تكاليف التطوير خلال مدة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ثم ارتفاع أسعار الفائدة واضطراب سلاسل التوريد.
وتلك ليست المرة الأولى التي تنسحب -أو تقلّص- شركة من وجودها بالقطاع المتعثر، فقد سبقتها أورستد الدنماركية وشل متعددة الجنسيات؛ ما دفع الحكومة للتدخل لوقف نزيف الخسائر.
كواليس انسحاب شركة ميستوبيشي
جاء قرار شركة ميتسوبيشي اليابانية بالانسحاب من تطوير مزارع الرياح البحرية المحلية الثلاثية في تقرير مراجعة خطة عمل المشروع.
وبدأت الشركة خطة المراجعة في فبراير/شباط (2025) بسبب "التغيرات غير المتوقعة في بيئة العمل"، على حدّ وصفها.
وبناءً على ذلك، قررت عدم مواصلة تطوير مشروعات الرياح البحرية في اليابان التي كان من المقرر دخولها حيز التشغيل بين عامي 2028 و2030، بسعة إجمالية 1.76 غيغاواط، في مقاطعتي أكيتا وتشيبا.

وأوضحت ميتسوبيشي أن اختيارها لتكون مطورًا للمشروع في ديسمبر/كانون الأول (2021) جاء بعد تفشّي وباء كورونا، ثم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وبسبب ذلك، واجهت المشروعات تحديات بسبب سلاسل التوريد وارتفاع معدلات التضخم وتقلبات أسعار الفائدة وصرف العملة.
وللتعامل مع ذلك الوضع، بحثت الشركة خيارات مختلفة، منها إعادة تقييم التكاليف وجدولة المشروع والإيرادات، لكن المباحثات مع الشركاء أكدت أن وضع خطة عمل قابلة للتطبيق لن يكون مُجديًا اقتصاديًا بسبب الظروف الحالية.
يُشار هنا إلى أن أحد شركاء مشروعات الرياح البحرية -وهي شركة "تشوبو إلكتريك باور" (Chubu Electric Power)- قدّرت حجم خسار انسحاب ميتسوبيشي عند نحو 17 مليار ين (نحو 115 مليون دولار).
(الين الياباني = 0.0068 دولارًا أميركيًا).
قطاع الرياح البحرية في اليابان
انسحاب شركة ميتسوبيشي من تطوير 3 من مزارع الرياح البحرية في اليابان يضيف إلى سلسلة تحديات تواجه خطط تغيير الدفة بعيدًا عن الوقود الأحفوري وتقليل الاعتماد على الواردات؛ إذ تسعى اليابان لزيادة قدرات الرياح البحرية إلى 10 غيغاواط بحلول عام 2030، وإلى 45 غيغاواط في 2040.
ومنذ الجولة الأولى للعطاءات في 2021 حتى تاريخه، طرحت الحكومة 10 جولات لتطوير مزارع بحرية شاركت فيها أسماء بارزة، مثل: "آر دبليو إي" الألمانية (RWE)، وإيبردرولا الإسبانية (Iberdrola)، وشركة النفط البريطانية "بي بي".
وفي إطار خطط إعادة الهيكلة، انسحبت شركة أورستد الدنماركية (Orsted) من القطاع الياباني في العام الماضي (2024)، كما قلّصت شركة النفط متعددة الجنسيات شل فريقها المختص بالرياح البحرية في اليابان.
يُشار هنا إلى أن أورستد تلقّت ضربة موجعة في الولايات المتحدة بعد صدور أمر مفاجئ من الحكومة بوقف تطوير مزرعة رياح بحرية اكتمل بناؤها بنسبة 80%؛ ما أدى إلى تراجع سهم الشركة 19%.

وفي مواجهة تلك التحديات التي يتردد صداها عالميًا أيضًا، تدرس الحكومة اليابانية تخفيف القيود على مطوري الرياح البحرية، وأجرت محادثات مع عدد من أصحاب المصالح بالصناعة المتعثرة الذين يضغطون من أجل اتخاذ إجراءات تقلل المخاطر وتساعد في خفض التكاليف.
وتشمل التغييرات المحتملة أيضًا، تمديد مدة تشغيل المشروعات من 30 عامًا حاليًا إلى 40 عامًا، وتغيير قوانين الملاحة الساحلية للسماح بالسفن غير الحاملة للعلم الياباني بالعمل داخل مزارع الرياح البحرية في اليابان.
ميتسوبيشي والرياح البحرية اليابانية
أكدت شركة ميتسوبيشي في بيانها بتاريخ اليوم الأربعاء (27 أغسطس/آب) التزامها بتطوير مشروعات الطاقة المتجددة، ولاسيما طاقة الرياح البحرية في اليابان، كونها عنصرًا أساسيًا في مزيج الكهرباء المحلي.
وأضافت: "ما زلنا ملتزمين بالعمل نحو تحقيق المجتمع الخالي من الكربون، ومراقبة بيئة العمل عن كثب".
وبالنسبة للخسائر الناجمة عن الانسحاب، قالت، إنها تتوقع تكبُّدها خسائر إضافية محدودة، بالإضافة إلى خسائر أخرى، وهي (القسم الأكبر) قد تكبدتها في السنوات السابقة.
يُشار هنا إلى أن شركة ميتسوبيشي ذكرت في فبراير/شباط الماضي (2025) أنها تحمّلت خسائر بقيمة 52 مليارًا و200 مليون ين بسبب انخفاض قيمة مشروعاتها بقطاع الرياح البحرية الياباني على مدار 9 أشهر، انتهت في ديسمبر/كانون الأول (2024)، جراء ارتفاع التكاليف.
وتعليقًا على التطور الأخير، يتوقع الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات اليابانية "يوري غروب" (Yuri Group) يوري هامبر أن يخرج قطاع الرياح البحرية من الأزمة الحالية مستجمعًا قوّته.
وأكد أن انسحاب ميتسوبيشي لن يكون أمرًا مأساويًا للقطاع إذا واصلت مشروعات فازت بعطاءات لاحقة المضي قدمًا بأعمال التطوير؛ إذ شاركت ميتسوبيشي بقوة في العطاء الأول، لكن اعترضتها عوامل مرتبطة بالاقتصاد الكلي وأخرى، وهي الآن في مرحلة إعادة التوازن.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: