أخبار عاجلة

الذكاء الاصطناعي يضغط على شبكات الكهرباء.. والبيانات غير مطمئنة (تقرير)

الذكاء الاصطناعي يضغط على شبكات الكهرباء.. والبيانات غير مطمئنة (تقرير)
الذكاء الاصطناعي يضغط على شبكات الكهرباء.. والبيانات غير مطمئنة (تقرير)

اقرأ في هذا المقال

  • غوغل تصدر لأول مرة تقريرًا فنيًا يُفصّل كمية الطاقة التي تستهلكها تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • الطلب المتوسط عبر تطبيق جيميناي يستهلك ما يعادل مشاهدة التلفاز لأقل من 9 ثوانٍ
  • تقرير غوغل يركّز على استهلاك الطلبات النصية، ويتجاهل طلبات الصور والفيديو
  • الدكتور أنس الحجي حذَّر من مخاطر زيادة الطلب على الكهرباء المرتبطة بالذكاء الاصطناعي

في ظل التوسع الهائل لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تتزايد المخاوف من الضغط الكبير على شبكات الكهرباء لتلبية الطلب المرتبط بمراكز البيانات التي تحتوي على أجهزة عملاقة تستهلك كميات هائلة من الكهرباء.

ومؤخرًا، أصدرت شركة غوغل العالمية تقريرًا فنيًا يُفصّل كمية الكهرباء التي تستهلكها تطبيقات الذكاء الاصطناعي لكل طلب، في سابقة هي الأولى من نوعها لشركات التكنولوجيا الكبرى.

ويُلقي التقرير نظرة شاملة على الطلب على الكهرباء، ولا يقتصر هذا التحليل على الكهرباء التي تستهلكها رقائق الذكاء الاصطناعي التي تُشغّل نماذج الذكاء الاصطناعي فحسب، بل يشمل أيضًا جميع البنى التحتية الأخرى اللازمة لدعم تلك الأجهزة.

ومع ذلك، ما تزال هناك تفاصيل لم تشاركها الشركة في هذا التقرير؛ من بينها العدد الإجمالي للاستعلامات التي يتلقّاها تطبيق الذكاء الاصطناعي "جيميناي" (Gemini) يوميًا، الذي من شأنه أن يسمح بتقدير إجمالي استهلاك الطاقة لأداة الذكاء الاصطناعي.

ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يستهلك الطلب المتوسط عبر تطبيق جيميناي نحو 0.24 واط/ساعة من الكهرباء، أي ما يعادل تشغيل ميكروويف قياسي لمدّة ثانية واحدة تقريبًا، أو مشاهدة التلفاز لأقل من 9 ثوانٍ.

الطلب على الكهرباء من الذكاء الاصطناعي

في تقرير غوغل الأخير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة، تُمثّل رقائق الذكاء الاصطناعي -في هذه الحالة، وحدات معالجة الرسومات (TPUs) المُخصصة من غوغل، وهي المُعادل الحصري لوحدات معالجة الرسومات (GPUs) من الشركة- 58% فقط من إجمالي الطلب على الكهرباء، البالغ 0.24 واط/ساعة.

ويُستهلك جزء كبير آخر من الكهرباء بوساطة المعدّات اللازمة لدعم الأجهزة الخاصة بالذكاء الاصطناعي: تُمثل وحدة المعالجة المركزية (CPU) والذاكرة في الجهاز المُضيف 25% أخرى من إجمالي الطاقة المُستهلكة.

كما أن هناك حاجة إلى معدّات احتياطية في حالة تعطُّل أيّ جهاز، تُمثّل هذه الأجهزة الخاملة 10% من الإجمالي.

أمّا نسبة الـ8% المتبقية، فتأتي من النفقات العامة المرتبطة بتشغيل مركز البيانات، بما في ذلك التبريد وتحويل الطاقة.

ويُظهر هذا النوع من التقارير قيمة مساهمة الصناعة في أبحاث الطاقة والذكاء الاصطناعي، كما يقول الأستاذ بجامعة ميشيغان، مشرف شودري، وهو أحد مديري مشروع إم إل إنرجي (ML.Energy)، الذي يتتبّع استهلاك نماذج الذكاء الاصطناعي للطاقة.

ويقول طالب دكتوراه بجامعة ميشيغان، وأحد قادة مشروع إم إل إنرجي، جاي وون تشونغ: "أعتقد أن هذا سيكون حجر الزاوية في مجال طاقة الذكاء الاصطناعي.. إنه التحليل الأكثر شمولًا حتى الآن".

تطبيق الذكاء الاصطناعي من غوغل
تطبيق جيميناي - الصورة من منصة "فاست كومباني"

ومن جانبه، أوضح كبير علماء غوغل، جيف دين، أن الهدف من هذا العمل هو منح المستعمِلين فرصة للاطّلاع على استهلاك الطاقة لتفاعلاتهم مع الذكاء الاصطناعي.

وأضاف: "يستعمل الناس أدوات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات، ولا ينبغي أن تكون لديهم مخاوف كبيرة بشأن استهلاك الطاقة أو المياه في نماذج جيميناي، لأنه في قياساتنا الفعلية، ما تمكّنّا من إظهاره هو أنه يعادل في الواقع أشياء تفعلها دون حتى التفكير فيها يوميًا، مثل مشاهدة بضع ثوانٍ من التلفاز أو شرب 5 قطرات من الماء".

ووفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، بلغ الطلب العالمي على الكهرباء في مراكز البيانات ما بين 200 و300 تيراواط/ساعة في عام 2020، بما يمثّل نحو 2% من إجمالي الاستهلاك العالمي.

وقد يُسهم الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في زيادة الطلب العالمي على الكهرباء بنسبة تتراوح بين 20 إلى 50% بحلول عام 2030، حسب التوقعات والسيناريوهات المختلفة.

أرقام غير دقيقة للطلب على الكهرباء

مع ذلك، لا يُمثّل رقم "غوغل" جميع الاستعلامات المُقدمة إلى جيميناي؛ فالشركة تتعامل مع مجموعة كبيرة ومتنوعة من الطلبات، ويُحسب هذا التقدير بناءً على متوسط الطلب على الكهرباء، الذي يقع في منتصف نطاق الاستعلامات المحتملة.

لذا، تستهلك بعض طلبات جيميناي طاقةً أكبر بكثير من هذا، ويُعطي كبير علماء غوغل، جيف دين، مثالًا على إدخال عشرات الكتب في جيميناي، ومطالبته بإنتاج مُلخَّص مُفصَّل لمحتواها، قائلًا: "هذا النوع من الأمور يستهلك على الأرجح طاقةً أكبر من الطلب المتوسط".

كما أن استعمال نموذج استدلالي قد يُؤدي إلى استهلاك طاقة مصاحبًا أعلى، لأن هذه النماذج تتخذ خطواتٍ أكثر قبل إنتاج إجابة، بحسب ما نقلته منصة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" (MIT Technology Review).

وكان هذا التقرير مُقتصرًا بشكل صارم على الطلبات النصية، لذا فهو لا يُمثِّل ما هو مطلوب لإنشاء صورة أو فيديو؛ إذ تُظهر تحليلات أخرى أن هذه المهام قد تتطلَّب طاقةً أكبر بكثير.

ويُشير التقرير -أيضًا- إلى أن إجمالي الطاقة المُستهلكة للإجابة على استعلام جيميناي قد انخفض بشكلٍ كبير بمرور الوقت، بفضل التطورات في نماذجها وتحسيناتٍ برمجية أخرى.

ووفقًا لغوغل، استهلك طلب جيميناي المتوسط طاقةً أكبر بـ33 ضعفًا في مايو/أيار 2024، مقارنةً بمايو/أيار 2025.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي

وتُقدّر غوغل -أيضًا- انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطلب المتوسط، التي تُقدّر بـ0.03 غرام من ثاني أكسيد الكربون؛ إذ ضربت الشركة إجمالي الطاقة المستهلكة للاستجابة للطلب في متوسط الانبعاثات لكل وحدة كهرباء للوصول إلى هذا الرقم.

وبدلًا من استعمال تقدير الانبعاثات بناءً على متوسط الشبكة الكهربائية الأميركية، أو متوسط الشبكات التي تعمل فيها غوغل، تستعمل الشركة تقديرًا قائمًا على السوق، يأخذ في الحسبان مشتريات الكهرباء التي تقوم بها الشركة من مشروعات الطاقة النظيفة.

ووقّعت الشركة اتفاقيات لشراء أكثر من 22 غيغاواط من الكهرباء من مصادر تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والمشروعات النووية المتقدمة منذ عام 2010.

وبفضل هذه المشتريات، تُعادل انبعاثات غوغل لكل وحدة كهرباء -على الورق- ما يقرب من ثلث انبعاثات الشبكة الكهربائية المتوسطة التي تعمل فيها.

وتستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي -أيضًا- الماء للتبريد، وتُقدّر غوغل أن كل استعلام يستهلك 0.26 مليلترًا من الماء، أو نحو 5 قطرات.

تحذير من مخاطر زيادة الطلب على الكهرباء

كان مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، قد حذّر -في وقتٍ سابق- من مخاطر زيادة الطلب على الكهرباء المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وقال الحجي، إن الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية الحركة أصبحا من أكبر مصادر زيادة الطلب على الكهرباء في الدول المتقدمة، كما لم تُعد هذه الظاهرة محصورة في الاقتصادات الكبرى فحسب، بل امتدّت عالميًا.

جاء ذلك خلال إحدى حلقات برنامج "أنسيات الطاقة"، التي قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "‏‏‏نمو الطلب العالمي المتزايد على الكهرباء وآثاره السياسية والاقتصادية"، في 12 أغسطس/آب 2025.

وعلى المستوى العالمي، تُعدّ المشكلة أكثر تعقيدًا مما يتخيلّه كثيرون؛ إذ هناك عوامل اجتماعية وديموغرافية، مثل الهجرة من الريف إلى المدن، تضيف ضغوطًا هائلة على شبكات الكهرباء، بجانب الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية الحركة.

وتظهر المشكلة بوضوح عندما يزيد الطلب على الكهرباء بشكل كبير، ثم تنقطع الإمدادات في أوقات حرّ الصيف؛ ما يؤدي إلى وفيات بين السكان، فتتحول أصابع الاتّهام إلى شركات الذكاء الاصطناعي التي استهلكت الحصة الكبرى.

مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي

وحذَّر أنس الحجي من أن استمرار هذا الاتجاه قد يقود إلى أزمات سياسية واجتماعية، خاصة إذا ارتبط انقطاع الكهرباء بخسائر بشرية يمكن ربطها باستهلاك شركات التقنية الكبرى؛ ما قد يدفع المسؤولين إلى اتخاذ إجراءات صارمة نتيجة ضغط الرأي العام، بما في ذلك فرض قيود على أنشطة الذكاء الاصطناعي، أو إجبار الشركات على تقليص استهلاكها للطاقة.

وأشار إلى أن تقييد استهلاك الطاقة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تباطؤ بوتيرة الابتكار والنمو في هذا القطاع، خاصة إذا رُبطت هذه القيود بأهداف بيئية أو اعتبارات إنسانية ملحّة.

وفي المقابل، قد يقود تجاهل هذه المخاطر إلى فقدان الثقة العامة بالسياسات الاقتصادية والتقنية، خصوصًا إذا شعر الناس بأن حياتهم مهددة من أجل استمرار أنشطة تجارية عالية الاستهلاك.

ويرى الحجي أن التحدي الحقيقي يكمن في إيجاد توازن بين تمكين التقنيات الحديثة من التطور، وضمان أن تظل منظومات الطاقة قادرة على تلبية احتياجات جميع المستهلكين دون تمييز.

وشدد الحجي على أن هذه المعضلة ستظل قائمة ما لم يجرِ التخطيط المسبق وتوسيع البنية التحتية للطاقة بما يتناسب مع الطفرة المتوقعة في الطلب، سواء جاء هذا الطلب من الأفراد أو من الذكاء الاصطناعي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. بيانات غوغل حول استهلاك تطبيقات الذكاء الاصطناعي للطاقة، من الموقع الرسمي للشركة
  2. معلومات إضافية عن بيانات غوغل حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، من منصة "إم تي آي تكنولوجي ريفيو"
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق السيسي يؤكد ضرورة احترام القانون والاتفاقيات الدولية بشأن توفير الحماية للبعثات الدبلوماسية
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة