لم تكن الساعات الماضية عادية على الإطلاق، فقد تحولت إلى زلزال أمنى اجتاح أوكار الجريمة فى طول البلاد وعرضها، ليؤكد مجدداً أن يد وزارة الداخلية لا تهدأ ولا تتراجع أمام التحديات.
ففى وقت قياسى لم يتجاوز 24 ساعة فقط، نفذت أجهزة الأمن سلسلة من الضربات النوعية المتلاحقة، استهدفت أخطر البؤر الإجرامية وقطعت أوصال شبكات المخدرات والسرقات والتسول، لتوجه بذلك رسالة واضحة: أن مصر لن تكون ملاذاً آمناً للخارجين على القانون، وأن سيادة الدولة تبقى خطاً أحمر.
من قلب الجيزة، حيث "الثقب الأسود" أسفل أحد الكبارى الذى تحول إلى وكر ملوث بالأطفال والنساء فى مشاهد مأساوية، إلى عمق الصحراء بالإسماعيلية حيث ظن أباطرة المخدرات أنهم بعيدون عن أعين العدالة، وصولاً إلى محاور القاهرة الصاخبة حيث عصابات السرقة بأنواعها.. امتدت يد الداخلية لتغلق الأوكار، وتفكك الشبكات، وتعيد الشارع المصرى إلى حالة من الطمأنينة والثقة.
إن خطورة هذه العمليات لا تكمن فقط فى حجم المضبوطات أو عدد المتهمين، بل فى الرسالة الإستراتيجية التى تبعث بها الدولة إلى كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الوطن: "لن نترك شبراً واحداً بلا سيطرة". فبين مواجهة عصابات الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال، وضبط عشرات الأطنان من المخدرات بقيمة تقترب من 800 مليون جنيه، وإحباط محاولات التهريب عبر الموانئ الجوية، وتفكيك ورش تصنيع الأسلحة البيضاء، جاءت التحركات لتؤكد أن العمل الأمنى فى مصر بات منظومة متكاملة، لا تعرف التباطؤ ولا تترك ثغرة دون أن تسدها.
ويجمع خبراء أمنيون على أن هذه العمليات المتزامنة تمثل نموذجاً لإستراتيجية "الضربات المتلاحقة"، والتى تستنزف قدرات الخصوم وتجبرهم على الانهيار قبل أن يلتقطوا أنفاسهم.
ويشيرون إلى أن ما جرى خلال 24 ساعة هو بمثابة اختبار حى لسرعة استجابة الدولة لمقتضيات الأمن الداخلى، فى ظل تحديات تتوزع بين الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة.
الثقب الأسود فى الجيزة.. وكر التسول تحت الكبارى
فى واحدة من أخطر القضايا الاجتماعية، كشفت الداخلية ملابسات مقاطع فيديو تداولها رواد التواصل الاجتماعى حول فتحة أسفل أحد الكبارى بالجيزة، تحولت إلى بؤرة لتجمع الأطفال والنساء واستغلالهم فى أعمال التسول.
تم ضبط 20 شخصاً بينهم 8 سيدات و5 أطفال، و7 من أصحاب المعلومات الجنائية.
بحوزة 9 منهم أسلحة بيضاء.
جرى التنسيق مع الجهات المختصة لإغلاق المكان نهائياً وإيداع الأطفال فى دور الرعاية.
ضربة الإسماعيلية.. 13 طن هيدرو وحشيش بـ795 مليون جنيه
فى عملية نوعية كبرى، أسقطت الداخلية تشكيلاً عصابياً شديد الخطورة زرع مزرعة بالظهير الصحراوى فى القنطرة شرق.
ضبط 13 طن هيدرو منها 8 أطنان نبات كامل النمو و5 أطنان مخزنة.
ضبط 145 كجم حشيش داخل مخازن سرية.
القيمة المالية للمضبوطات بلغت حوالى 795 مليون جنيه.
حملات مكبرة.. السيطرة على الشارع المصرى
شرطة النقل والمواصلات: ضبط 1565 قضية متنوعة بمترو الأنفاق والقطارات.
شرطة الكهرباء: ضبط 4304 قضية سرقة تيار كهربائى.
مباحث الضرائب والرسوم: 473 قضية أبرزها تهرب ضريبى وجمارك.
شرطة التعمير: 229 قضية متنوعة تشمل مخالفات مبانٍ ومحلات دون ترخيص.
القاهرة.. عصابات السرقة فى قبضة العدالة
ضبط عصابة خطف الهواتف المحمولة (11 واقعة).
ضبط تشكيل متخصص فى سرقة السيارات بالمفتاح المصطنع (10 وقائع).
ضبط سائق سرق سيارة محملة بحقائب سفر وأموال من شركته.
ضبط سائق شركة نقل ذكى سرق لاب توب من راكب.
ورش الأسلحة البيضاء.. نهاية مصنع الدماء
ضبط متهم بالشرابية يدير ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء.
بحوزته 196 قطعة سلاح أبيض مختلفة، وأدوات تصنيع كاملة.
إحباط تهريب 3 آلاف قرص مخدر داخل سماعة صب ضخمة
محاولة تهريب عبر طرد بريدى قادم من الخارج.
المتهمان: عاطل وشقيقته من الشرقية.
قيمة المضبوطات: حوالى 2 مليون جنيه.
آراء خبراء أمنيين
يرى خبراء أمنيون في تصريحات صحفية أن هذه العمليات تعكس تحولاً فى تكتيكات وزارة الداخلية، من المواجهات التقليدية إلى استراتيجية الضربات المتزامنة، بما يشل قدرة الجريمة المنظمة على إعادة التموضع. كما يؤكدون أن الضبطيات الضخمة للمخدرات تحمل رسائل دولية بأن مصر لا تسمح باستخدام أراضيها ممراً للاتجار غير المشروع.
هكذا، وفى أقل من 24 ساعة فقط، نجحت وزارة الداخلية فى تدمير "الثقب الأسود" للتسول بالجيزة، وإسقاط واحدة من أكبر مزارع المخدرات فى الإسماعيلية، وضبط شبكات سرقة وتسليح وتهريب. وهى وقائع تؤكد أن الأمن المصرى يعمل كمنظومة متكاملة لا تعرف الراحة، وأن ضرباته "الزلزالية" لا تترك مجالاً للشك بأن الدولة ماضية فى طريقها لحماية المجتمع، وإغلاق كل الأبواب أمام قوى الفوضى والجريمة.
