أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيّته الانضمام شخصيًا إلى عملاء فيدراليين خلال دورية في العاصمة واشنطن، وفق ما كشفه موقع “أكسيوس”، هذه الخطوة، وإن بدت استعراضية في ظاهرها، فإنها تُشير إلى استراتيجية أوسع لتوظيف الأمن الفيدرالي كأداة ضغط وترويج سياسي.
وخلال مقابلة إذاعية، وصف ترامب واشنطن العاصمة بأنها "حقل اختبار" لتجربة مدى فاعلية التدخل الفيدرالي في ضبط الأمن، خاصة في المدن التي تشهد توترات أو تُدار من قبل خصومه السياسيين، كما أشار صراحة إلى مدينة ممفيس كهدف مستقبلي للتصعيد، موضحًا أنها تحت إدارة "عمدة ديمقراطي"، في ما يُعد إشارة ضمنية إلى تسييس القرار الأمني.
هذا التصعيد لا ينفصل عن صلاحيته كرئيس – آنذاك – في تحويل الحرس الوطني إلى قوة فيدرالية، كما فعل سابقًا أثناء الاحتجاجات في لوس أنجلوس، متجاهلًا معارضة بعض حكام الولايات مثل حاكم كاليفورنيا. ويبدو أن السيناريو نفسه يتكرر، حيث انضمت ولاية ويست فرجينيا إلى الخطة، معلنة إرسال ما يصل إلى 400 جندي من الحرس الوطني إلى العاصمة دعمًا لترامب.
دعم سياسي
البيانات الصادرة عن مسؤولي الولاية والحرس الوطني لم تُخفِ دعمها السياسي الواضح لترامب، إذ تحدث حاكم الولاية عن "استعادة فخر وجمال العاصمة"، بينما أكد القائد العسكري أن قواته "شريك لا غنى عنه"، في نغمة تحمل بعدًا تعبويًا وليس مجرد مهمة مؤقتة لحفظ الأمن.
وقد أثار الوجود الفيدرالي في شوارع واشنطن انقسامًا واسعًا. فبينما اعتبره البعض ضرورة أمنية، أعرب آخرون عن قلقهم من عسكرة الحياة المدنية، ومن احتمال أن يكون ذلك مقدمة لتوسيع صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب الولايات والحكومات المحلية، خاصة أن انتشار العملاء الفيدراليين جاء دون تنسيق علني مع القيادات المحلية.
الملفت أن تحركات ترامب لم تأتِ في سياق استجابة لأزمة طارئة واضحة، بل بدت كجزء من حملة استعراض سلطة، تزامنًا مع تصعيد خطابه ضد المدن ذات الغالبية الديمقراطية، ما يُثير مخاوف من زجّ الأجهزة الأمنية في معركة سياسية داخلية.
في النهاية، لا تُقرأ هذه التحركات بمعزل عن السياق الانتخابي أو الطموحات الرئاسية المستقبلية، إذ يسعى ترامب إلى تكريس صورة "الرئيس الحازم" القادر على فرض الأمن، ولو على حساب التوازن الفيدرالي والدستوري. لكن ما يبدو حملة أمنية، قد ينقلب إلى اختبار دقيق لمبدأ الفصل بين السلطات، ولحدود تدخل الفيدرالية في الشأن المحلي.